خبر وتعليق كيف يقوم الصليبيون الاستعماريون بتشويه الحقائق (مترجم)
الخبر:
في يوم الخميس 2 كانون الثاني/يناير، قام وفد من أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي بقيادة السناتور ميتش ماكونيل بزيارة إلى أفغانستان. وقد التقوا في كابول بالرئيس كرزاي والبرلمانيين الأفغان، لدفع المحادثات لتوقيع اتفاق أمني ثنائي حاسم ووقف الإفراج عن السجناء الذين تعتبرهم الولايات المتحدة تهديدا خطيرا للأمن. وقال السناتور الجمهوري ليندسي غراهام للصحفيين في مؤتمر صحفي في كابول يوم الخميس “إذا تم هذا الإفراج فإنه سيكون ضررا للعلاقات الثنائية لا يمكن إصلاحه”. وقال عضو آخر في الوفد الأميركي، جون ميكان، “أننا إذا نظرنا إلى الوراء في السنوات الـ 13 الماضية من أفغانستان فإننا نرى تطورا ملموسا. إنه محوري بالنسبة لنا الآن عدم تكرار ما حدث في العراق. لقد نجحنا في العراق ولكن منذ أن غادرناها لم يبق الوضع نفسه، نحن لم نتمكن من أن نصل إلى مستوى إحلال السلام والأمن في العراق”.
التعليق:
لقد قتلت أمريكا منذ بدء “الحرب على الإرهاب” ضد الأمة الإسلامية، حوالي 50,000 مسلمٍ في أفغانستان، و126,000 في العراق و36,000 في باكستان، مقابل حوالي 2977 ضحايا 11/9/2001. بالإضافة إلى ذلك، أصيب مئات الآلاف من الناس وتم اعتقال آلاف آخرين في سجون باغرام، وقندهار، وأبو غريب، وخليج جوانتانامو، ومئات المسجونين في سجون سرية تحت الإهانة الشديدة، فضلا عن ملايين المسلمين الذين شردوا ونزحوا بسبب الهجمة الهمجية الواقعة عليهم من قبل الاحتلال الأمريكي الغاشم. هذه الإحصاءات المذهلة هي دلالة على أن الأمة الإسلامية على استعداد لتقديم أي تضحية للوقوف ضد الوحشية والإرهاب الحقيقي من الولايات المتحدة والقوات المتحالفة معها. وبشكل مخزٍ، يتم كل هذا باسم الديمقراطية والحرية، وحقوق الإنسان، والعولمة، والدولة المدنية، والمجتمع المدني وغيرها من الكلمات القذرة المغلفة بالسكّر.
علاوة على ذلك، فمنذ بضعة أشهر سلمت – ظاهريا – القوات الأميركية الغازية مسؤولية إدارة سجن باغرام إلى الحكومة الأفغانية ليصبح بهذا قرابة 3085 سجيناً تحت مسؤولية الحكومة الأفغانية بينما لا يزال 400 سجينٍ أفغانيٍّ و50 سجينا آخرون من بلدان أخرى تحت سيطرة القوات الأمريكية ولم يتم تسليمهم إلى السلطات الأفغانية. وهؤلاء الـ 88 سجيناً الذين تخشى أمريكا الإفراج عنهم، هم مع السلطات الأفغانية. قبل أيام قليلة تم إطلاق سراح 650 سجينا من سجن باغرام بسبب عدم وجود أدلة ضدهم. وقد واجه هذا العمل من الحكومة الأفغانية ردَّ فعل صارخًا من قبل السلطات الأمريكية، لأنه يفضح الحبس غير القانوني وغير العادل للسجناء ويكشف عن “السجن الأسود” السري حيث يتعرض السجناء فيه للتعذيب الوحشي والمخزي من قبل الغزاة الذين لا يرحمون.
وقال عبد الشكور دادرس، وهو أحد أعضاء لجنة سجناء باغرام لوسائل الإعلام “عندما التقيت السجناء، قالوا لي أنه تم وضع كل واحد منهم في “السجن الأسود” لأكثر أو أقل من شهر واحد. وقالوا لا نستطيع أن نتحدث كثيرا عن ما مررنا به في “السجن الأسود” ولكن لم يكن هناك ضوء على الإطلاق، وكان المكان مظلمًا للغاية. وقالوا أيضا أن “السجن الأسود” هذا يبعد عن سجن باغرام بحوالي 7-10 دقائق”.
والآن، مع وضع كل هذا في الاعتبار، تفكر في المنطق الذي قدمه أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي، الذي يهمل السجن اللا إنساني والإهانة للمسلمين الأبرياء على أيدي المتوحشين الأمريكيين ولكنهم يتخوفون بشأن 88 سجينا الذين قاموا بإرسال القوات الغازية لأسوأ نيران الجحيم، وكذلك يعتبرون ذلك مصدر خلاف بين الولايات المتحدة والحكومة الأفغانية العميلة لها.
وعلاوة على ذلك، فإن النفاق المطلق لحكومة الولايات المتحدة يمكن أن يرى من خلال بيان جون ميكان الذي من ناحية، يلقي اللوم على الغزو الأمريكي للفوضى في العراق، ومن ناحية أخرى يعطي الانطباع للشعب الأفغاني بأنه، إذا انسحبت الولايات المتحدة من أفغانستان، فإنه مثل العراق سوف يواجه أيضا المصير نفسه، وبالتالي فإن على الولايات المتحدة ألا تكرر الخطأ نفسه في أفغانستان ويجب أن تبقى هنا لفترة طويلة. لقد فشل هذا في إدراك أن الحكومة الأمريكية نفسها كانت قد وقعت كلا من الاتفاقية الأمنية والاستراتيجية مع العراق، والتي يتم بموجبها منح الآلاف من المسؤولين العسكريين والمخابرات الأمريكية الحصانة الدبلوماسية من أي جريمة يرتكبونها على الأراضي العراقية. إنها تلك الأجهزة الأمنية الخاصة والوكالات الاستخباراتية نفسها والمسؤولين العسكريين أنفسهم الذين هم السبب الحقيقي لحالة الفوضى في العراق، والتي بسببها يموت المئات من الناس بصورة يومية في العراق. كما أنهم قد قسموا العراق أيضا على أساس القبلية والطائفية والقومية، وكذلك يحاولون فعل الشيء نفسه في أفغانستان كي يكون مبررا لوجودهم فيها.
وأخيرا، إذا قام المسلمون بتحليل المآسي والمشاكل في كل ركن من أركان البلاد الإسلامية، فإنهم سيشهدون أن السبب الأول في كل هذا هو الاستعمار الغربي، ومبدؤهم الشرير، وحضارتهم الفاشلة، وقبل كل شيء الدمى الحاكمة في العالم الإسلامي. وفي الواقع فإن الغرب والحكام الخونة في العالم الإسلامي لا يريدون المسلمين أن يتوحّدوا تحت مظلة الخلافة الإسلامية أو أن يتحدَّوا أيديولوجيتهم الرأسمالية العلمانية الهشة، والتي هي في الحقيقة على وشك انهيار غير قابل للاسترجاع.
قال الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم: ﴿قاتلهم الله أنى يؤفكون﴾.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
سيف الله مستنير
كابول – ولاية أفغانستان