خبر وتعليق لقد انتهت فترة نمو حزب العدالة والتنمية بعد الآن
الخبر:
صحيفة صباح التركية – على الأقوال التالية ليالشين أكدوغان مستشار رئيس الوزراء طيب أردوغان بعد عملية الفساد في 17 ديسمبر: “الذين يحيكون مؤامرة على جيشنا الوطني، واستخباراتنا الوطنية، وبنكنا الوطني، وسلطتنا المدنية” قدمت هيئة الأركان العامة شكوى جنائية في مكتب المدعي العام للجمهورية في أنقرة. في الشكوى الجنائية زعم أنه تم التلاعب في الأدلة في القضايا التي حكم فيها على أفراد القوات المسلحة التركية مثل المطرقة والأرجنيكون. فقدمت هيئة الأركان العامة شكوى جنائية لمئات من العاملين والمتقاعدين من موظفيها الذين تم الحكم عليهم في قضايا المطرقة والأرجنيكون.
التعليق:
بإمكاننا القول أن عام 2013 هو أصعب عام من الأعوام الـ11 التي مرت بها حكومة حزب العدالة والتنمية. لكن رئيس الوزراء أردوغان كان قد صرح مسبقا أن أكثر فترة مضطربة مر بها الحزب هي الفترة التي حصلت فيها حادثتا “قضية إغلاق الحزب، وأزمة 367”. أما إذا سُئل حاليا السؤال نفسه فأظن جوابه سيكون عما عاشه في سياق “أحداث غيزي بارك” و”عملية الفساد” اللتين حدثتا في عام 2013.
إن عملية الفساد وضعت حزب العدالة والتنمية في موضع سيسجل في التاريخ على أن “17 ديسمبر” هو التاريخ الذي بدأ فيه سقوط حزب العدالة والتنمية. وأن التعبير عن هذه العملية التي قبضت على وزراء حزب العدالة والتنمية على حين غرة بـ”المؤامرة الدولية التي استخدمت المتعاونين المحليين أيضا” تشكل الميناء الوحيد الذي سيلوذون إليه لتخطي الإدراك الذي سينشأ لدى الشعب. وفي أول لحظات شيوع العملية احتارت وسائل الإعلام الموالية لحزب العدالة والتنمية ماذا تفعل. ورفض السياسيون الميكروفونات الممدودة لهم. فلم يرتاحوا حتى وقوف أردوغان في نهاية المطاف بشجاعة في جيريسون وإشارته إلى “السفراء”، وتعيينه مدعين عامين إضافيين وتوزيع رؤساء الشرطة.
وبينما تعتبر الجماعة ووسائل الإعلام الوطنية أن أساس العملية “الفساد والرشوة”، فإن حكومة حزب العدالة والتنمية كانت تروج أنها “انقلاب على الحكومة”.
إن الحكومة تعلم أنها بالخطوات التي تخطوها حاليا لن تتمكن من الخروج من الأزمة وإعادة اعتبارها وسمعتها، لذلك فإنها بدأت باستخدام استراتيجيات أخرى.
الأولى: بما يتعلق بالمسألة الكردية. من الآن فصاعدا ستقوم الحكومة باتخاذ خطوات جريئة بما يتعلق بعملية الحل لجذب المزيد من الجمهور إلى جانبها. إلا أن أول بادرة جاءت مع الإفراج عن النواب المعتقلين. فهذا يقابله الالتزام بالصمت من قبل حزب السلام والديمقراطية الذي اعتبر العملية فرصة يجب أن يستغلها.
بالإضافة إلى أنه تم مساندة هذه الخطوة من قبل قطاعات عديدة، ولكن يبدو أن ذلك حتى لم يكن كافيا لإصلاح صورته مما دفعه إلى اتخاذ خطوات أكبر.
الثانية: ما ورد في الخبر أعلاه. إفادة أردوغان بنفسه عن إمكانية إعادة المحاكمة لقضايا مثل الأرجنيكون والمطرقة التي لا تزال مستمرة من تاريخ 12 حزيران 2007 وحتى اليوم. وحتى لو أن مستشار أردوغان يالجين أكدوغان قام بالتصريح “تم مؤامرة على الجيش الوطني” إلا أن أكدوغان لا يقوم بهذا التصريح بإرادته هو. وهذا ما ظهر بعد ذلك. وقد طلب رئيس الأركان إعادة المحاكم بتقديم شكوى جنائية بشأن؛ “قضايا الأرجنيكون والمطرقة التي تمت فيها محاكمة العاملين والمتقاعدين من الموظفين والتي تم التلاعب في الأدلة في القضايا التي حكم فيها على أفراد القوات المسلحة التركية مثل المطرقة والأرجنيكون.” فلا بد أنه قد تم التحضير لهذا الموضوع من قبل حيث تتابعت التصريحات أولا من قبل المستشار أكدوغان، ثم تلاه رئيس هيئة الأركان العامة، وبعد ذلك من أردوغان رئيس الوزراء.
وهذا يعني أن حكومة حزب العدالة والتنمية سكبت البنزين على جميع المحاكمات التي قامت بها مع الجماعة بالعديد من المؤامرات والتلاعبات بقولها “سنزيل نظام الوصاية”، و “نقوم بمحاكمة المتآمرين”، كما أظهرت أن الجاني هو الجماعة. خاصة أن القسم العلماني – القومي لم يقطع الأمل من هذه المحاكمات أبدا واستمر في تتبعها. كما أعتقد أنهم حصلوا على مبتغاهم مع التحقيق في الفساد. وبالتالي تمكن رئيس الوزراء أردوغان من خفض صوت الأحزاب ووسائل الإعلام المعارضة ولو قليلا.
إن تحقيق 17 ديسمبر قد أظهر لنا مرة أخرى حقيقة تركيا الثابتة. في الماضي كانت الانقسامات تكون بين اليميني واليساري، أو بين السنة والعلويين، إلا أنه مؤخرا أصبحت بين أنصار الأرجنيكون والمعارضين له، وبين أنصار الأسد والمعارضين له، وفي مصر بين الموالين للانقلاب والمعارضين له، وبين الموالين لأحداث غيزي والمعارضين لها، وبين أنصار حزب العدالة والتنمية والمعارضين له. وقد قامت 97 من المؤسسات غير الحكومية بإعلان دعمها في هذه العملية لـ “حزب العدالة والتنمية والديمقراطية”.
إذن فعلى أي جانب من هذا الصراع الأخير يجب أن نقف نحن؟! فكلا الجانبين في هذا الصراع يسعيان للحصول على دور أكبر في هذه السلطة العلمانية (التي لا تريد تدخل الله سبحانه وتعالى في الحياة). لذلك فبينما يدافع أحدهما عن هراء “الدفاع عن الإرادة الوطنية” يحاول الآخر إقناعنا بقوله “محاربة الفساد”. إن واجبنا هنا بالضبط ليس مساندة أي من هذين العاشقين السابقين، ولكن مساندة ما أمرنا به الله سبحانه، ألا وهو مساندة دين الإسلام الذين اختاره لنا والعاملين ليل نهار لإقامة الخلافة الإسلامية.
فلم يبق في السجون أي من الذين بدؤوا المطاردة لجميع الشرائح التي تحمل علامات الإسلام وانقلاب 28 شباط. إلا أن المسلمين ضحايا العقلية الكمالية هذه، بعضهم لا يزال في السجون، وآخرون ينتظرون يوم اعتقالهم. وأخيرا يا ترى هل سيعيد النظر من يدعم حزب العدالة والتنمية في حملاته الأخيرة التي مهدت الطريق لإعادة محاكمة معتقلي الأرجنيكون والمطرقة؟!
إن مقولة الرئيس عبد الله جول، “نحن على متن السفينة ذاتها، فإذا غرقت نغرق جميعا” ليست قولا فارغا أبدا.
فبالتأكيد ستغرق هذه السفينة ولكن سيكون على متنها “من يخرقون السفينة ومن يتركهم وما أرادوا” ولسوف يهلكون جميعا.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
عثمان يلديز