خبر وتعليق حصادُ عامٍ غارِقٍ بِدماءِ المُسلمين
الخبر:
شهد عام 2013م العديد من الأحداث السياسية المؤثرة على المستوى الدولي، والساحتين العربية والغربية. وتوزعت الأحداث، بين أحداث داخلية إقليمية، أحدثت تغييراً ملموساً في رسم خريطة العالم السياسية، وأخرى دولية، كان لها صدى مؤثر في بوصلة العلاقات الدولية الجديدة ورسم ملامح المستقبل.
التعليق:
لا شك في أن العام الماضي، الذي انتهى مؤخراً، كان حافلاً بتغيرات كثيرة على كافّة الأصعدة، ولنجملها نكتفي بذكر ما يخصنا نحن المسلمين. وأولى القضايا، قضية المسلمين المركزية (الاستعمار وكيان يهود)، فرحلات وزير خارجية أمريكا (جون كيري) المكوكية بين أمريكا والشرق الأوسط، وزياراته المتكررة لكيان يهود، وجهازها الأمني (السلطة الفلسطينية)، ودول الجوار، كالأردن ومصر، هي كلها للحفاظ على مصالح الولايات المتحدة، والحرص على بقاء هذا الخنجر (كيان يهود) في قلب العالم الإسلامي، والحيلولة دون قيام دولة الإسلام.
وأما ثانية القضايا، فهي قضية مصر الكنانة، التي لا تبعد عن أرض الإسراء والمعراج كثيراً، فبعد أن سقط “الإسلاميون” في شباك الاستعمار، وقبلوا بما فرضه عليهم من تنازلات عن أساسيات العمل السياسي على أساس الإسلام، وقبلوا بالمشاركة في لعبة الديمقراطية القذرة، تنكر الاستعمار لهم، وانقلب عليهم، ونكل بهم، وقتل أفرادهم، وألقى بآخرين منهم خلف القضبان. ولو أنهم سمعوا نصيحة أميرنا العالم عطاء بن خليل أبو الرشتة الصادقة المخلصة، بأن لا يتركوا للغرب مجالاً لخداعهم والتحكم بهم، لما أصبحوا أضحوكة الغرب، ولما صار عند القليل نظرة أن الإسلام لا يصلح للحكم، وهذا عن الحق ببعيد.
والثالثة هي قضية أهلنا في أرض عقبة بن نافع (تونس)، فهي لا تختلف عن مصر في شيء، فهي تسير على خطى الإخوان دون تزحزح قيد أنملة، وكأنهم نسوا قول الحبيب المصطفى: «لا يلدغ المؤمن من جحر واحد مرتين»، فها هم يسارعون في مساعدة العلمانيين في العودة إلى سدة الحكم بشكلهم وهندامهم السابق، غاضّين الطرف عن الإسلام والتزاماته، وكأن لسان حالهم يقول، نتحالف مع أيٍّ كان للوصول إلى الحكم!
وأخيراً، جرحنا النازف في شامنا الحبيبة، فها هي الثورة تسطر في التاريخ أروع البطولات والانتصارات على الغرب الكافر وأعوانه في المنطقة، حزب إيران في لبنان، وأعوان المالكي في العراق. وليس هذا فحسب، بل ها هم أبطال الشام يحبطون المؤامرات التي تحاك ضدهم من كل جانب، ويثبتون أقدامهم على الأرض بما توفر لديهم من إمكانيات بسيطة.
إنّ هذه الثورة كشفت زيف اللئام، فها هو العالم كله يشهد تخاذل حكام العرب والمسلمين عن نصرتهم وإنقاذهم من بطش هذا الكيان الغاشم المستبد (نظام الأسد)، فتركوهم لقمة سائغة بين أيادي أشد الناس عداء للإسلام والمسلمين، لا لشيء إلا لأنهم نادوا بأعلى صوتهم: “نريد تحكيم شرع الله”، و”هي لله، هي لله”.
إنّ هذا ليس كل ما حدث في العام الماضي، ولكنه غيض من فيض، فهناك قصف أمريكا لصومال المسلمين، وقتلها لأهل اليمن الأبرياء وللمخلصين في باكستان بالطائرات بدون طيار، وقصفها المتعمد والعشوائي في شرق البلاد وغربها، على مسمع حكامها! وهناك ما يحدث في ميانمار من قتل وتهجير وحرق وتدمير للبيوت لأنهم يقولون ربنا الله! وأخيراً ما قد فعله النظام المتهالك الفاسد الروسي بحق إخواننا من حملة الدعوة، من اعتقال وقتل وتصفية، لم يفعله إلا لأنهم شباب أرادوا العزة لهذه الأمة، التي تنتظر خليفة راشدًا يحكمهم بالقرآن والسنة، فينصفهم، ويردّ حقوقهم، ويعاقب من ظلمهم، ونأمل من الله أنّ يعّجل في هذا اليوم، الذي نراه قريباً ويرونه بعيداً.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أبو يوسف