خبر وتعليق أضواء على أحداث أوكرانيا
الخبر:
نزل مئات الآلاف من الأوكرانيين إلى الشوارع احتجاجا على رفض الرئيس فيكتور يانوكوفيتش تنفيذ الاتفاقيات التجارية التي جرى التوصل إليها مع الاتحاد الأوروبي. وكان الرفض لعدة أسباب منها اشتراط الاتحاد الأوروبي الإفراج عن رئيسة المعارضة تيموشينكو.
التعليق:
لفهم ما يجري، يجب أن نسلط الضوء على النقاط التالية:
1. أوكرانيا بصفتها اسماً يترجم حرفيا بالدولة التي تقع “على الحافة”، وقد كان هذا واقع أوكرانيا لقرون مضت. ففي القرن السابع والثامن عشر، كانت أوكرانيا منقسمة بين روسيا وبولندة والدولة العثمانية. وفي القرن التاسع عشر، كانت أوكرانيا منقسمة بين روسيا والنمسا. وفي القرن العشرين، كانت أوكرانيا جزءاً من الإتحاد السوفيتي. واليوم، تقع أوكرانيا على الحافة بين روسيا وأوروبا.
2. عندما حصلت أوكرانيا على استقلالها من الاتحاد السوفيتي عام 1991، كانت أوكرانيا منقسمة سياسيا وحتى على صعيد اللغة المستخدمة. فالأوكرانيون الذي يسكنون في غربي أوكرانيا يتحدثون اللغة الأوكرانية ويريدون أن يكونوا جزءاً من الاتحاد الأوروبي. بينما الأوكرانيون الذين يسكنون في شرقي أوكرانيا يتحدثون اللغة الروسية، ويعتنقون المذهب الأرثودوكسي، ويريدون أن يكونوا أقرب إلى روسيا. مع العلم بأن كليهما يريد لأوكرانيا أن تكون دولة مستقلة في الوقت ذاته.
3. ترى روسيا أن أهمية أوكرانيا بالنسبة لها تكمن فيما يلي:
– أن روسيا تشترك مع أوكرانيا في أكثر من 700 كم من الحدود البرية.
– تطل أوكرانيا على مدخل روسيا على البحر الأسود.
– تعتبر أوكرانيا ممر أنابيب الطاقة الروسية لأوروبا.
ولذلك، تعمل روسيا على كسب أوكرانيا من خلال التالي:
– إدخالها في بعض التكتلات كالاتحاد الجمركي.
– تقديم خصومات مغرية على أسعار الطاقة.
– إبقاء الحدود المفتوحة نسبياً بين البلدين.
– إحياء الشراكات الصناعية القديمة التي كانت قائمة في عهد الاتحاد السوفييتي.
4. يرى الاتحاد الأوروبي أن أهمية أوكرانيا بالنسبة له تكمن فيما يلي:
– أن أوكرانيا تعد بمثابة الجدار الفاصل بين روسيا وأوروبا الشرقية الذي يحصّن أوروبا من التوسع الروسي.
– أنه ومن خلال أوكرانيا يَعبر إلى أوروبا 80% من الغاز الطبيعي الروسي الذي يشكل ربع الاستهلاك الأوروبي.
ولذلك، تعمل أوروبا على كسب أوكرانيا بإغرائها بالمال وبالحلول البديلة عن اعتمادها الكامل على الغاز الروسي.
5. قامت روسيا بالضغوط والمغريات التالية في الأشهر القليلة الماضية لتعدل أوكرانيا عن تفكيرها بالتقرب إلى الاتحاد الأوروبي:
– خفضت روسيا استيراداتها من أوكرانيا.
– شددت روسيا من الإجراءات الجمركية على البضاعة القادمة من أوكرانيا، والتي كلفت أوكرانيا 500 مليون دولار.
– قدمت روسيا لأوكرانيا مساعدة مادية، على شكل قروض، بقيمة 15 مليار دولار.
– قدمت روسيا خصومات مغرية بمعدل 33% في أسعار الغاز لأوكرانيا.
إلا أنه وكما ذكر أعلاه فإن نسبة كبيرة من أهل أوكرانيا يريدون أن يكونوا جزءاً من الاتحاد الأوروبي، وهذا ما دفعهم للخروج والتظاهر.
6. ختاما، يميل الرئيس الأوكراني الحالي، فيكتور يانوكوفيتش، إلى روسيا، وقد كان مرشحها المفضل في انتخابات 2004 و 2010، إلا أنه في الوقت ذاته يجد نفسه مضطرا إلى أن يتقارب مع الاتحاد الأوروبي بسبب الضغوط الداخلية والخارجية، لحرصه على النجاح في انتخابات 2015، دون أن يميل كل الميل. وروسيا تدرك ذلك، فخير لها أن يبقى يانوكوفيتش من أن يأتي الموالون للغرب الذين سيعملون على الابتعاد عن روسيا نحو الغرب مما يعرض المصالح الروسية للخطر.
نسأل الله أن يمن على أمة الإسلام بالخلافة الراشدة الثانية والتي بوعيها السياسي ستستغل مثل هذه الأحداث والتركيبات خدمة لنشر الإسلام بالدعوة والجهاد.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أبو عيسى