خبر وتعليق مصر بين عسكرة الدولة والمعونة الأمريكية ووهم الديمقراطية
الخبر:
قالت صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية إن دعوة الفريق أول عبد الفتاح السيسي، وزير الدفاع والإنتاج الحربي، المصريين للمشاركة في الاستفتاء على الدستور، بالإضافة إلى ما تداولته وسائل الإعلام المصرية حول نسبة التصويت بـ«نعم» في الاستفتاء، والتي تصل إلى 98%، بحسب تلك الوسائل، “تعيد إلى الذكريات انتخابات الرئاسة ذات الجانب الواحد في 2005، التي نجح فيها مبارك بالتزوير”.
سي إن إن: الكونجرس الأمريكي يقترب من إنهاء تجميد المساعدات لمصر:
“رغم أن إدارة أوباما لم تعتبر يومًا قيام الجيش المصري بـ”عزل” مرسي، في يوليو الماضي، على أنه “انقلاب عسكري”، إلا أنها قامت، في أكتوبر الماضي، بتجميد بعض المساعدات إلى مصر.
وذكر مسئولون ومشرعون أمريكيون، ممن يؤيدون مشروع القرار، أنه يحقق التوازن المناسب بين تشجيع القاهرة على تبني إصلاحات ديمقراطية، والاستمرار في الالتزام الأمريكي بمساندة مصر”.
التعليق:
وهكذا يظهر فساد الديمقراطية وعدم واقعيتها وعمليتها في التعامل مع قضايا الإنسان والناس، ويظهر معها كذب مدعيها، وتناقض زاعميها، ولا يبقى منها سوى كونها وهمًا كبيرًا يُسوق له الغرب الاستعماري، وعلى رأسه أمريكا، في بلادنا إمعاناً في إخضاعنا لنموذج عيش ممسوخ من نموذجه الديمقراطي الليبرالي يسمح له بتبرير سحق هويتنا الإسلامية واستنزاف ثرواتنا، وحماية مصالحه الاقتصادية وحماية كيان يهود.
وهكذا واستمراراً لمحاولات الاحتواء والالتفاف والإجهاض التي تقوم بها أمريكا لثورة أهل مصر الكنانة في الخامس والعشرين من يناير منذ هبتها مستخدمةً قادة المؤسسة العسكرية في تنفيذ مخططها هذا، وبعد أن استدرجت الإخوان المسلمين في لعبتها الديمقراطية، لاحتواء الرغبة الجارفة في اندفاع أهل مصر الكنانة نحو حكم الإسلام وتطبيق شرعه، صنعت منهم العدو الرهيب الذي لا بد وأن يتجه إليه جميع أهل مصر الكنانة بالعداء والإقصاء والازدراء، وكل ذلك أيضاً تم عن طريق قادة المؤسسة العسكرية، الأداة الأمريكية التي ما غابت يوماً عن الساحة السياسية المصرية منذ سيطرة أمريكا عليها، وكل هذا، من استدراج إلى عداء، وإلى إقصاءٍ وازدراءٍ، تم بوهم الديمقراطية أيضاً!!.
والآن يتم التسويق والترسيخ لدستورٍ يُعلي من شأن هذه القيم الديمقراطية الواهية الموهومة بتناقض عجيب يوجد على الأرض عملياً فاشية عسكرية لقادة المؤسسة العسكرية تعطي وزير الدفاع والمجلس الأعلى للقوات المسلحة صلاحيات تجعلهم دولةً فوق الدولة!، في الوقت نفسه الذي تبدأ فيه الإدارة الأمريكية في مناقشة قانون أعجب، يكشف زيف ديمقراطيتهم وادعاءاتهم، قانون يتيح لهذه الإدارة أن تستأنف مدَّ النظام في مصر بما أوقفته من بعض المساعدات العسكرية، بعد تعرض هذه الإدارة لضغوط انتخابية من الجمهوريين ولضغوط من الرأي العام العالمي لاتخاذ موقف عقب قيام وزير الدفاع المصري بالانقلاب على ديمقراطيتهم المزعومة الموهومة وتحت رعايتها، حيث إن قوانينهم تدّعي أنه لا يجوز للإدارات الأمريكية مدّ الأنظمة الانقلابية على الديمقراطية بالمساعدات، ولكن حينما يتعلق الأمر بنفوذهم في مصر وبأمن كيان يهود وبالمصالح الأمريكية، فلا قيمة عندهم لأي قيم أخرى، فقد تقدّم مشرّعون بلجنة الاعتمادات بمجلس النواب الأمريكي «الكونجرس» باقتراح، للإبقاء على المساعدات العسكرية لمصر بمبلغ 1.3 مليار دولار في العام المقبل في مشروع قانون وصفها بأنها تمويل لمكافحة الإرهاب وبرامج أمن الحدود في شبه جزيرة سيناء في مصر. ومن قبل فقد صرح الجنرال مارتن ديمبسي، رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية، في شهادته في جلسة أمام لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ، للنظر في تمديد خدمته بمنصبه، إنه ينبغي الإبقاء على المعونة العسكرية لمصر، ووصف المساعدات المقدمة لمصر بالاستثمار الناجح والمستحق!.
إذن هذه هي حقيقة الأحداث والصراع القائم في مصر الكنانة الآن، صراعٌ في حقيقته هو أنه صراع إرادات بين أهل مصر الكنانة ومحاولة انعتاقهم من التبعية الأمريكية والعودة إلى الهوية الإسلامية، وبين الإرادة الأمريكية بأداتها الفاشية العسكرية، في حلبة الوهم المصنوعة بيدها وهي حلبة الشرعية الديمقراطية، والمعدة لكي يتصارع فيها وبقوانينها المعارضون والمؤيدون إسلاميين كانوا أم غير إسلاميين، عسكريين أم غير عسكريين. وما لم تُدرك حقيقة الصراع، وحتمية الخروج من حلبة الشرعية الديمقراطية وكسر حلقتها، سيظل الحراك في الشارع المصري يتحرك حركة المذبوح، حتى يتبلور لديه مشروع نهضته الحقيقية القائم على أساس الإسلام كأيديولوجية لها وجهة نظرها في الحياة وهي العقيدة الإسلامية وتنبثق منها أنظمتها، المغايرة تماماً لأنظمة الغرب الليبرالية، والتي لا بد وأن تقوم على تطبيقها دولة إسلامية هي دولة الخلافة.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
علاء الدين الزناتي
رئيس لجنة الاتصالات بحزب التحرير – ولاية مصر