مع الحديث الشريف السمسرة
نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم “مع الحديث الشريف” ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
روى أبو داوود في سننه قال:
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي غَرَزَةَ قَالَ:
“كُنَّا فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نُسَمَّى السَّمَاسِرَةَ فَمَرَّ بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَمَّانَا بِاسْمٍ هُوَ أَحْسَنُ مِنْهُ فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ التُّجَّارِ إِنَّ الْبَيْعَ يَحْضُرُهُ اللَّغْوُ وَالْحَلْفُ فَشُوبُوهُ بِالصَّدَقَةِ”.
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ:
(نُسَمَّى): بِصِيغَةِ الْمَجْهُول. (السَّمَاسِرَة): بِالنَّصْبِ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُول ثَانٍ وَهُوَ بِفَتْحِ السِّين الْأُولَى وَكَسْر الثَّانِيَة جَمْع سِمْسَار. قَالَ فِي النِّهَايَة: السِّمْسَار الْقَيِّم بِالْأَمْرِ الْحَافِظ لَهُ، وَهُوَ اِسْم الَّذِي يَدْخُل بَيْن الْبَائِع وَالْمُشْتَرِي مُتَوَسِّطًا لِإِمْضَاءِ الْبَيْع، وَالسَّمْسَرَة، الْبَيْع وَالشِّرَاء اِنْتَهَى.
(فَسَمَّانَا بِاسْمِ هُوَ أَحْسَن مِنْهُ): أَيْ مِنْ اِسْمنَا الْأَوَّل. قَالَ أَبُو سُلَيْمَان الْخَطَّابِيُّ: السِّمْسَار أَعْجَمِيّ، وَكَانَ كَثِير مِمَّنْ يُعَالِج الْبَيْع وَالشِّرَاء فِيهِمْ عُجْمًا فَتَلَقَّوْا هَذَا الِاسْم عَنْهُمْ فَغَيَّرَهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى التِّجَارَة الَّتِي هِيَ مِنْ الْأَسْمَاء الْعَرَبِيَّة، وَذَلِكَ مَعْنَى قَوْله فَسَمَّانَا بِاسْمٍ هُوَ أَحْسَن مِنْهُ اِنْتَهَى.
(إِنَّ الْبَيْع يَحْضُرهُ اللَّغْو): أَيْ غَالِبًا وَهُوَ مِنْ الْكَلَام: مَا لَا يُعْتَدّ بِهِ، وَقِيلَ هُوَ الَّذِي يُورِد: لَا عَنْ رَوِيَّة وَفِكْر, فَيَجْرِي مَجْرَى اللَّغْو, وَهُوَ صَوْت الْعَصَافِير. ذَكَرَهُ الطِّيبِيُّ. قَالَ الْقَارِيّ: وَالظَّاهِر أَنَّ الْمُرَاد مِنْهُ مَا لَا يَعْنِيه وَمَا لَا طَائِل تَحْته وَمَا لَا يَنْفَعهُ فِي دِينه وَدُنْيَاهُ اِنْتَهَى.
(وَالْحَلِف): أَيْ إِكْثَاره أو الْكَاذِب مِنْهُ
(فَشُوبُوهُ): بِضَمِّ أَوَّله أَيْ اِخْلِطُوا مَا ذُكِرَ مِنْ اللَّغْو وَالْحَلِف قَالَهُ الْقَارِيّ. وَيُحْتَمَل أَنْ يَرْجِع الضَّمِير الْمَنْصُوب إلى الْبَيْع
(بِالصَّدَقَةِ): فإنهَا تُطْفِئ غَضَب الرَّبّ
من الأعمال التي يكسب منها العامل كسبا مباحا والتي دل عليها حديثنا لهذا اليوم ….السمسرة
والسمسار هو الذي يتوسط بين البائع والمشتري لإمضاء البيع مقابل أجر من أحدهما (البائع أو المشتري) فهو في واقعه وكيل عن أحد طرفي البيع
إذ السمسار يتوكل ببيع سلعة لأحدهم نيابة عنه مقابل أجر معين ….. أو يتوكل بشراء سلعة لأحدهم مقابل أجر معين
ويشترط في عمل السمسار أن يكون العمل الذي استؤجر له سواء للبيع أو الشراء معلوما إما بالمدة أو بالسلعة
وبالمدة كأنْ يستأجره ليبيع له أو يشتري له مدة يوم أو شهر أو أسبوع ….
وبالسلعة كأن يستأجره ليبيع أو يشتري له سلعة معينة بيتا أو سيارة أو ما شابه
أما أن يستأجر على عمل مجهول فلا يجوز ….
ولا بد لي من ذكر معاملة محرمة يتعامل بها بعض الأجراء في هذا الزمان الذي غابت فيه أحكام الإسلام عن الحياة فضعف فهمها والالتزام بها خاصة المعاملات المالية ….
ذلك أن بعض الأجراء يرسلهم صاحب عملهم لشراء بضاعة ….فيشترون من تاجر ما ويعطيهم التاجر أجراً لأنهم اشتروا منه ..فيأخذونه باعتباره سمسرة …..
فليحذر من يفعل ذلك من الأجراء ….فهذا ليس سمسرة وما أخذه من التاجر هو مال حرام ….وكذلك لو خفض له التاجر من ثمن البضاعة فالفرق في الثمن هو من حق صاحب العمل وليس من حق الأجير لأن هذا أيضاً ليس من السمسرة في شيء.
وبعبارة أخرى ….لا يجوز للأجير عند تاجر معين أن يعمل سمسارا لتاجر آخر تعامل مع رب عمله بيعا أو شراء ….فهو يأخذ أجره من صاحب عمله حلالا …فإن أخذ أجرة من الطرف الآخر كان مالا حراما وليس حلالا.
كم حري بنا أن نعود إلى ديننا ونتعلم أحكام ربنا خاصة في المعاملات فهي غائبة عن الكثير منا …مع أن الحساب عليها يوم القيامة عسير. فالحري بنا إذا أن نعمل على إعادة دولة الإسلام التي تعيد حكم الله إلى الحياة, ليتعلمه ويلتزمه المسلمون فيقون أنفسهم من حساب يوم تشخص فيه الأبصار.
أحبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.