حكومة السودان لم ترعوِ وما تزال تقدم التنازلات لكل من هب ودب من الأوروبيين والأمريكان
أوردت قناة الشروق يوم الأحد الموافق 2014/1/26م في أخبار التاسعة مساء قول وزير الخارجية علي كرتي في مؤتمره الصحفي عقب لقائه وزير خارجية النرويج (بورقا براندا) الذي زار البلاد (أن الحكومة مستعدة للتفاوض بشأن جنوب كردفان والنيل الأزرق) وبدوره (أوضح وزير الخارجية النرويجي بورقا براندا في تصريحات صحفية عقب لقائه اليوم بالقصر الجمهوري النائب الأول لرئيس الجمهورية الفريق أول ركن بكري حسن صالح أن اللقاء تناول الأوضاع في دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان وأهمية تجديد الحوار مع حاملي السلاح لتفادي المزيد من النزاع مؤكداً دعم النرويج عبر “الترويكا” لجهود تحقيق السلام والاستقرار في السودان (موقع تلفزيون السودان 2014/1/26م).
أصبحنا نرى يومياً رأي العين كيف أن حكومة السودان سادرة في غيها، ولم ترعوِ مما فعلته بالسودان – وشعبه الطيبين وأرضه – من تقسيم بلادهم وتضييق الحياة عليهم وإشعال الحروب في مناطقهم، وظلمهم وإبعادهم عن نهج ربهم في الحياة والدولة والمجتمع، فأصبحنا نرى ونسمع كأننا في كابوس نتمنى أن يزول بأي ثمن، وها هي الحكومة على لسان وزير خارجيتها تقدم المزيد من التنازلات للغرب الكافر وتعلن استعدادها لتنفيذ مخططاته الخبيثة وأوامره بل مستعدة لأي تفاوض حتى دون شروط بشأن جنوب كردفان والنيل الأزرق ودارفور، كأن هذه المناطق ملك يمينهم يتقاسمونها مع الحركات المتمردة التي أذاقت الناس الأمرَّيْن دون اعتبار لأهل السودان ولا أهل هذه المناطق؛ الذين لهم اليد الطولى قديماً وحديثاً لخدمة الإسلام والمسلمين، منذ أيام مملكة المسبعات ومملكة تقلي بكردفان وممالك الفونج وسنار وسلطنة دارفور قاهرة الاستعمار والقلعة الحصينة في وجوههم وكاسية أول بيت للناس بالأرض “الكعبة المشرفة”، مروراً بوقوف أهل هذه المناطق وغيرها مع الثورة المهدية التي قطعت رأس غردون في مثل هذه الأيام المباركات، والتي ما زالت ذكراها حية في نفوس أهل السودان، الذين قطعوا رأس الكافر المستعمر وعملائه من أبناء جلدتنا. كل هذا والحكومة سادرة في غيها ضاربة بالناس وعقيدتهم عرض الحائط وقلبها مطمئن ما دامت ترضي أسيادها وتنفذ لهم ما يريدون، لأنها استمدت وجودها وكذلك استمرارها منهم وليس من هذا الشعب وعقيدته، ولكنا نقول لها أن ساعة الغفلة والنوم واللامبالاة قد ودعتها الشعوب المسلمة منذ أمد، وها هي تهز عروش الظالمين وتسقطها واحدة تلو الأخرى.
يا أمة طوت العروش فلم تدع | فوق العروش معظَّما مختالا |
هزّت قلاع الظالميـــن فأحدثت | في كل أرض تحتهــا زلزالا |
وسمت بديــنٍ خالد لو طاولت | يدُه بروجَ النيّـــرات لطــــالا |
ما زال من فجر الخلافة ومْضةٌ | تحيي الرفاتَ وتبعث الآمـالا |
ونقول لأهلنا في السودان عامة وجنوب كردفان والنيل الأزرق ودارفور بصورة خاصة:
إنكم تقولون في مثلكم الشعبي (أن البخيت يشوف في أخوه والشقي يشوف في نفسه)، وأنتم قد رأيتم ما حل بأهلكم في جنوب السودان نتيجة لتنفيذ الحكومة أجندة الكافر المستعمر وجلوسها لمفاوضات المتمردين دون أي شرط، فكان المولود غير الشرعي لهذه المفاوضات جنين نيفاشا الخبيث وما سمي بحق تقرير المصير، فبتر الجنوب كله، وأهله، وأذاقهم الأمرَّيْن، فقرًا وتقتيلاً وظلما، وسلخًا لهم عن الإسلام وصدهم عن نشره في أدغال أفريقيا ومجاهلها، بل وتسليمهم بمسلميهم ووثنييهم للمؤسسات الكنسية والصهيونية، فنرى الآن ما يحل بهم. فاعلموا أن أعداءكم يريدون لكم المصير نفسه بنفس الوسائل والأدوات – الحكومة والمتمردين – وغيرهم عبر المفاوضات الخبيثة التي تحقق لهم ما لم يستطيعوا تحقيقه بالحرب، ولكنهم علموا بوعيكم ورفضكم القاطع لمؤامرة بتر الجنوب فغيروا لكم الألفاظ وبدلوا مصطلح تقرير المصير، وقالوا هذه المرة (الوحدة الطوعية) ظنا منهم أنهم يستطيعون خداعكم بها، ولكن هيهات، فخير أمة أخرجت للناس لن تلدغ من جحر مرتين، فها هو المارد الضخم الذي يتمدد من جاكرتا للرباط، ومن نيجيريا إلى الشيشان قد صحا من غفوته، وهو في طريقه للوقوف على رجليه لينهي عهد الذل والظلم، ويعيد العز والعدل للعالم، ويخرج أهل الأرض قاطبة من عبادة العباد لعبادة رب العباد، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة.
ونقول – ليس لحكومة السودان هذه المرة – ولكن لقواتنا المسلحة الباسلة: إنها حانت ساعة نفض أيديكم من هذا النظام الظالم الذي لم يستفد من الدروس والورطات المتكررة بل ما زال سائراً في ركاب الغرب المستعمر من أوروبيين وأمريكان، وما زال يخدع ويدغدغ مشاعر الناس بالإسلام، لأنه يعلم مدى شوقكم إليه وإجماعكم عليه واستعدادكم لبذل التضحيات الجسام في سبيله، لعله يجد سبيلاً لتنفيركم منه ومن دعاته المخلصين، فنقول لكم حققوا للأمة ما تريد، واقطعوا سبل الحياة عن هذا النظام البالي، فهذا واجبكم، وخذوا حذركم من الكفار المستعمرين الذين سيحاولون حينها أن يُبقوا على النظام الفاسد، ويستبدلوا عميلاً بعميل وظالم بظالم جديد، لأنهم يصرون على تصوير الأمر لنا بأن العيب في السائق وليس في كون العربة معطوبة. فنستمر ننحدر في الهاوية السحيقة برغم استبدال السائقين. ولكننا عازمون على تغيير العربة هذه المرة فنزيل النظام الجمهوري الديمقراطي المعطوب، ونعيد نظام الخلافة الراشدة وعد ربنا وبشرى رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم.
﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
الأستاذ/ النذير محمد حسين
عضو مجلس الولاية لحزب التحرير في ولاية السودان