مع الحديث الشريف إذا أتيت وكيلي
نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم “مع الحديث الشريف” ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
روى أبو داوود في سننه قال:
حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا عَمِّي حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ ابْنِ إِسْحَقَ عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ سَمِعَهُ يُحَدِّثُ قَالَ:
“أَرَدْتُ الْخُرُوجَ إِلَى خَيْبَرَ فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ وَقُلْتُ لَهُ إِنِّي أَرَدْتُ الْخُرُوجَ إِلَى خَيْبَرَ فَقَالَ إِذَا أَتَيْتَ وَكِيلِي فَخُذْ مِنْهُ خَمْسَةَ عَشَرَ وَسْقًا فَإِنْ ابْتَغَى مِنْكَ آيَةً فَضَعْ يَدَكَ عَلَى تَرْقُوَتِهِ”
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ:
(فَإِنْ اِبْتَغَى): أَيْ طَلَبَ (آيَة): أَيْ عَلَامَة
(فَضَعْ يَدك عَلَى تَرْقُوَته): بِفَتْحِ الْمُثَنَّاة مِنْ فَوْق وَسُكُون الرَّاء وَضَمّ الْقَاف وَفَتْح الْوَاو وَهِيَ الْعَظْم الَّذِي بَيْن ثُغْرَة النَّحْر وَالْعَاتِق، وَهُمَا تَرْقُوَتَانِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ كَذَا فِي النِّهَايَة.
وَفِي اللُّمَعَات: مُقَدَّم الْحَلْق فِي أَعْلَى الصَّدْر حَيْثُمَا يَرْقَى فِيهِ النَّفَس.
وَفِي الْحَدِيث دَلِيل عَلَى صِحَّة الْوَكَالَة، وَفِيهِ أَيْضًا دَلِيل عَلَى اِسْتِحْبَاب اِتِّخَاذ عَلَامَة بَيْن الْوَكِيل وَمُوَكِّله لَا يَطَّلِع عَلَيْهَا غَيْرهمَا لِيَعْتَمِد الْوَكِيل عَلَيْهَا فِي الدَّفْع، لِأَنَّهَا أَسْهَلُ مِنْ الْكِتَاب، فَقَدْ لَا يَكُون أَحَدهمَا مِمَّنْ يُحْسِنهَا، وَلِأَنَّ الْخَطّ يَشْتَبِه.
أحبتنا الكرام:
الوكالة هي تفويض من شخص لآخر بالقيام بعمل ما نيابة عنه،
وهي شرعاً: إسناد التصرف لشخص آخر يجوز تصرفه فيما تجوز فيه النيابة
ومما تجوز فيه النيابة: العقود كعقد الزواج والبيع والشراء والشراكة والإجارة والولاية.
أما ما لا تجوز فيه النيابة من الأعمال التي لا تقبل إلا من الشخص المكلف نفسه ولا يجوز أن ينيب عنه غيره في القيام به فلا تجوز فيه الوكالة كأن يسند إليه أن يصلي عنه، أو يصوم عنه رمضان، أو ما أشبه ذلك من الأعمال.
والوكالة من العقود المباحة التي يتعامل بها الناس منذ القدم وقد أقرها الإسلام، ففي حديثنا لهذا اليوم أوكل الرسول عنه شخصاً للقيام على أمواله في خيبر.
وإن عقود الشركات في الإسلام قائمة على الوكالة، فشريك المال في شركة المضاربة مثلا يوكل شريك البدن أن يقوم بالاتجار بماله نيابة عنه، أما في شركة العنان والأبدان فإن العقد يشتمل على توكيل كل شريك لشريكه أن يقوم بالأعمال المالية الخاصة بالشركة نيابة عنه، وباختصار فإن شريك البدن هو موكل بموجب العقد من قبل شريكه أو شركائه بالتصرف في الشركة نيابة عنه أو عنهم.
والوكالة لا تكون إلا من قبل شخص جائز التصرف لشخص جائز التصرف، فلا يوكل الطفل ولا المجنون ولا السفيه.
أما المرأة فيجوز لها أن توكل غيرها نيابة عنها وأن تتوكل نيابة عن غيرها في كل العقود إلا في عقود الولاية, فلا يجوز أن توكلها الأمة لتكون خليفة أو يوكلها الخليفة لتنوب عنه في الحكم لا معاون تفويض ولا والياً ولا عاملاً ولا أي موقع في الحكم, ولا يجوز لها أن تكون وكيلة عن الزوج أو الزوجة في عقد الزواج ….ذلك لأن الولاية لا تكون إلا للرجل. ويستثنى منها الولاية على المال …..فللمرأة أن تكون ولية على المال سواء أكان مالَها أو مالَ غيرها خاصة إن كان ولي المال المسؤول عن النفقة عليها وعلى عيالها سفيها أو بخيلا فإن الإسلام يعطيها الحق في أن تتولى النفقة على نفسها وعلى أسرتها.
أحبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.