خبر وتعليق صراع الأجنحة السياسية في الجزائر
الخبر:
أوردت صحيفة الخبر الجزائرية يوم 2014/2/6 خبرا تحت عنوان: تصريحات سعداني تفتح جراحا طوتها المصالحة.
التعليق:
تتطور الأحداث السياسية في الجزائر من حين لآخر وكان أهمها ما تداولته وسائل الإعلام المرئية والمكتوبة وعلى صفحات الشبكة العنكبوتية. تصريحات سعداني الجريئة بمطالبة الجنرال توفيق تقديم استقالته أو إحالته على المعاش لعجزه عن حماية أمن البلاد ورموز السلطة في أكثر من مناسبة. هذه التصريحات الجريئة التي لم يعهدها الشارع الجزائري أثارت مواقف متباينة من الفرقاء السياسيين بين داعم ومناوئ لها؛ حيث باركها كل من السعيد بوتفليقة وعبد المالك سلال الذي صرح قائلا: “سنتصدى لمحاولة ضرب الاستقرار بآخر قطرة من دمنا”، في إشارة إلى جهاز المخابرات بقيادة الجنرال التوفيق الذي عاد بقوة من أميركا بعد عطلة قضاها وزوجه هناك؛ حيث اتهمه عمار سعداني في خطاب له باغتياله (إن رأسي مستهدف)، أما حركة البناء الوطني فقد انتقدت تصريح سعداني من منطق أن الجزائر تمر بمنعرج خطير يعيد إلى الذاكرة محاولات المساس بالسيادة ووحدة الوطن، وذكر الأمين العام للحزب أحمد الدان أن الوطن تحيط به المخاطر الخارجية من كل الجهات وتهدد الأمن القومي للبلاد وتهدده التربصات الإقليمية والدولية في ظل إعادة رسم خارطة النفوذ والابتزاز الممنهجة. إضافة إلى تصريح عبد الرحمن بالعياط منسق المكتب السياسي في جبهة التحرير حيث قال “من يقتل من”، في إشارة إلى جناح بوتفليقة والمخابرات، وقال بالحرف الواحد “تصريحات سعدان لن تمضي دون عقاب”.
إن المدقق في الأحداث يلاحظ تهور سعدان المسقط على جبهة التحرير الوطني إصراره على ترشح بوتفليقة لمدة رابعة لم يأت من فراغ، حيث قام بعزل ولاة مناهضين لبوتفليقة على غرار والي قسنطينة وكشفه صراحة لفشل جهاز المخابرات في حماية الرئيس بوتفليقة في مدينة ورقلة، ومحاولة دفع الأخير لتطهير المؤسسة العسكرية من المندسين وإحالة قرابة 50 ضابطا على التقاعد. كل هذا يؤكد حرصه على ضمان ولاء كل أجهزة للسلطة وقصف أجنحة كل معارض لدوام صيرورة العمالة لجهة معينة دون أخرى، وقطع الطريق أمام كل من يحاول بسط نفوذه سياسيا واقتصاديا، في إشارة إلى فرنسا بالأساس التي ما انفكت تتهكم على سياسة بوتفليقة ودعمها لرجال المخابرات في أكثر من مناسبة، أهمها إظهار فبركة قناة النهار لشريط يظهر الحال الصحية لبوتفليقة، ودفع مغني الراب دوبل كانون لنقد سياسة عبد المالك سلال.. والقنوات الفرنسية هي التي ضخمت تصريحات سعدان الأخيرة ضد التوفيق، وآخرها اتهام السلطة بعجزها عن محاربة الجماعات الإرهابية التي تنوي شنَ هجمات في الأراضي الفرنسية، في إشارة إلى جماعة أنصار الفتح، حيث تم اعتقال أحد أفرادها اليوم بضاحية باريس وتم ترحيله إلى الجزائر، حيث يرون مثل هذه المهمات لن يقدر عليها إلا رجال المخابرات بقيادة التوفيق الذين نجحوا سابقا في إحباط كل العمليات الإرهابية.
إن الوضع في الجزائر يزداد سوءا يوما بعد يوم، ومصير الجزائر إلى المجهول وربما يعيدها إلى العشرية السوداء نتيجة صراع الأجنحة لتحقيق مصالحهم الشخصية للبقاء في كراسي عرجاء؛ بالحكم من جهة، وخدمة للاستعمار وبسط نفوذه السياسي والحفاظ على مصالحه الاقتصادية من جهة أخرى.
إن الجزائر ليست كعكة الكل يريدها إليه، بل الجزائر جزء من بلاد الإسلام تاريخها حافل بالانتصارات والفتوحات، إضافة إلى وفرة ثرواتها التي تتكالب عليها الأمم والتي يمكن أن تحقق السعادة والرفاه للشعوب الإسلامية المهمشة والتي ذاقت الويلات عقودا من الزمن بالتوزيع العادل للثروات.
أيها الشعب الجزائري الأبي، إن المؤمن لا يلدغ من جحر واحد مرتين، فكان لزاما أن تكشف هذه المؤامرات التي تحاك في دهاليز الظلام ضدكم وضد كل المسلمين لمزيد من التركيع والتجويع والنهب والتقسيم.. لقد آن الأوان أن تؤوبوا إلى إسلامكم وتتخذوه عقيدة عقلية لكم ونظاما شاملا كاملا فتتبنوه طريقة لكم في العيش، ومن أحكامه حلولا لمشاكلكم، ومن مجموع مفاهيمه حضارة لكم، ومن أفكاره رسالة إلى العالم كي تعود كل بلاد الإسلام في دولة واحدة “خلافة راشدة على منهاج النبوة” لتقتعد مكان الصدارة بين الشعوب والأمم وتستعيد عزتها وكرامتها.
قال تعالى: ﴿ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكنَ المنافقين لا يعلمون﴾.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
سالم أبو عبيدة – تونس