مع الحديث الشريف رضينا بالله ربا ح2
نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم “مع الحديث الشريف” ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ورد في سنن أبي داود – أبواب النوم – “من قال إذا أصبح وإذا أمسى: رضينا بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد رسولا إلا كان حقا على الله أن يرضيه”.
حدثنا حفص بن عمر حدثنا شعبة عن أبي عقيل عن سابق بن ناجية عن أبي سلام أنه كان في مسجد حمص فمر به رجل فقالوا: هذا خدم النبي صلى الله عليه وسلم، فقام إليه فقال: حدثني بحديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يتداوله بينك وبينه الرجال، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “من قال إذا أصبح وإذا أمسى رضينا بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد رسولا إلا كان حقا على الله أن يرضيه”.
ورد في شرح الحديث في كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود – أبواب النوم – رضينا بالله ربا
(عن أبي عقيل): بفتح العين واسمه هشام بن بلال
(عن أبي سلام): بتشديد اللام هو ممطور الحبشي
(أنه): أي أبو سلام
(في مسجد حمص): بكسر المهملة وسكون الميم كورة بالشام
(كان فقالوا هذا): أي الرجل
(خدم): صيغة الماضي المعلوم
(فقام) : أي أبو سلام
(إليه): أي إلى الرجل
(فقال): أي أبو سلام (لم يتداوله بينك وبينه الرجال): في الصراح: تداولته الأيدي أخذته هذه مرة وهذه مرة، والمعنى لم يكن بينك وبينه صلى الله عليه وسلم واسطة الرجال
(رضينا بالله ربا): تمييز وهو يشمل الرضا بالأحكام الشرعية والقضايا الكونية
(إلا كان حقا على الله): هو خبر كان
(أن يرضيه): أي يعطيه ثوابا جزيلا حتى يرضى وهو اسم كان.
قال المنذري: وأخرجه النسائي.
رضينا بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا، كلمات علمنا إياها الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم نذكرها إذا أصبحنا وإذا أمسينا، فعلى كل مسلم أن يتذكر ويذكر بأن يقول رضينا بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولا ونبيا، ففيها تحقيق لمعنى العقيدة الإسلامية، وفيها رسالة يومية للقلب والعقل بالتسليم والرضا بهذه العقيدة، وفيها تجديد للعهد مع الله عز وجل ليل نهار، بالاستسلام والانصياع له، وهذا الرضا والتسليم والانصياع يجب أن يشمل كل شؤون حياة المسلم، فلا يسلم في جانب العبادات مثلا، ويترك باقي جوانب الحياة، من اقتصادية وسياسية واجتماعية بل وأمور الحكم.
بل هذا الاستسلام يعني أننا رضينا بأن يكون الله هو إلهنا ومشرعنا، ومِن شرعه نأخذ كل المعالجات لأمور حياتنا، فالحاكمية لا تكون إلا لله ولشرع الله.
وهذا الحديث يذكرنا بقوله تعالى: {إِنِ الْحُكْم إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} جاء في تفسير الطبري لهذه الآية، يَقُول: وَهُوَ الَّذِي أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا أَنْتُمْ وَجَمِيع خَلْقه إِلَّا اللَّه الَّذِي لَهُ الْأُلُوهَة وَالْعِبَادَة خَالِصَة دُون كُلّ مَا سِوَاهُ مِنَ الْأَشْيَاء. كَمَا حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ: ثنا إِسْحَاق, قَالَ: ثنا عَبْد اللَّه بْن أَبِي جَعْفَر, عَنْ أَبِيهِ, عَنِ الرَّبِيع بْن أَنَس عَنْ أَبِي الْعَالِيَة, فِي قَوْله: {إِنِ الْحُكْم إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إيَّاهُ} قَالَ: أُسِّسَ الدِّين عَلَى الْإِخْلَاص لِلَّهِ وَحْده لَا شَرِيك لَه.
إخوة الإسلام، لا ترضوا إلا بالله ربا ولا ترضوا إلا بالإسلام دينا، ولا ترضوا إلا بمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا، فهذا يعني أن دستوركم يجب أن يكون مستنبطا من الكتاب والسنة، ويجب أن يكون دستوركم قرآنيا نبويا.
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
أحبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.