خبر وتعليق شتان ما بين امرأة تكدح ليسرق جهدها في ظل الأنظمة الرأسمالية وامرأة تبذل جهدها لتنهض أمتها في ظل دولة الإسلام
الخبر:
كشفت دراسة خاصة بالمرأة العاملة في القطاع غير المنظم «بائعات الشاي»، عن ممارسة «13.742» امرأة لمهنة بيع الشاي، منهن «11.956» سودانيات و«1.768» أجنبيات، وقالت إن «441» من بين السودانيات يحملن مؤهلاً جامعياً و«73» فوق الجامعي، وأوضحت الدراسة التي قامت بها الإدارة العامة للمرأة وشؤون الأسرة بوزارة التوجيه والتنمية الاجتماعية في منتصف العام 2012م وحتى نهاية 2013م بالمحليات السبع بولاية الخرطوم.
أوضحت أن نسبة أعمار بائعات الشاي الأجنبيات بين «15 – 20» سنة و53.6% أجري لهن الفحص المعلمي عند دخول البلاد، واتضح عدم امتلاكهن للكروت الصحية وبطاقة العمل، وأبانت أن النسبة الأكبر من السودانيات تتراوح أعمارهن بين «30 – 40». فيما أكدت د. أمل البيلي وزيرة التوجيه والتنمية الاجتماعية عن سعي وزارتها لتوسيع مظلة الضمان الاجتماعي وفرص الكسب بجانب الاهتمام ببرامج التمكين الاقتصادي، وقالت إن التحديات التي تواجه المرأة بقاؤها لساعات طوال في ذاك العمل مما يعرضها للاستهلاك. وأوضحت البيلي أن الدراسة تهدف لتحسين أوضاعهن وتوفير الحماية لهن ودعت الدراسة لتفعيل القوانين واللوائح لضبط عمل الأجنبيات في السودان وتحسين مظهر المهنة بإعطائها مسحة جمالية.
التعليق:
إن ممارسة هذه المهنة لظروف قاهرة منها الفقر واللجوء والنزوح وفقدان المعيل، في ظروف الحروب التي لا طائل منها، والتي هي من مخلفات النظام السياسي القائم الفاقد لأدنى مقومات رعاية الشؤون، أصبحت الملاذ الوحيد للمرأة المغلوبة على أمرها فخرجت للعمل في ظروف تفتقد لأدنى مقومات الحفاظ على عرضها ومكانتها، ولولا الاضطرار والحاجة لما خرجت من بيتها أبداً، والدليل على ذلك ما يروى عنهن، فكم سمعنا بالعفيفة التي صبت الماء المغلي على الرجل الذي قام بإسماعها حديثًا لا يرضي حرة، وكم رأينا على صناديقهن التي يعملن عليها عبارات مؤلمة مثل: (من أجل أبنائي)، و(المعايش جبارة).
إن جهود المنظمات النسوية وزيارات منظمات حقوق الإنسان وتقاريرها لم ولن تذكر معاناة هؤلاء، التي لا تحتاج لبحوث وتقصٍّ، لأنها ظاهرة لكل ذي عينين، بل تغفل عنها عمداً، بينما تركز على موضوعات أخرى تروج لها بوجهة النظر الغربية مغفلة الإرث الثقافي الاجتماعي المنبثق عن تعاليم ديننا الحنيف.
إن الأعداد المهولة لبائعات الشاي تدل على فشل الدولة في توفير حياة كريمة للمرأة، وهي تنبئ بكوارث اجتماعية، فقد بدأنا نرى بوادرها لأنه يبعد ركيزة البيت (الأم المربية) عندما تغيب من الصباح إلى المساء فما عسى الأطفال أن يفعلوا! ومن لهم؛ من يطعمهم، من يرشدهم، من يحنو عليهم، من يكفلهم؟، أجيال من هؤلاء تعني دمار الحياة الاجتماعية وتفشي الجريمة.
إن توسيع مظلة ما يعرف بالضمان الاجتماعي هو مجرد سمسرة، يستفيد منه من يقومون عليه، وهو لا يعدو أن يكون تبييضًا لوجه النظام الكالح؛ الذي ما يلبث أن يصبح حالك السواد، أما المجتمع فلا ضمان ولا أمان في ظل حكم يقوم على أساس المنفعة والاستفادة من جهود المرأة، فالوزيرة تقول إن قلبها على المرأة لأنها تعمل لساعات طويلة مما يعرضها إلى الاستهلاك، ولكن ما تلبث أن تقول إن الدراسة تهدف لتحسين أوضاعهن وتوفير الحماية لهن، ولكن كيف ذلك وقد (دعت الدراسة لتحسين مظهر المهنة بإعطائها مسحة جمالية)، فأي مسحة جمالية تلك التي تبعد الأم عن أبنائها، وتتعرض لكل صنوف الرجال.
أما الإسلام فقد أذن للمرأة أن تعمل خارج البيت، فيما يلائمها من أعمال تناسب طبيعتها واختصاصها وقدراتها، بحيث لا يسحق أنوثتها. وقد تبوأت المرأة مناصب عديدة في ظل الخلافة الراشدة. ففي عهد الفاروق أصبحت (الشفاء) قاضية حسبة، كما شاركت المرأة في الجيش؛ فقد اشتركت في معركة أحد تدافع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتقوم بأعمال الإسعاف والتمريض وما شابه ذلك من الخدمات الملائمة لفطرتها وقدراتها، كما خلفت بعض النساء منشآت معمارية رائعة تحمل أسمائهن مثل مدرسة “خوند بركة” أم السلطان شعبان وغيرها من المنشآت العديدة، حدث ذلك في دولة الخلافة الراشدة التي تطبق الإسلام نظام حياة، فتبذل المرأة مجهوداً مقدراً يكون نتيجته رفعة المجتمع ونهضته، لأن أحكام الإسلام يتم تطبيقها دفعة واحدة، مما يوجد الإبداع المنتج للمجتمع، فلا خروج للعمل لحاجة، فحاجة المرأة مكفولة من أوليائها وإذا عجزوا فعلى الدولة، فشتان ما بين خروج المرأة للعمل وهي محصنة بأحكام ربها وبين خروجها في ظل النظام الرأسمالي النفعي الذي يسحقها، بل يمشي على رفاتها ما دام في ذلك منفعة يجنيها. فهلا تسعيْن للعيش في ظل أحكام الإسلام، لتفزن بحياة هانئة وما عند الله خير وأبقى.
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أم أواب غادة عبد الجبار