Take a fresh look at your lifestyle.

بيان صحفي الأزمة المالية في أمريكا

تناقلت وكالات الأنباء أن مجلس النواب الأميركي وافق في 2014/2/11م على رفع سقف دين الولايات المتحدة حتى 15 آذار/مارس 2015.

تعيش الولايات المتحدة الأمريكية اليوم وضعًا اقتصاديًا وماليًا لا تحسد عليه، فالاقتصاد الأمريكي ينزف شيئاً فشيئاً… وقد بدأت الولايات المتحدة سنتها المالية (في أول تشرين أول 2013) بإغلاق مؤسساتها الحكومية بسبب الخلاف على الميزانية بين مجلسي الشيوخ والنواب، ووضع 850 ألف موظف في حينها في عطلة قسرية غير مدفوعة الأجر. وتجنبًا لإعلان الإفلاس رفع الكونغرس في تشرين الأول 2013 سقف الدين إلى 16.7 تريليون دولار ولغاية 27 شباط 2014. وكان هذا مجرد تأجيل للأزمة المالية المستعصية في أمريكا. وقد ارتفعت وتيرة التحذيرات الأميركية من تخلف واشنطن عن سداد الديون الذي سيكون سابقة وكارثة مدمرة، مع تداعيات قد تكون أكثر خطورة من الأزمة المالية في 2008. وفي صيف 2011، أدى وضع سياسي مماثل حول سقف الديون إلى شل واشنطن ما دفع بوكالة ستاندارد آند بورز للتصنيف الائتماني بحرمان الولايات المتحدة من تصنيفها الممتاز “ايه ايه ايه”

هذه الأزمات المالية المتعاقبة ليست الأولى من نوعها ولن تكون الأخيرة، طالما أن عصابة البيت الأبيض، الخادمة لأصحاب الرساميل المالية في وول ستريت، لا تخشى حسابا ولا عقابا، وليس هناك في العالم من يكشف عورتها، ويضع حدا لسياسة البلطجة والتشبيح بحيث تتمكن أمريكا من العيش كالطفيليات التي تمتص دماء ضحيتها… فأمريكا، المستندة إلى أكبر قوة عسكرية على الأرض تدعمها ميزانية 800 مليار دولار سنويا، تفرض على العالم أن يمول جشعها وشراهتها… وهي في هذا لا تختلف كثيرا عن السياسة الاستعمارية البريطانية في أوْجها في القرن التاسع عشر، فالنظام الرأسمالي يبني ازدهار اقتصاديات الدول المستعمِرة على نهب ثروات العالم واستعباد شعوبه، بقوة البلطجة العسكرية التي تتخفى أحيانا وراء “القوة الناعمة” من دبلوماسية وسياسات اقتصادية ومالية ترهن بموجبها مصائر الشعوب بين يدي المضاربين على الأسواق المالية في أسواق المال سواء في أمريكا أو في أوروبا…

وقد سبق للحكومات الأمريكية أن رفعت سقف الدين 74 مرة منذ 1962. وهذا الرفع هو مجرد هروب من معالجة أساس المشكلة الناجم عن الإنفاق المتعاظم دون موارد تغطيه، فتلجأ أمريكا إلى السياسة الاستعمارية بفرض عملتها (الدولار، الذي فقد 97% من قيمته خلال القرن الماضي) العملة العالمية للتجارة الدولية، وعلى الدول الأخرى تمويل العجز الأمريكي بشراء سندات الخزانة الأمريكية، مع وعد بدفع الاستحقاق المالي في زمن لاحق، غير أن هذا الزمن لا يأتي مطلقا، طالما بقيت أمريكا ذات ذراع عسكرية عظمى لا يجرؤ أحد في العالم على مواجهتها، وهذه ليست أكثر من سياسة (الكاوبوي) رعاة البقر التي تستند على منطق القوة العارية في نهبها لثروات الآخرين…

وفي كل مرة فإن الساسة الأمريكان لا ينظرون لأبعد من أنوفهم القاصرة، فلا يهمهم أنهم في تهربهم من الاستحقاق المالي برفعهم لسقف الدين (الذي تجاوز 17 تريليون دولار أي أكثر من الناتج القومي والذي هو 16 تريليون دولار) ولجوئهم إلى سياسة طبع الأوراق التي يسمونها دولارات، فهم بهذا يتسببون في رفع التضخم، وتعاظم الدين المستقبلي على الأجيال القادمة، ولكن هذا كله لا يعنيهم شيئا فحساباتهم تنتهي عند الانتخابات القادمة، وليكن من بعد ذلك الطوفان…

وعلى الأجيال الأمريكية القادمة تحمل أعباء السياسات الحمقاء للساسة الأمريكان، وعلى شعوب العالم أن تكدح بشقاء وبؤس ليل نهار وتتخلى عن ثرواتها في سبيل رفاهية العصابة المالية (للعم سام) الذي لا يوجد في قاموسه أي معنى سامٍ للعدل وللحق، وإنما قاموسه كراعي البقر القائم على منطلق البلطجة والتشبيح.

 

هذا التلاعب الأمريكي في السياسة المالية يتسبب في كوارث مالية للاقتصادات الناشئة كتركيا وإندونيسيا وغيرها؛ فالسياسة المالية الأمريكية تجتذب الرساميل إلى أسواقها المالية لتمويل ديونها، وهذا يعني انصراف المستثمرين عن الأسواق الناشئة، ما يدفع بحكومات تركيا وإندونيسيا، وغيرهما، إلى رفع سعر الفائدة في محاولة لجذب رؤوس الأموال ما يعني رفع كلفة الدين المحلي، أو تتعرض العملة المحلية إلى ضغوطات المضاربين فينتج عنها انهيار مالي كما حصل في دول شرق آسيا سنة 1997.

هذا باختصار واقع العالم اليوم الذي يرزح تحت نير العصابة الرأسمالية المتحكمة في عواصم دول الاستعمار، ولا مخرج للبشرية من هذا البؤس والشقاء إلا باللجوء إلى حمى النظام الاقتصادي الإسلامي الذي يعتمد نظام الذهب والفضة، ويمنع المضاربات المالية، كما يمنع الربا بكل أصنافه.

 

فيا أمة الإسلام يا خير أمة أخرجت للناس

لقد آن الأوان لأن تهدمي عروش الحكام العبيد للاستعمار الغربي، وتعملي لإقامة دولة الخلافة التي تخرج البشرية من جور الرأسمالية وظلمها إلى عدل الإسلام ورحمته.

 

﴿أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾

 

 

 

عثمان بخاش
مدير المكتب الإعلامي المركزي
لحزب التحرير

 

2014_02_17_HTCMO_OD.pdf