خبر وتعليق هل روسيا هي الحل
الخبر:
عناوين الأخبار في الجرائد المصرية حول: “توجه المشير عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع والإنتاج الحربي والنائب الأول لرئيس الوزراء في زيارة لروسيا لبحث العلاقات الاستراتيجية بين البلدين”، “السيسي في روسيا لتنويع مصادر السلاح”!!!
التعليق:
برغم أن الإعلام في مصر يحاول توجيه الرأي العام إلى أهدافٍ معلنة غير رسمية لزيارة وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي لروسيا، إلا أنه لا يخفى على المتابع أن للزيارة أهدافًا غير معلنة يمكن حصر أهمها فيما يلي:
أولاً: الاستمرار في إيهام أهل مصر الكنانة بأن مصر في طريقها إلى الانعتاق من التبعية الأمريكية. وهذا في حد ذاته يُبين مدى إدراك أهل مصر الكنانة لوقوع الدولة المصرية وقادتها للتبعية الأمريكية، وتطلعهم للانعتاق من هذه التبعية، ويبين ذلك أيضًا أن هذه التبعية كانت السبب الرئيس في تولية قيادة هذه الدولة لأشخاص خانوا البلاد والعباد وساموهم سوء العذاب والقهر والذل. والدليل على هذا الإدراك للتبعية لأمريكا ورفضه من أهل الكنانة أن إعلام هذه الدولة الحالية حينما يريد أن توجه سهام الانتقام لمن يعارضها يتهمونه بالعمالة لأمريكا ولكيان يهود والصهيونية!، مما يدل دلالة قاطعة على هذا الرأي العام لديه على هذه التبعية والتطلع للانعتاق منها.
ثانيًا: “شو إعلامي” للسيسي القائد والزعيم الذي يترسم خطى عبد الناصر الدعائية التمثيلية في مواجهة أمريكا، ومحاولة تنويع مصادر السلاح للجيش المصري!!.
ثالثًا: ولعله هو السبب الرئيس، وهو تنسيق المواقف من الثورة السورية بما يخدم المصالح الأمريكية.
أما كشف الأسباب عن الأهداف عامةً فيمكن إجماله فيما يلي:
أولا: روسيا الآن ليست الاتحاد السوفيتي وخاصةً بعد سقوط الشيوعية، فهي الآن تقوم بتمثيل دور المعارض لأمريكا بالاتفاق والتنسيق بينهما، وبخاصةً في مواجهة الاتحاد الأوروبي وبريطانيا. فالدب الروسي فقد أنيابه منذ زمن وتم ترويضه ليكون قطاً أليفاً في فناء الخارجية الأمريكية.
في الخمسينات والستينات أيام عبد الناصر كان الاتحاد السوفيتي يحاول طمعًا أن يُنافس أمريكا في مصر، وكانت أمريكا تحتاج أن تغطي عميلها وصنيعتها عبد الناصر، وكانت تريد أن تصنع منه بطلا وطنيا وبطلا قوميا يزعزع النفوذ الإنجليزي والفرنسي لصالح الأمريكان في منطقة الشرق الأوسط والعالم العربي وأفريقيا. أما اليوم فهل نحن أمام روسيا الاتحاد السوفيتي، أم أمام روسيا المافيا الرأسمالية الأمريكية والروسية والاستثمارات الغربية الضخمة!.
ثانيًا: منظومة تسليح الجيش المصري، لا يمكن بحال من الأحوال، فك ارتباطها بأمريكا إلا بقرار من مخلص لربه ولرسوله ولدينه ولأمته. فمنظومة التسليح في جيش مصر ليست هي فقط المرتبطة بأمريكا، بل منظومة الإدارة والقيادة أيضا. فالجيش المصري، والجميع للأسف يعرف، ولكن الكثير يتناسى، والبعض يتجاهل، والباقي مخدوع، أن أمريكا تعرف كل كبيرة وصغيرة عنه، إن لم تكن صنعت كل كبيرة وصغيرة في الجيش المصري تسليحاً وقيادةً وإدارةً، ولا يحتاج الموضوع إلى إثبات!!!. فلا يظنن ظان، ولا يُزمرن مزمر تصريحًا أو تلويحًا بأن مصر لن تعتمد على أمريكا، أو أنها قررت مواجهة أمريكا، فهذا الموضوع بعد كامب ديفيد لا يمكن تحقيقه!، كما أن من يواجه عدواً لا يذهب لعدو آخر!!. أما فكرة “تنويع مصادر السلاح” فلا يخفى على أحد، أنها فكرة استهلكت من قبل السادات حينما اتخذ قراره بطرد الخبراء الروس ووقف الاعتماد على السلاح الروسي واتجه في بداية الأمر إلى فرنسا، ثم كانت الطامة الكبرى التي كشفتها كامب ديفيد بحتمية الاعتماد على أمريكا تسليحا وإدارةً وتدريبا. وعلى ذلك يظهر أن ادعاء تنوع مصادر السلاح لا يعني أبدًا الانعتاق من التبعية الأمريكية.
ثالثًا: أما الشو الإعلامي، والدعاية على ترسم السيسي خطى عبد الناصر، والظهور بالزي المدني، فمفضوح ولا يحتاج لتعليق.
رابعًا: الزيارة ضد الثورة السورية، فمن أهدافها تنسيق المواقف بما يخدم المصالح الأمريكية، خاصةً وأن حكام روسيا أشادوا بمكافحة الإرهاب من قبل النظام المصري، إضافةً إلى وجود وزير الخارجية المصري نبيل فهمي ضمن وفد وزير الدفاع السيسي، والرجل الثاني في الأهمية في الوفد.
كما أنه كان من الممكن أن تكون الزيارة وبمبرر تنوع مصادر السلاح أو حتى للشو الإعلامي لأي بلد آخر، ولو حتى عربي خليجي؟! ولكن لماذا روسيا؟!.. فمعروف دور روسيا من الثورة السورية، فهي الذريعة الأمريكية لإطالة وضع بشار الأسد حتى تأتي بالبديل أو بالحل الذي تريد، وأيضاً للوقوف ضد تحركات الاتحاد الأوروبي وبريطانيا وفرنسا في التعامل مع الثورة السورية بما يخدم مصالحهم ونفوذهم في سوريا ولبنان والعراق. ولا يستبعد أن يكون النظام المصري بديلاً لإمداد نظام بشار الأسد في سوريا بالسلاح الروسي الذي يعتمد عليه.. وطبعا هذا دور لا يقدر الرئيس “المؤقت” عدلي منصور أن يتعامل معه! مع أنه من المفترض كرئيس، ولو مؤقت، هو الذي يجب أن يقوم بهذه الزيارة لبحث التعاون الاستراتيجي في العلاقات مع روسيا، وليس وزير الدفاع!!!.
عموماً القرار السياسي، والذي يجب أن يكون الانعتاق من التبعية الأمريكية، وتنويع وتطوير وتصنيع السلاح، لا بد له من إرادة أولاً، ثم إدارة ثانيا، وهذا القرار السياسي يجب أن يكون معتمدا على الذات والقوى الذاتية، أما أن يكون القرار السياسي، هذا إذا كان قرارا!!!، بأن أترك عدواً وأتجه لعدو آخر، فهو إما دجل، وإما جهل، وكلاهما انتحار سياسي.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
علاء الدين الزناتي
رئيس لجنة الاتصالات بحزب التحرير – ولاية مصر