Take a fresh look at your lifestyle.

خبر وتعليق قطار تفتيت السودان ينطلق مجدداً من أديس أبابا بعد نيفاشا


الخبر:

تشهد العاصمة الإثيوبية هذه الأيام مباحثات بين وفدي الحكومة والحركة الشعبية قطاع الشمال منذ 13 شباط/فبراير 2014م، وقد التقى الوفدان بناء على قرار مجلس الأمن رقم 2046 الصادر في 2 أيار/مايو 2012م الذي أشار إلى تعزيز السلام وإيجاد تسوية شاملة في المناطق المتنازع عليها. فقد ورد في صحيفة السوداني العدد (2927) الصادرة في الخرطوم بتاريخ 16 ربيع الثاني 1435هـ الموافق 16 شباط/فبراير 2014م خبرٌ تحت عنوان: (مفاوضات أديس أبابا مقترحان سيتم الدفع بهما إذا فشلت المحادثات المباشرة)؛ وقد جاء في تفاصيل الخبر ما يلي: (كثرة التوافد الأجنبي لفندق راديسون والمبعوثون والمناديب والترويكا والاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة التي تراقب عن قرب مجريات الأحداث، وفود لمنظمات حقوق الإنسان تجالس أعضاء وفد الحركة، ثرثرات الأجانب وهمساتهم على آذان وفد الحركة لا تنقطع، الثرثرات تقول إن الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة والولايات المتحدة ينسقون بقوة مع الاتحاد الأفريقي وآليته الرفيعة، ومصدر موثوق بالأمم المتحدة يؤكد للصحيفة أن المحادثات المباشرة لن تنهار، وسيصل الطرفان إلى أجندة، وهناك مقترحان جاهزان، ولن يغادر الوفدان أديس أبابا إلا بعد الاتفاق).

 

التعليق:

إن مصدر الأمم المتحدة الذي وصفته صحيفة السوداني (بالموثوق)، والذي قال للصحيفة: (إن المحادثات لن تنهار، وسيصل الطرفان إلى أجندة، ولن يغادر الوفدان أديس أبابا إلا بعد الاتفاق)، هذا المصدر يكاد يكون هو المندوب السامي لإدارة المباحثات، وحاكماً مباشراً يأمر وينهى، ويقرر وينفذ، فتصريحاته تُفصح عن ذلك، ونشتم منها رائحة الاستعمار المباشر. ولعل تصريح رئيس دويلة جنوب السودان سلفاكير فيه أبلغ دليل على التأكيد بأن شطري السودان تدار بواسطة الأمم المتحدة ومنظماتها ومن يقف خلفهم، حيث قال: (الأمم المتحدة تريد الاستيلاء على الجنوب، وأنها ترغب في أن تكون حكومة، وليس بعيداً أن تسمي رئيس بعثتها رئيسا مشاركا بدولة الجنوب) المجهر 2014/1/25م.

في حقيقة الأمر إن الأمم المتحدة لا تريد الاستيلاء على الجنوب فحسب، بل هي ابتلعت الجنوب والشمال، فهي أداة فاعلة لتنفيذ أجندة الغرب الكافر وعلى رأسه أمريكا الساعية لتمزيق ما تبقى من السودان. إن المنظمات الدولية والإقليمية بما فيها الأمم المتحدة هي أداة تعتمد عليها الولايات المتحدة لتفتيت السودان حيث أبقت الحكومة السودانية تحت الوصاية والضغط المستمر بالقرارات المتلاحقة الصادرة من مجلس الأمن لتشل يد الحكومة في مواجهة حركات التمرد سواء أكانت القرارات المتعلقة بجنوب السودان من قبل أم المتعلقة بدارفور أم حتى القرار رقم 2046 الخاص بالمنطقتين؛ الذي يأمر فيه الحكومة بالإسراع في التفاوض مع قطاع الشمال، حيث جاء فيه: (يقرر أن يقوم السودان والحركة الشعبية لتحرير السودان – قطاع الشمال – بالتعاون الكامل مع فريق الاتحاد الأفريقي رفيع المستوى ومع رئيس منظمة الإيقاد من أجل التوصل إلى تسوية عبر المفاوضات… حول إطار عمل للشراكة السياسية والتدابير الأمنية والسياسية في ولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان). وبناء عليه كانت الاستجابة الذليلة من الطرفين للتفاوض في أديس أبابا، بل تتوعد الأمم المتحدة حكومة السودان بعقوبات تحت الفصل السابع إذا لم تصل لتسوية مع المتمردين. ولقد أشار حزب التحرير / ولاية السودان في كتيب أصدره تحت عنوان (المخطط الأمـريكي لتفتيت ما تبقى من الســودان في نسخته الثانية… وسائله وأساليبه وكيفية إفشاله) بتاريخ 26 رجب 1434هـ الموافق 05 حزيران/يونيو 2013م، أشار فيه الحزب إلى المنظمات الدولية باعتبارها واحدة من الأدوات التي تستخدمها أمريكا لتمزيق السودان، وأن المفاوضات مع الحركات المتمردة هو أسلوب من أساليب المخطط الأمريكي لتمزيق السودان في نسخته الثانية.

والراجح أن حكومة السودان ستقدم في هذه الجولات على مزيد من التنازلات والانكسار والانبطاح أمام العصا الأمريكية كما فعلت في نيفاشا، فقد جاء في كتاب هيلدا جونسون – وهي إحدى عرابي اتفاق نيفاشا – بعنوان (تحقيق السلام في السودان: السيرة الخفية للتفاوض) ما نصه: “إن الخرطوم دخلت إلى مفاوضات السلام رغبة وطمعا في استرضاء أمريكا أكثر من كونها تحقيقا لرغبتها في السلام”. واليوم يلاحظ وجود متصل للمبعوث الأمريكي إلى السودان وجنوب السودان دونالد بوث في مقر المفاوضات حيث التقى بغندور (رئيس وفد الحكومة) الذي نقل له رؤية ومواقف الحكومة حول المفاوضات، فيما أكد المبعوث متابعة واشنطن للتفاوض لحث الجانبين على التوصل لسلام وأبلغ مشاركون في المفاوضات صحيفة “سودان تربيون” أن المبعوث الأمريكي طلب من الحكومة تقديم تنازلات حقيقية لوقف الحرب.

أرأيتم كيف فرضت الإرادة الدولية أجندتها على مجريات السياسة في السودان! وكيف أن الساسة وكل الفرقاء أصبحوا فريسة سهلة لمطامع الغرب المستعمر!

إن ما يحدث في السودان من فوضى سياسية، وضياع للهوية والمبدئية، هو نتاج طبيعي لغياب الفكرة السياسية المنتجة التي تعبر عن عقيدة الأمة، لذلك فالواجب على الأمة هو كشف هذه المخططات وأدوات تنفيذها، وطرح مفاهيم العقيدة الإسلامية بشكل مؤثر لافت للنظر، كمفهوم الولاء والبراء وتبيان أن التعامل مع الأجنبي الرأسمالي يعتبر خيانة للأمة يجب محاكمة مرتكبها وملاحقته وتبيان الناحية العملية لكيفية تحقيق ذلك.

 

 


كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
عصام أحمد أتيم
عضو المكتب الإعلامي – ولاية السودان