خبر وتعليق وكيل الأزهر والسياسة
الخبر:
أورد موقع بوابة الوفد الإلكترونية خطبة الدكتور عباس شومان وكيل الأزهر الشريف، التي استنكر فيها اشتغال العلماء بالسياسة، والتي دعا خلالها “طلاب العلم للانتباه إلى الدراسة وخدمة الوطن وترك السياسة إلى الساسة يهنئون بها ويحملون إثمها، داعيا الله أن يعم السلم والسلام في بلاد المسلمين وأن يقهر الظلم والشرك ومن دعمه”.
التعليق:
هذه الخطبة ألقاها وكيل الأزهر الشريف مِن على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ينتقد فيها انشغال العلماء بالسياسة، ويدعو فيها طلاب العلم للابتعاد عن السياسة، يريد فيها ترك السياسة للسياسيين يتحملون إثمها ويهنأون بها.. على حد قوله.
عجيب أن يصدر هذا القول من مشتغل بالعلم الشرعي، ومن عالمٍ مثل وكيل الأزهر، فهل تُراه يجهلُ الحكم الشرعي في السياسة؟ وهل يُظَنُّ بمثله أن يجهلَ موقفَ الإسلام من السياسة؟ فإن كان يدري فتلك مصيبةٌ، وإن كان لا يدري فالمصيبة أعظمُ.
لو عاد وكيل الأزهر الشريف، الدكتور المذكور إلى لسان العرب لوجد فيه مادة (سوس) ولوجده ذكر حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء… »، وأهدي لوكيل الأزهر الشريف وللقراء الكرام موقع الباحث العربي هذا ليبحث فيه عن معاني الكلمات في القواميس اللغوية.
ولعل وكيل الأزهر الشريف قرأ صحيح البخاري ليقرأ هذا الحديث في صحيحي البخاري ومسلم: (قاعدتُ أبا هريرةَ خمسَ سنينَ، فسمعتُه يُحدِّث عنِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ قال: «كانت بنو إسرائيلَ تسوسهم الأنبياءُ، كلما هلك نبيٌّ خلفه نبيٌّ، وإنه لا نبيَّ بعدي، وسيكون خلفاءٌ فيكثرون» . قالوا: فما تأمرُنا؟ قال: «فُوا ببيعةِ الأولِ فالأولِ، أعطوهم حقَّهم، فإنَّ اللهَ سائلُهم عما استرعاهُم») ولْيَعُدْ وكيل الأزهر الشريف إلى موقع الدرر السنية ليرى الحديث في الصحيحين وغيرهما.
ولعل وكيل الأزهر الشريف اطلع في دراسته في العلم الشرعي على كتب السياسة الشرعية، وربما اطلع على كتاب التراتيب الإدارية (الحكومة النبوية) للشيخ عبد الحي الكتاني، الذي يشرح فيه مؤلفه سياسة دولة الإسلام الأولى التي أقامها رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة المنورة.
إن الغربَ لَـمّا هدمَ دولة الخلافة الإسلامية، ومزَّق بلاد المسلمين، ونصّب على كل بلد منها حاكماً يرعى مصالحه ويصدّ الناس عن الإسلام، أشاع في الأمة الإسلامية جملة من المفاهيم المضللة، وكان من ضمنها إبعاد الناس عن السياسة، وفصل الدين عن السياسة، والتصوير للناس أنه لا يوجد إلا السياسة الغربية الميكافيلية، التي لا تعرف أيةَ قيمة إلا القيمةَ المادية، سياسة المنفعة المجردة من أية قيمة روحية أو خلقية أو إنسانية. وإبعاد الناس عن المفهوم الصحيح للسياسة كما شرعها الإسلام، التي تعني رعاية شؤون الناس بأحكام الإسلام في الداخل والخارج. ولكنّ العجب العجاب أن يتولى الأزهر بعلمائه حملةِ الشهاداتِ الشرعيةِ العليا كِبْرَ هذه الدعوة، ويتصدّون لإبعاد الناس عن السياسة وتضليل الناس فإن هذه – والله – لكبيرةٌ، تَصِمُهم إما بالجهل بأحكام الإسلام، وإما بصدّ الناس عن الإسلام من على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم.
كان الأولى بعلماء الأزهر الشريف أن يتوجهوا بالدعوة إلى الحكام في مصر وفي باقي بلاد المسلمين أن يطبقوا السياسة الشرعية، وأن يحكموا بالإسلام في دولة واحدة تجمعُ شمل المسلمين، وأن يسيّروا أعمالهم السياسية وغيرها بأحكام الإسلام، وأن يدعوا الأمة إلى محاسبة هؤلاء الحكام على بعدهم عن الإسلام في الحكم والسياسية وغيرها.. بدل أن يصدّوا الناسَ عن الإسلام!!
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أبو محمد خليفة