Take a fresh look at your lifestyle.

جواب سؤال تداعيات الأزمة الأوكرانية

 

 

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

جواب سؤال تداعيات الأزمة الأوكرانية

 

 

 

 

 

 

السؤال:

 

 

جاء في جواب السؤال عن أوكرانيا المؤرخ 2014/2/22، جاء ما يلي: (… وبعبارة أخرى فإنه من المستبعد أن يكون الوضع الجديد في أوكرانيا خالصا لطرف من هذه الأطراف الثلاثة “روسيا، أمريكا، أوروبا” ومن ثم فإن أي رئيس سيتم تنصيبه في أوكرانيا سيكون ممسوكاً بثلاثة أحزمة من صناعة تلك الأطراف الثلاثة، على الأقل في المدى المنظور… غير أن هذا الحل يبقى قنبلة قابلة للانفجار في أي وقت تستجدُّ فيه ظروف تُمكِّن أي طرف من هذه الثلاثة من الاستحواذ على النفوذ كاملاً في أوكرانيا، وذلك لأن هذه الأطراف الثلاثة تتبنى الرأسمالية، وهي قائمة على النفعية، فليست لديهم قيم ثابتة، بل متغيرة تكون في الجانب الأكثر منهم جمعاً، والأشد خبثاً، والأعنف بطشاً…) انتهى

 

ونحن اليوم نشهد تسارع الأحداث في أوكرانيا وبخاصة شبه جزيرة القرم، بل إن الأسطول الروسي في البحر الأسود قد أنذر الجنود الأوكرانيين هذا اليوم 2014/3/3 بالاستسلام خلال 12 ساعة! فهل يعني ذلك أن روسيا وجدت في نفسها القدرة على أخذ أوكرانيا إلى جانبها بالقوة دون أن تحسب حساباً للطرفين الآخرين “أمريكا وأوروبا”، أي أن “القنبلة القابلة للانفجار” قد جاء وقتها؟ ثم كيف يُتوقع انتهاء هذه الأزمة ويستقر وضع أوكرانيا؟ وجزاك الله خيراً.

 

 

 

 


الجواب:

 

 

كما قلنا من قبلُ في جواب السؤال، فإن الظروف الحالية للأطراف الثلاثة لا تمكِّن أي طرف منها من أخذ أوكرانيا كاملة إلى جانبه، فظروف 2004 – 2005، وظروف 2010 ليست هي الظروف الحالية، فلا يتمكن أي طرف الآن من إدارة الظهر للآخرين وأخذ أوكرانيا كاملة إلى جانبه، وعليه فإنه من المتوقع أن لا يستقر وضع أوكرانيا إلا على النحو التالي:

 

1- بشكل مؤقت: يمكن أن يستقر الوضع في أوكرانيا إذا تمَّ تنصيب رئيس لأوكرانيا يكون قريباً من روسيا وأمريكا وأوروبا، أي يكون مربوطاً بحزام من صناعة الأطراف الثلاثة…

 

2- أما استقرارها بشكل دائم فهو بأن تعود القرم إلى الخلافة الإسلامية، فيعمها الخير، بل ويصل هذا الخير إلى العالم، فالإسلام رحمة للعالمين. ومن الجدير ذكره أن القرم كانت تتبع الخلافة قروناً إلى أن غزتها روسيا وتآمرت معها دول الغرب فضمتها إليها في أواخر القرن الثامن عشر مع أن القرم كانت إمارة إسلامية منذ 1430م، ثم أصبحت ولاية من ولايات دولة الخلافة العثمانية سنة 1521م في عهد الخلافة الزاهر إلى أن تآمر عليها الروس ودول الكفر وتمكنوا من فصلها عن الدولة العثمانية سنة 1783م، فارتكبوا فيها من الجرائم والمجازر ما تنأى عنه الوحوش، ثم ضموها إلى روسيا التي غيَّرت اسم عاصمتها من “أق مسجد” أي المسجد الأبيض إلى الاسم الحالي “سيمفروبل”، وللعلم فإن القرم تعني القلعة أو الحصن بلغة أهلها التتار المسلمين. وهكذا فإن القرم كانت إسلامية قبل احتلالها من الروس بنحو ثلاثة قرون ونصف! ومن ثمَّ فإن استقرارها الدائم هو بأن تعود إلى أصلها ولاية إسلامية في دولة الخلافة القادمة إن شاء الله.

 

3- وبغير ذلك ستبقى الأوضاع قنبلة قابلة للانفجار، فعندما يرى أي طرف من الأطراف الثلاثة “روسيا وأمريكا وأوروبا” في نفسه القدرة على أخذ أوكرانيا كاملة، وأن يدير ظهره للطرفين الآخرين، فمن المتوقع أنه سيفعل لأن تلك الأطراف تسير على الرأسمالية، حيث لا قيم ولا مقاييس إلا “النفعية”، فإن رأى أي طرف في نفسه القدرة، فسينسى الآخرين… وأما إن لم يجد في نفسه القدرة ويدير ظهره للآخرين فستتعقد أزمة أوكرانيا أكثر. وقد تبيّن ذلك عندما أخطأ يانوكوفيتش الحساب فرفض توقيع الاتفاق التجاري مع الاتحاد الأوروبي معتمداً على الغزل الروسي الأمريكي ظاناً أن أمريكا ستقف معه في وجه الاتحاد الأوروبي، فكانت النتيجة أن فرَّ بجلده… وأخطأ الحساب كذلك حكام كييف الجدد عندما ظنوا أنهم يستطيعون إدارة الظهر لروسيا، ويأخذون أوكرانيا بعيداً عن روسيا متجهين بها إلى الغرب وبخاصة الاتحاد الأوروبي… فكان ما هم عليه الآن من شَللٍ في أوصال الدولة ومشاكل أخرى!

 


وفي الختام، فإن لهذه الأطراف الثلاثة مصالح في أوكرانيا:

 

روسيا ترى أوكرانيا من ملحقاتها! وأمريكا تريدها في حلف الأطلسي، وأوروبا تريدها في الاتحاد الأوروبي… والظروف الحالية لا تمكِّن أياً من هذه الأطراف من الغلبة الكاملة للطرفين الآخرين فتأخذ أوكرانيا كاملة إلى جانبها.

 

وأما ما نشرته وكالة أنباء “إنترفاكس” الروسية يوم الاثنين 2014/3/3من أن الأسطول الروسي في البحر الأسود قد أمهل الجنود الأوكرانيين في القرم 12 ساعة “للاستسلام”، وما تقوم به روسيا حالياً من استعراضات… فهو من باب تكثيف الضغوط وتسخين الأجواء بالتهديد، حتى يكون رأيها مسموعاً بقوة، وبشكل مؤثر في أي حل لوضع أوكرانيا… وعليه فالمتوقع أن يشتد التصعيد في شد وجذب من الأطراف الثلاثة ليفضي ذلك كله إلى حل ينتج رئيساً يأخذ في الاعتبار مصالح الأطراف الثلاثة بشكل مؤقت إلى أن تجدّ ظروف محلية وإقليمية ودولية تمكِّن أحد الأطراف الثلاثة من أخذ أوكرانيا إلى جانبه… أو أن تقام الخلافة فتعيد القرم إلى سابق عهده كما كان…

 

 

﴿وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾.

 

 

 

 

 

2014_03_04_Jawab.pdf