خبر وتعليق الخيانة تبقى خيانة مهما حاولتم تجميلها
الخبر:
وكالات- قال الناطق باسم مجلس قيادة الثورة في دمشق فاروق الرفاعي إن الهدنة لا تعتبر خيانة لأنها ستجعل حال المدنيين أفضل بعيدا عن القصف والموت بسبب الجوع ونقص الدواء، مضيفا أن كل الحروب تحدث فيها هدن ومفاوضات ولكن الذي يعد خيانة هو التنازل لنظام الأسد بإلقاء السلاح ودخول قواته للمنطقة وتسليم بعض المطلوبين له.
شن الناطق باسم شبكة أخبار دمشق أبو بسام الدمشقي هجوما لاذعا على من وصفهم بالمنظرين الذين يتهمون ببيلا وقاطنيها بالخيانة، متسائلا أين كان هؤلاء عند سماعهم صرخات الجوع على مدار أكثر من عام ونصف العام، ومؤكدا أن أحد شروط الهدنة هو دخول بعض أعيان نظام الأسد وبينهم المحافظ وقائد شرطة دمشق مع كاميرات وسائل الإعلام التابعة لنظام الأسد ورفع علمه، لافتا إلى أن المرافقين للمحافظ كانوا حوالي 20 شخصا وليسوا من “الجيش النظامي” رغم أنهم يرتدون ملابس عسكرية وإن وفد نظام الأسد غادر بعد ربع ساعة “وكل شيء عاد لما كان عليه”.
التعليق:
ابتليت ثورة الشام في مرحلتها الحالية ببعض المتسلقين الذين دفعتهم قوى خارجية مشبوهة لليّ ذراع الثورة بالتنسيق مع النظام المجرم الذي لم يألُ جهداً منذ اندلعت الثورة عن التقتيل والتجويع والتشنيع مع الثائرين، وظل يراوغ ويمتهن الكذب والخداع والتضليل حتى وجد من يساعده في هذه الآثام ممن ركبوا موجة الثورة ولبسوا لباس الثوار وأفتوا باسمها وظنوا من غبائهم أن الناس قد بلعت الطعم.
صدق رسول الله عليه الصلاة والسلام حين قال: «إذا فسد أهل الشام فلا خير فيكم»، فكيف يفسدون ويقبلون بهدنة الذل والعار ويدخل أعداء الله إلى بلداتهم التي رويت بدماء أبنائهم دفاعاً عنها، بل ويبارك بعض الذين غضب الله عليهم بأفعالهم هذه يباركون دخول المجرم إلى الضحية ثم يفتون بأن عملهم هذا ليس خنوعاً أو خضوعاً أو خيانة بل هو من الأعمال الجليلة؟! أي حكم هذا الذي أطلقوه وأية فتوى ابتدعوها، بل كما قال أمير الشعراء أحمد شوقي رحمه الله في أمثالهم:
أفتى خُزَعبَلةً وَقالَ ضَلالةً وأتى بكفرٍ في البِلادِ بَواح
إن حُدِّثوا نَطَقوا بِخُرسِ كَتائِبٍ أو خوطِبوا سمِعوا بِصُمِّ رماحِ
ثم هل خرج الناس في ثورة عظيمة كثورة الشام من أجل خبز وماء؟ أم أنهم لم يكونوا يعلمون أن الوقوف في وجه الطاغوت هذا سيكون ثمنه باهظاً؟! إننا نحن أبناء سوريا أكثر من يدرك إجرام هذا النظام وأكثر من يعرف ماذا تعني هدنة مع كاذب لعين خسيس رباه أبوه على القاذورات والنجاسات، فاعتاد الشرب من دماء الأبرياء الذين يتباكى عليهم الخائن لله ولرسوله وللمؤمنين فاروق الرفاعي الذي وجد له رفيقاً في الخيانة وهو أبو بسام الدمشقي. ألا لعنة الله على المجرمين، الذين ألبسوا الحق بالباطل وكذبوا على الناس وخدعوهم، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ عليه الصلاة والسلام: «سَيَأْتِي عَلَى النَّاسِ سَنَوَاتٌ خَدَّاعَاتُ يُصَدَّقُ فِيهَا الْكَاذِبُ وَيُكَذَّبُ فِيهَا الصَّادِقُ وَيُؤْتَمَنُ فِيهَا الْخَائِنُ وَيُخَوَّنُ فِيهَا الْأَمِينُ وَيَنْطِقُ فِيهَا الرُّوَيْبِضَةُ قِيلَ وَمَا الرُّوَيْبِضَةُ قَالَ الرَّجُلُ التَّافِهُ فِي أَمْرِ الْعَامَّةِ». ومع أن زمن الرويبضات قد شارف على الرحيل، إلا أن هناك أناسًا أبَوْا إلا أن يلحقوا بركابه ويحصلوا على شهادة “الرويبضة”، هؤلاء هم من باعوا الآخرة بعرض من الدنيا، أفلا يبيعون الثورة بدراهم معدودات؟
وبدل أن يستتروا ويخفوا عوراتهم التي فضحها الله يتبجحان بتغيير الأسماء ومسمياتها، فيصفون الخيانة والنذالة بأنها رحمة ورأفة بالناس وبأن من يعيب عليهما لم يسمع آهات الجوعى والمرضى! فأجيب هذين الدعيّين، بأننا رأينا وسمعنا وشاهدنا أكثر من ذلك! شاهدنا أُمًّا تجمع أشلاء ابنها وطفلاً ينام بين قبري والديه اللذين قتلهما من هادنتماه، ورأينا الزوجة التي فقدت زوجها وبقيت بلا معيل، وشاهدنا وشاهدنا.. لكنهم كلهم قاطبة كانوا يرفعوا أكفهم متضرعين لله “اللهم انتقم لنا من أمريكا ومن بشار ومن أعوانهما.. قسماً لن ننكسر ولن نعود إلى بيوتنا حتى نسقط هذا الطاغية ثم نقيمها كما يرضاها ربنا.. خلافة إسلامية تثأر لنا..”.
فأين الخيانة من البطولة، وأين الموقف المشرف من موقف الخزي والعار، وأين الأعزة المقتدين برسول الله من الأذلاء المهادنين لأعداء رسول الله؟ وصدق الله تعالى حين يقول في محكم تنزيله: ﴿الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ۚ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا﴾ وحين يقول: ﴿مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُوْلَئِكَ هُوَ يَبُورُ﴾.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
م. هشام البابا- رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية سوريا