Take a fresh look at your lifestyle.

مع الحديث الشريف لا يَدْخُل الجَنَّةَ صاحِبُ مَكْس

 

نحييكم جميعا أيّها الأحبة الكرام في كلِّ مكان، في حلقة جديدةٍ من برنامجكم “مع الحديث الشَّريف” ونبدأ بخير تحية، فالسَّلام عليكم ورحمة الله وبركاته
روى أبو داوودَ في سنَنِهِ قال:

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَقَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شِمَاسَةَ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ:
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: “لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ صَاحِبُ مَكْسٍ”

قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ:

(عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن شِمَاسَة): بِكَسْرِ الْمُعْجَمَة وَتَخْفِيف الْمِيم بَعْدهَا مُهْمَلَة:

(صَاحِب مَكْس): فِي الْقَامُوس، الْمَكْس: النَّقْص وَالظُّلْم، وَدَرَاهِم كَانَتْ تُؤْخَذ مِنْ بَائِعِي السِّلَع فِي الْأَسْوَاق فِي الْجَاهِلِيَّة، أَوْ دِرْهَم كَانَ يَأْخُذهُ الْمُصَّدِّق بَعْد فَرَاغه مِنْ الصَّدَقَة، اِنْتَهَى.

وَقَالَ فِي النِّهَايَة: هُوَ الضَّرِيبَة الَّتِي يَأْخُذهَا الْمَاكِس وَهُوَ الْعَشَّار، اِنْتَهَى.

وَفِي شَرْح السُّنَّة: أَرَادَ بِصَاحِبِ الْمَكْس الَّذِي يَأْخُذ مِنْ التُّجَّار إِذَا مَرُّوا مَكْسًا بِاسْمِ الْعُشْر، فَأَمَّا السَّاعِي الَّذِي يَأْخُذ الصَّدَقَة وَمَنْ يَأْخُذ مِنْ أَهْل الذِّمَّة الْعُشْر الَّذِي صُولِحُوا عَلَيْهِ، فَهُوَ مُحْتَسِب مَا لَمْ يَتَعَدَّ فَيَأْثَم بِالتَّعَدِّي وَالظُّلْم، اِنْتَهَى.

وَكَذَلِكَ فِي مَعَالِم السُّنَن لِلْخَطَّابِيِّ وَالْحَدِيث سَكَتَ عَنْهُ الْمُنْذِرِيُّ.

أحبتنا الكرام:

كان أخذ المكوس من التجار عادة الملوك في الجاهلية, فلما جاء الإسلام أبطل ذلك وحرمه, كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم: إلى أهل الأمصار مثل ثقيف والبحرين ودومة الجندل: “أنهم لا يُحشرون ولا يُعشرون”

فلا يؤخذ المكس من المسلمين ولا الذميين أيضاً لأن الحديث جاء عاما فشمل جميع التجار من رعايا الدولة، أنه يحرم أخذ المكوس منهم

أما التجار من غير رعايا الدولة:

فالتاجر المعاهد أي الذي بيننا وبين بلاده معاهدة فإنه يعامل وفق نصوص المعاهدة: فإن نصت على إعفائه من أخذ أي شيء منه يعفى، وإن نصت على أخذ مقدار معين يؤخذ ذلك المقدار المعين

والتجار الحربيون: يعامَلون كما تُعامِل دولهم تجارنا, فإن دخل تاجر حربي بلادنا بأمان أخذنا منه ما تأخذه دولته من تجارنا سواء أكان ذلك التاجر الحربي كافراً أو مسلماً, فما دام من رعايا دولة محاربة حكماً أو فعلاً فإن حكمه أنه تاجر حربي يعامل معاملة التاجر الحربي أي كما تعامل بلاده تجارنا المسلمين منهم والذميين .روي عن ابن مجلز لاحق بن حميد قال: “قالوا لعمر: كيف نأخذ من أهل الحرب إذا قدموا علينا؟ قال: كيف يأخذون منكم إذا دخلتم إليهم؟ قالوا: العشر، قال: فكذلك خذوا منهم”. ذكره ابن قدامة في المغني وقد فعل ذلك عمر على مرأى ومسمع من الصحابة فكان إجماعاً. وهذا يكون على الإباحة وليس على الوجوب, وإلا (زائدة يمكن حذفها) فللدولة أن تأخذ من تجارهم كما يأخذون من تجارنا أو أقل أو حتى تعفيهم إن أرادت كل ذلك حسب مصلحة المسلمين، لكن لا يجوز لها أن تأخذ أكثر مما يأخذوا منا، لأن إباحة أخذ المكس منهم من سياسة المعاملة بالمثل وليس من أجل جباية الأموال .

وكذلك من المكس فرض الدولة ضرائب على الطلبات المقدمة لها وعلى معاملات الأراضي والمسقفات من بيع وتسجيل، أو على شكل رسوم محاكم

أحبتنا الكرام:

ما أن هدمت دولة الخلافة وأطبق النظام الرأسمالي الغربي على أنفاس المسلمين حتى انتكس حال المسلمين وضاع منهم ما اكتسبوه من حقوق ورعاية منحهم إياها الشرع الحنيف, فعادت المكوس تثقل كاهلهم باسم الجمارك ……. حين يعبرون الحدود من دولة إلى أخرى والأدهى أن تلك المكوس لم تعد تجبى من التجار على سلعهم العابرة للحدود كما كانت في الجاهلية, بل أصبحت تجبى حتى من المسافرين العاديين على أمتعتهم التي يحملونها معهم لقضاء حاجاتهم. فالدولة اليوم تعين وزناً معينا من المتاع تسمح بحمله من قبل المسافر فإن زاد ما يحمله المسافر عن الوزن المسموح به أرغم على دفع المكس (الجمرك) بسبب تلك الزيادة

إن جاهلية اليوم أشد ظلما ونكالاً بالناس من الجاهلية الأولى فأموالهم وممتلكاتهم ما عاد لها حرمة, بل لم تعد حرمة لآدميتهم نفسها. فمن أحق بالاتباع؟ دين الله أم دين البشر؟ حكم الله أم حكم الرأسمالية العفنه؟ فَاعتَبِرُوا يَا أُولي الْأَبْصَار

أحبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.