خبر وتعليق هل فشل الإعلام الإسلامي
الخبر:
نشر موقع محيط حوارا لربيع شعبان مع هاني عبد الرحيم المذيع السابق بقناة “الحافظ” والذي قدم استقالته على الهواء مباشرة قبل 48 ساعة من إغلاق القنوات “الدينية” عشية انقلاب السيسي في 30 يونيو 2013، تحدث فيها المذيع عن استقالته وعن القناة وعن ما سماه الإعلام الديني.
وإجابة عن السؤال: هل تعتقد أن ما يسمى بالإعلام الإسلامي قد فشل في تحقيق أهدافه ومصالحه التي كان يسعى إلى تحقيقها؟
قال: الإعلام الإسلامي أو القنوات الدينية فشلت في توجيه الرأي العام وأبلغ دليل على ذلك اندلاع ثورة 30 يونيو، وعلى القنوات الدينية أن تعود إلى حقل الدعوة فقط.
ومما قاله أيضا: بعض القنوات الدينية تجاوزت كثيرا، وساعدت في خلق روح العداء بين أفراد الشعب المصري، وبعض الفتاوى التي كانت تهدر دم الثوار، وساعدت على وجود نوع من الفرقة، فضلا عن فتاوى تكفير للآخر ولكن أنا لست مع غلق القنوات المنضبطة مهنيا، وأخلاقيا، وعلى القنوات الدينية ألا تمارس السياسة وتكتفي بالدعوة فقط، لأنها فشلت في لعب الدور السياسي.
التعليق:
هل حقا فشل ما يسمى بالإعلام الإسلامي؟
هذا السؤال المطروح هنا وهو ما نحاول الإجابة عنه. ولكي نحسن الجواب من حقنا أن نسأل أولا إن كان هناك إعلام إسلامي أصلا على الفضائيات قبل 30 يونيو أم لا؟
المذيع يقول إن القنوات الدينية عليها العودة إلى حقل الدعوة فقط وألا تمارس السياسة لأنها فشلت في لعب الدور السياسي!
وفي تسجيل الفيديو أثناء المقابلة يروي المذيع كيف كان عدد من رموز الإخوان المسلمين يقولون له “شوية سياسة شوية دين شوية سياسة شوية دين لغاية ما نقلبها إن شاء الله دولة إسلامية”.
فهل السياسة شيء آخر غير الدين حتى يقال هذا الكلام؟ أليست السياسة هي رعاية الشؤون، فإن كانت وجهة نظر السائس إسلامية كانت رعاية الشؤون على أساس الإسلام وإلا فلا!
الإشكال الكبير عند المذيع وعند الكثير من الحركات بل وعند عموم الناس أنهم يفصلون على أرض الواقع بين الدين والسياسة، فقطاع كبير يرى أن الدين هو علاقة الإنسان بخالقه ولا علاقة له بالدولة أي بالحكم والاقتصاد والاجتماع والسياسة الخارجية…الخ.
هذا الخلل في الفهم جعل حركات إسلامية تقبل الدولة المدنية والعلمانية والديمقراطية، وتقبل اقتصاد السوق الحر، وتقبل بدساتير لا علاقة لها بالإسلام، وتقبل أن تكون سياسة الدولة الخارجية خادمة للكافر المستعمر… فهي تسوق وجهة نظر لا علاقة لها بالإسلام في أعمالها وأقوالها، ثم هي تفهم من السياسة أن تناكف المعارضين بحسب مصالحها الآنية الأنانية… فالسياسة عندهم هي رعاية مصالح الحركة أو الحزب وإيجاد رأي عام لصالحها، وتوظيف المنابر الإعلامية لهذا الغرض فحسب، دون طرح البديل الحقيقي للأمة المنبثق من مبدأ الإسلام!
نعم المهم من يحكم وليس المهم بأي شيء يحكم، وإعلامها يمارس تسويق الحاكم لا تسويق الحكم بالإسلام!
ولهذا كله وجدنا مشايخ ولحى كثيرة على شاشات الفضائيات تناكف وتصارع في فقه “المسالك البولية” كما سماه وجدي غنيم مرة، فإذا وصلت إلى موضوع الحكم بالاسلام ووجهة نظر الإسلام وممارسة السياسة التي هي رعاية الشؤون على أساس الإسلام واستغلال المنبر الإعلامي لطرح تصورات الإسلام في مجالات الحياة المختلفة وجدت اللوثات الفكرية، والشطحات العلمانية، والانبطاحات والتسويفات وقوائم الأعذار الطويلة، والمبررات النفعية المصلحية الآنية الأنانية البعيدة كل البعد عن الإسلام… فصار ذلك المنبر الإعلامي شاهد زور إلا ما ندر.
زواج المسيار، رضاع الكبير، هل تقضي المرضع أم لا، مسح القدم أم غسلها، مس الجن، السحر… والقائمة تطول بالمناكفات على الهواء مباشرة.. وكل قناة تضع نصب عينيها هدفا واحدا ووحيدا… كيف نزيد نسبة المشاهدين!
الشيخ الفلاني يتقاضى 10 آلاف دولار على الحلقة الواحدة، والآخر سبعة والثالث خمسة… والعين دائما على مؤشر المشاهدين وعدد الرسائل القصيرة والاتصالات بالبرنامج… فمن تلك تأتي الأموال الطائلة!
المذيع يظهر ولاءه للانقلابيين والجيش، فهو من زمرة الإعلاميين الذين يميلون حيث تميل القوة، وكلامه عن فشل الإعلام الإسلامي ليس دليلا على الفشل، لأنه لم يكن هناك إعلام إسلامي حقيقي ـ وللأسف ـ…
إعلام يقدم الإسلام على كل شيء…
إعلام يتبنى قضايا الأمة المصيرية…
إعلام يقدم الإسلام كطراز عيش…
كبديل مبدئي حقيقي عن كل أفكار الكفر… ليس في أمور الفرد فقط بل في حياة المجتمع والجماعة، في الدولة والحكم…
إعلام يكون منبرا لمحاسبة الحاكم على أساس الإسلام…
إعلام يقدم النموذج الاقتصادي الإسلامي للناس ضمن تصور تفصيلي لشكل الدولة وأنظمتها المختلفة…
إعلام يبكي المشاهدين لقصة الفاروق مع أم الأيتام ليستثير مشاعرهم ثم ينزل الفكر على الواقع ليربط الناس بفكرة الدولة الواحدة لأمة واحدة.
صحيح أن جذب الناس لدروس الفقه والتفسير والقرآن والحديث في تلك الفضائيات أفضل من تركهم فريسة سهلة لإعلام العريّ والابتذال… ولكن أن يصل الناس إلى الماء الزلال ثم نحرمهم منه… فهذا والله أمر عظيم.
فبدل أن يترجم الإعلاميون و”مشايخ الفضائيات” حب الناس للإسلام بتقديمه كما هو وكما يجب أن يكون في الحياة والدولة والمجتمع رأيناهم يحصرونه في أضيق زاوية، ليبقى الفراغ والخواء من ثقافة الإسلام في كل مناحي الحياة، وطراز العيش الإسلامي هو سيد الموقف على فضائيات الإعلام “الإسلامي”!
فهل يرعوون؟
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
م. حسام الدين مصطفى