خبر وتعليق تجدد الصراع في دارفور داء لا دواء له إلا تطبيق أنظمة الإسلام
الخبر:
شهدت مدينة الفاشر، حاضرة شمال دارفور تدفق أعداد كبيرة من النازحين، جراء دخول المتمردين واستباحتهم لأربع محليات شرق الولاية،، وجراء الصراع القبلي في منطقة سرف عمرة غرب الولاية، وبدوره وصف والي الولاية عثمان كبر في تصريحات صحفية الأوضاع بالمتدهورة والمحرجة؛ التي تتطلب تدخل الحكومة المركزية لتقديم المساعدات، وحسب الإحصاءات الأولية فإن المتأثرين بلغ عددهم أكثر من «350» ألف شخص من غرب وشرق الولاية وحذر رئيس السلطة الإقليمية لدارفور التجاني السيسي رئيس السلطة الإقليمية بدارفور من أن الوضع مضطرب ومقلق، مشيراً إلى أن الأحداث الأخيرة تسببت في حرق عشرات القرى ونزوح الآلاف من المواطنين. (صحيفة الانتباهة 2014/3/11م).
وفي بيان لطلاب سرف عمرة بالجامعات أكد أن مجلس الصحوة الثورية (تجمع مسلح لقبائل عربية) قام يوم الجمعة 2014/3/7م وعندما كان الناس يؤدون صلاة الجمعة بهجوم على المحلية بسيارات الدفع الرباعي؛ حوالي 350 عربة لاند كروزر محملة بكافة الأسلحة الثقيلة وإطلاق النيران الكثيفة على الجناح الجنوبي الغربي في اتجاه المسجد والجناح الشمالي الغربي للمحلية مستعملين صواريخ وقاذفات الآر بي جي والكاتوشا، وتم حرق المحلية والسوق بعد نهبها بأكملها، وقاموا بقتل المواطنين الأبرياء العزل، وأخرجوا كل سكان المحلية، وقاموا بحرق محطات الوقود، وما تبقى من مواد تموينية وصحية، وأخرجوا الأطفال والنساء، وكبار السن قهراً من الأحياء إلى مقر الأمم المتحدة شمال المحلية، وهم الآن يعيشون أوضاعاً بالغة التعقيد لا يجدون الملبس والمأكل والمشرب، يفترشون الأرض ويلتحفون السماء، وتم منع المواطنين من رفع جثث الموتى وإسعاف الجرحى حتى فقد بعض الجرحى روحه في موقع الحدث، وما زالت قوات ما تسمى بمجلس الصحوة الثورية متواجدون داخل المدينة ينهبون ويقتلون كل من يدخل المدينة، ويحاصرون المحلية بأكملها من الداخل والخارج.
التعليق:
إن طبيعة ونوعية الجرائم التي حدثت وتحدث في إقليم دارفور؛ والتي أخذت صعيداً عرقياً قَبَلياً صرفاً حيث وضعت القبائل ذات الأصول العربية في مواجهة القبائل ذات الأصول الأفريقية، ومهما يكن من حجم تلك المواجهة إلا أنَّ المجازر التي صاحبتها تشير بقدر كبير من الشكوك حول طبيعة الصراع والأهداف المخفية وراءها! بحيث يصعب على المراقب الحصيف أن ينسبها فقط إلى مجرد منازعات حول المراعي أو مصادر المياه، أو مناجم تعدين الذهب، كما تحاول وكالات الإعلام تصويرها في أمور تحدث بينهم من يوم وجودهم على هذه الأرض، ثم إنَّ تواتر القتل الشنيع والسلب والنهب والتنكيل وتوسعها تدريجياً تعكس حقيقة واردة هي أنَّ هناك استهدافًا يتعدى مجرد النزاعات القبلية البسيطة التي تحدث في أي منطقة ذات تعدد قبلي إلى الشك في وجود مؤامرة كبرى تستهدف سلخ إقليم دارفور عن الدولة.
إن ما يجرى في إقليم دارفور شيء أكبر من مجرد عمليات النهب المسلح أو نزاعات حول الموارد الطبيعية وربما تكون مليشيات الجنجويد في حد ذاتها وسيلة لتحقيق مآرب أخرى، وإلا فكيف نفهم دوافع القتل الشنيع وإبادة القرى وتنظيف الأرض وبصورة تتعدى مجرد القتل أو النهب المسلَّح؟! والمؤلم هو نفي الحكومة الدائم للأحداث وتسترها، بل إن الصحافة مأمورة بعدم الخوض في هذا الموضوع حسب صحفيين أسرّوا بهذه الحقيقة..
وكنتيجة حتمية أصبحت التفلتات العسكرية سمة بالمنطقة والدمار الذي خلفته الحرب منذ اندلاعها قبل عدة أعوام، حيث كانت له تبعات أبرزها الانفلات الأمني وما يدور الآن أقل ما نصفه بأوضاع كارثية، مع وجود مجموعات مسلحة عديدة (مليشيات مدعومة من الحكومة بتركها تسرح وتمرح بأسلحتها الثقيلة تهلك الحرث والنسل وحركات مسلحة مدعومة من الخارج). والنساء والأطفال هم وقود هذه الحرب.
ونتيجة لذلك تعيش ولايات دارفور أحداثاً محزنة ومؤسفة؛ مناطقها الشرقية، عاثت فيها الحركات المسلحة فساداً وما زالت موجودة فيها تعتدي على المواطنين؛ تقتيلاً وذبحاً ونهباً وانتهاكاً لكافة الحرمات، أما محليات الولاية الغربية، فتعيش وضعاً متأزماً بسبب الصراعات القبلية والتناحرات العشائرية وغياب سلطان الدولة والفوضى التي ضربت بأطنابها فأصبحت الجاهلية الأولى تطل برأسها لهذه البقعة من الأرض حيث يذبح الناس بعضهم كالشياه!
فمن الذي يتحمَّل مسؤولية موت الأبرياء من نساء وأطفال وشيوخ لا حول لهم ولا قوة إلا الحكومة غير المكترثة دوماً. ثم من الذي بذر بذور الفتنة القبلية غير الرأي العام الفاسد من إرث التقاليد المقيتة والدستور الذي لا زال يكرر (السودان بلد متعدد الأعراق)؟!!
إن الدولة الإسلامية؛ الخلافة، التي أظل زمانها، تضع أولويات مختلفة تماماً لمن يعيشون فيها مع اختلافهم سواء أكانوا عرباً أم تتارَ أم أفارقة أم فرسًا أم غيرهم، لا يجمعهم دم ولا عرق، وأولى هذه الأولويات هي نشر دين الله في الأرض فكانوا خير جنود لله، وليس للقبلية المقيتة عندهم أي اعتبار، وتكرس الدولة الإسلامية (الخلافة) نفسها للنمو الاقتصادي ورفاهية رعاياها، تقدم العلوم والتكنولوجيا، ولا ينشغل الناس بسؤال: من نحن؟ فقد حددوا ذلك منذ اعتناقهم لعقيدة أصبحت هويتهم الوحيدة. فهم مسلمون من قبائل مختلفة وحدت بينهم كلمة لا إله إلا الله ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾.
إن حل هذه الصراعات في متناول اليد؛ وهو عقيدة أهل البلد، لكنها تحتاج لمن يبثها من جديد لتطبيق الإسلام، فالهوية لكل المتقاتلين في دارفور وغيرها من المسلمين هي العقيدة الإسلامية؛ التي لها نظام منبثق عنها هو دستور رب العالمين؛ كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام فإن حكموا به فستكون لهم أولويات مختلفة عن التقاتل والمحارق التي حصدت أرواح الناس بغير هدف ولا غاية، وعلى كل من كان جاداً في نزع فتيل أزمة دارفور، وعلى كل حريص على أرواح الأبرياء من النساء والأطفال، على هؤلاء جميعاً أن يتلبسوا بفرض إقامة دولة الخلافة التي بها تحقن الدماء، ويكون للمسلم فيها قضية وهدف وغاية أسمى من قتل أخيه المسلم ﴿وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ﴾.
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أم أواب غادة عبد الجبار