خبر وتعليق انخداع الإخوان المسلمين بتديّن المشير السيسي
الخبر:
نشرَ موقعُ السي إن إن بالعربية مقابلةً أُجْرِيَت مع قطب العربي، القياديّ في حزب الحرية والعدالة وجماعة الإخوان المسلمين المصرية، نقتطفُ منها هذا السؤالَ والجوابَ:
– علقتم على ظهور زوجة المشير السيسي واتهمتموه بممارسة “الاحتيال” عليكم بعدما اتضح أنها غير منقبة، فهل تريدنا أن نصدق أن الإدارة المصرية السابقة وضعت ضابطا مثله على رأس الجيش وهي لا تعرف عنه شيئا؟
لم نكن نعرف الكثير عن السيسي، وقد نجح في إيهامنا بمظهر اتضح أنه مغاير للحقيقة، فقد كان يحرص على زيارة القصر الرئاسي يوم الاثنين كي يقدم له الشراب فيرفضه بحجة أنه صائم، وكان يشيع هو ورجاله عن نفسه أنه رجل متدين إلى حد التطرف، وأن زوجته وابنته منقبتان بالكامل وكنا بالطبع نصدق ذلك، فكيف لنا تكذيب الرجل وقد كان يبكي في صلاة الظهر رغم أنها ليست من الصلوات التي يسمع فيها صوت تلاوة القرآن لإقناعنا بتقواه وتأثره. هذا في الواقع كان مجرد تمثيل على القيادة السياسية الموجودة، والتمثيل استمر حتى اللحظات الأخيرة، فعند صدور التحذير الأول من قيادة الجيش خلال الأزمة بمنح مهلة أسبوع للحل اتصل به المتحدث الرسمي باسم الرئاسة، ياسر علي، وسأله عن القضية فرد الأخير بدعوته إلى عدم تصديق الشائعات التي تريد الإيقاع بين الرئاسة والجيش، وفي الواقع، فإن الوحيد الذي تنبه إلى شخصية السيسي الحقيقية هو الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل الذي وصفه بأنه “ممثل عاطفي.” من الطبيعي أننا لم نكن نعرف كثيرا عن السيسي وعائلته وذلك بحكم أننا لم نكن داخل أجهزة الدولة طوال العقود الماضية، ولم نكن نعرف الكثير عن هذه الشخصيات في الأجهزة الحساسة.
التعليق:
إن من يفتقد الوعي السياسي يفتقد الرؤية الواضحة والرأي السديد، فبغضِّ النظر عن تديّن المشير السيسي أو عدم تدينه، فليس لأحد أن يحكم على السرائر إلا الله سبحانه وتعالى، ولكن الحكم على الأشخاص يكون بالنظر في أقوالهم وأعمالهم ومواقفهم، وبنظرةٍ سريعةٍ على أقوال المشير السيسي وأعماله ومواقفه يَظهرُ بُعدُهُ عن الدينِ، فالمشير السيسي الذي هو الحاكمُ الفعليُّ في مصر يرى ويشاهد ما يحصل في مصر من تخريب وقتل وسَجنٍ وتعذيبٍ لأبناء الأمة، إن لم يكنْ هو نفسُهُ وراءَ هذه الأعمال، ولا يغيّرُ شيئاً من ذلك، فهو على الأقلّ ساكتٌ على كل ما يجري في مصر وهو قادر على التغيير لأنّ قوةَ مصر بيده، فأين تديّنُهُ؟
هل التديّنُ يقتصرُ على الصلاةِ والصيام والزكاة وغيرها من العبادات التي هي من علاقة العبد بخالقه سبحانه وتعالى، مع أنها أساسٌ لا يكتملُ دينُ المسلمِ بدونها أو بدون شيء منها، ولكن هل من يقتصر عليها، ويتبع في غيرها أحكاماً غيرَ أحكام الله تعالى هل يُعَدُّ هذا متديناً؟
بم انتفعت الأمةُ من تديّنِ مرسي، الحافظ للقرآن الكريم، والمحافظِ على صلاة الفجرِ في المسجد؟ ولكنه لم يكن يملكُ مشروعاً للحكم بالإسلام، ولم يطبق الإسلام في حكمه، ولم يقلْ إنه يريد تطبيق الإسلام، فما الفائدةُ التي حققتْها الأمةُ من تدينِهِ؟ وما الفائدةُ التي ستحققها الأمة من تديّن السيسي إن صار رئيساً لمصر، إن فعل كما فعل سابقوه الذين لم يحملوا الإسلام للأمة كمشروع للحكم؟
وسؤال مهمٌ آخرُ ينبعُ من جواب القيادي المنقول أعلاه، وهو: من الذي لم ينجحْ في إيهام الإخوان المسلمين، أي في خداعهم؟ وهل هذه هي المرة الأولى التي ينخدعون فيها بشخص؟ وما زال الانخداع يتكرر، وسبب ذلك ما قلناه في السطر الأول من هذا التعليق؛ افتقاد الوعي السياسي، الذي هو النظرة إلى العالم من زاوية خاصة، والزاوية الخاصة بالنسبة للمسلم هي العقيدة الإسلامية، وللأسف فإن الإخوان المسلمين كغيرهم من الناس يفتقدون الوعي السياسي، فلا ينظرون إلى العالم كله، ولا ينطلقون في نظرتهم من العقيدة الإسلامية، فسرعان ما ينخدعون بأيّ شخص وأيّ نظام.
لقد قام حزب التحرير الواعي سياسياً، الرائدُ الذي لا يكذبُ أهله، لقد قام بنصيحة الإخوان المسلمين، وقام بنصيحة مرسي، وقام بنصيحة السيسي، وما يزال يضطلع بدوره ببيان الرأي الصحيح للأمة، وطرح الحلّ الصحيح لكل مشكلات الأمة في كل مكان، والحل الصحيح لا يكون إلا بإقامة دولة الخلافة للحكم بالإسلام ورعاية شؤون الناس بأحكام الإسلام في الداخل، وحمل الإسلام إلى الناس كافة لإخراجهم من الظلمات إلى النور، ومن شقاء الرأسمالية إلى سعادة الإسلام، فهل من منتصِحٍ؟
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أبو محمد خليفة