خبر وتعليق النظام السعودي ورقصة المذبوح
الخبر:
شدد الأمير خالد الفيصل وزير التربية والتعليم في تعميم عاجل على جميع منسوبي الوزارة بضرورة التقيد بما صدر من وزارة الداخلية مؤخرا من تحذير من الجماعات الإرهابية والعقوبات المبلغة نحو من ينتمي إليها أو أيدها أو تبنى فكرها منهجيا أو أفصح بالتعاطف معها أو دعمها وذلك كما ورد بالأمر الملكي الكريم. (الرياض – 2014/3/12).
التعليق:
ما أن صدر البيان الملكي المتعلق بالانتماء للجماعات الإسلامية أو تأييدها أو حمل أفكارها وتجريم ذلك واعتباره تهمة “إرهابية” يعاقب عليها القانون، حتى سارع النظام بكل أجهزته لجعل هذا القرار واقعا نافذا على الأرض:
فقد أصدرت وزارة الداخلية بيانها التفصيلي الذي سمّى الأعمال والجماعات المحظورة وخلص إلى أن “ذلك يشمل كل تنظيم مشابه لهذه التنظيمات، فكراً، أو قولاً، أو فعلاً، وكافة الجماعات والتيارات الواردة بقوائم مجلس الأمن والهيئات الدولية وعُرفت بالإرهاب وممارسة العنف”، ولم تكتف بذلك بل طلبت من وزارتي التربية والتعليم العالي “بالإبلاغ فوراً عن كل من يثبت انتماؤه لإحدى الجماعات المتطرفة أو إيمانه بالأفكار المتطرفة أو الترويج لأفكارها”، بحسب صحيفة الوطن..
وأما وزارة الخارجية فسارعت عن طريق سعود الفيصل بزف البشرى لوزراء خارجية الدول العربية الأخرى وأسيادهم من خلفهم متفاخرا أن بلاده “عبرت عن ذلك بالفعل لا بالقول فقط من خلال إصدارها للقوانين والتشريعات المجرمة للإرهاب والتنظيمات التي تقف خلفه”..
وأما مجلس الوزراء فقد شدد في جلسته الأخيرة “على أهمية الفهم الصحيح لتعاليم الدين الإسلامي الحنيف الذي ينبذ الفرقة والتطرف وتسييس الإسلام لأغراض حزبية، وبارك في هذا الشأن البيان الصادر عن وزارة الداخلية المتوج بالموافقة السامية الذي أوضح المحظورات الأمنية والفكرية على المواطن والمقيم”
ثم باشرت الأجهزة القضائية والأمنية بما يقتضيه ذلك من سجن وتغريم وتسفير..
وأما الإعلام فتلقف الخبر بفرح عارم، فهو الذي استلم قيادة الحرب على الجماعات الإسلامية وأفكارها منذ بدء الثورات العربية، وهو الذي شن الهجوم على كل من يدعو لوحدة المسلمين وعزتهم، وعلى تاريخ مجدهم وحضارتهم، وها هو رأس نظامهم يتوج جهودهم بتشريع ما كانوا يدندون حوله منذ سنين..
وأما شيوخ النظام فتبرعوا بدور شركة التسويق المروجة لهذه القرارات الباغية، فقد “حذر المفتي من التعاطف مع المنتمين للجماعات التي جرّمت “الداخلية” الانتماء لها، وأوضح سماحته أنه لا يجوز الدعاء لها كذلك” بحسب ما جاء في جريدة الرياض، وأوردت الصحيفة عن الحذيفي إمام وخطيب المسجد النبوي “إن بيان وزارة الداخلية المبين لمضمون الأمر الملكي الذي أصدره خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز, فيه تأكيد على الثوابت التي قام بتوحيد البلاد عليها المؤسس الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن – رحمه الله – وحمايتها”، كما أكد السديس بحسب الصحيفة نفسها أن “بيان الداخلية بلسم للجراح وصمام أمان وطوق نجاة”، هذا وعقدت في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة ندوة بعنوان “الحكمة في تجديد الخطاب الدعوي: الضوابط، المجالات، الآثار” أشاد المشاركون فيها بما وصفوه بأنه “بالأمر الملكي الكريم بشأن تجريم المشاركة في الأعمال الضالة خارج المملكة، أو الانتماء إلى التيارات أو الجماعات المتطرفة، وببيان وزارة الداخلية الذي جاء مرتكزًا على الأمر الملكي ومطبقًا لمضامينه ودلالاته” واختتمت الندوة بتوصية تسند القرارات الحكومية وتعطيها الصبغة الشرعية، وتجرم كل من يخالفها ممن أسمتهم المتعالمين، حيث “دعوا إلى إنشاء مركز علمي يهتم بالدعوة ويتولى خدمة الدراسات الدعوية لسد الباب أمام المتعالمين الذين يقتحمون مجال الدعوة اليوم” أي لسد الباب على كل من ينكر على الظالم ظلمه، وجعله فقط مفتوحا لمن رضي بهذا النظام وشريعته عن دين الله بديلا..
وأخيرا جاءت وزارة التربية والتعليم لتكمل السلسلة وتصدر التعميم المذكور..
إن هذا النظام بكافة أجهزته كالمذبوح الذي ينتفض يمنة ويسرة أملا في العودة إلى الحياة، ولكن أنّى له ذلك وقد ذُبح.. فالنظام السعودي يعاني الأمرين في الداخل والخارج، فلا رعايته لشؤون شعبه قد أرضتهم، ولا سياسته الخارجية قد وافقتهم ولا وقوفه مع الغرب وعلمانيته في وجه الإسلام وأفكاره راقت لهم.. بل إن هذا النظام يعاني من خلافات العائلة الحاكمة نفسها وصراعاتها وليس فقط من أبناء شعبه، فهو يعلم أنه إن لم يسقط بأيدي المخلصين من أبناء شعبه الذين لن يطيقوا صبرا طويلا على ما يفعل، فإنه سيسقط بأيدي أبناء عائلته أو الوصوليين من أذناب الغرب العلمانيين والليبراليين الذين مكنهم بيده من منابر الإعلام ومفاصل الدولة، وفوق كل ذلك فبشائر نور الخلافة تطارده في أحلامه ويقظته ولهذا يحارب كل من يفكر بالسعي لها أو تأييدها، وكيف له ذلك وهي وعد الله وبشرى رسوله..
إننا نهيب بالمخلصين في هذا البلد أن يكونوا هم السباقين لتلبية نداء الإسلام، وتحقيق وعد الله وبشرى رسوله، بقطع يد الغرب التي تقف وراء هذا النظام وقوانينه ووراء المتصارعين على السلطة فيه، وأن يستبدلوا بكل ذلك خلافة ترضي الله سبحانه وتحرر المسلمين جميعا بل والبشرية جمعاء من هذه الأنظمة البوليسية..
﴿فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ﴾ [الروم: 60]
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
محمد بن إبراهيم – بلاد الحرمين الشريفين