خبر وتعليق التهدئة في غزة بوساطة أو بتخابر هي استراتيجية أمريكية
الخبر:
كشفت صحيفة “جيروزاليم بوست” يوم الخميس 13 آذار/مارس 2014 عن “نجاح جهود الوساطة المصرية في وقف إطلاق النار الذي استمر لمدة يومين بين إسرائيل والجماعات المسلحة بقطاع غزة، وفقاً لما ذكره مسئولون في حركة الجهاد الإسلامي”.
وفي يوم الجمعة 14 آذار/مارس 2014م ذكرت صحيفة تليجراف بأن “الجهاديين في غزة يقبلون الوساطة المصرية لوقف الهجوم الصاروخي على إسرائيل”.
التعليق:
برغم الادعاءات التي يدعيها النظام في مصر بأنه يحارب الإرهاب، وأنه يواجه كل من يسانده، ويصنف الإخوان المسلمين كجماعة إرهابية ويتهم قادتها بالتخابر مع حماس ويعتبرها أيضاً منظمة إرهابية، إلا أننا نجد نفس النظام يقوم بالدور نفسه الذي يصفه ويصنفه بالتخابر ويطلق عليه وساطة للتهدئة مستخفاً بعقول الناس ومصراً على وصف نفسه حامياً ومناصراً للشعب الفلسطيني وقضية فلسطين!
ولم يكن النظام في مصر وحده الوسيط أو المتخابر في هذه التهدئة، بل كان النظام القطري الذي يُصدر نفسه للناس من خلال قناة الجزيرة مناصرًاً للثورة في مصر ومؤيداً لما يُسمى بالشرعية الديمقراطية التي انقلب عليها العسكر، فيبدو أن الجميع في التوسط أو التخابر مع كيان يهود لا فرق ولا خلاف ولا اختلاف بينهم، فكلٌّ يدّعي وصلاً بغزة وفلسطين فقط حينما يتعرض أمن كيان يهود للخطر ولو مؤقتاً!
فحينما استباح كيان يهود دماء المسلمين بحجة ضرب الإرهاب لم يحرك أحدٌ ساكناً، وما أن أُمطر هذا الكيان بزخّات صواريخ بدائية لم تقتل أحدًا ظهرت الوساطات وتوارت ادعاءات التخابر وبرزت ادعاءات الوساطة سواء مع كيان يهود أو مع حركة الجهاد الإسلامي! فقد أكد مسئولو حركة الجهاد أنه تم التوصل إلى هدنة بعد اتصالات وجهود مصرية مكثفة، وهو ما ذكره مسئول حركة الجهاد الإسلامي خالد البطش في الفيسبوك.
وفي الخبر نفسه من الجيروزاليم بوست ورد ما يلي “ومن جانبه، أكد مسئول فلسطينى لـ”رويترز” أن مصر قد تدخلت في الأمر. وأن مسئولين مصريين أجروا اتصالات مع كلا الجانبين لتهدئة الأوضاع. ووفقاً لمصادر أخرى، لفتت الصحيفة إلى أن قطر أيضا شاركت في التوسط من أجل هدنة ووقف الاقتتال بين غزة وإسرائيل”!
وهكذا نجد أن التهدئة وتثبيت الهدنة سواء بوساطة أو بتخابر، فالأسماء تتعدد والتهدئة واحدة، ما هي إلا خط واحد وقاسم مشترك بين الأنظمة في مصر مهما تغير الحكام ومهما تغيرت الأنظمة، فهي حتمية للمحافظة على أمن كيان يهود ومواطنيه الذين يجب أن يشعروا بالأمان في أرض فلسطين فيستقروا فيها ويتوافدوا إليها، حتى يكون هذا الكيان خط الدفاع الأول لأمريكا والغرب وحاملة طائراته في قلب بلاد المسلمين.
فأمن كيان يهود والمحافظة على كامب ديفيد هما من أهم بنود التصريح للحكام حتى يتربعوا على سدة الحكم حتى ولو كانوا من المحسوبين على ما يسمى بالتيار الإسلامي.
فلم تكن أمريكا، وتحت وطأة الثورة في مصر وضغط الحراك الشعبي فيها نحو الإسلام والمطالبة بتمكينه، لم تكن لتسمح أن يصل إلى سدة الحكم في مصر أحد من المحسوبين على ما يسمى بالتيار الإسلامي إلا إذا أقر وتعهد أن يحافظ على كامب ديفيد وعلى أمن كيان يهود، فنفس هذا الدور في التهدئة والاتصالات التي تجري بين أطرافها، وهو الذي يوصف اليوم في القضاء المصري بالتخابر، رغم أنه هو نفسه ما مارسه النظام المصري في أيام تولي محمد مرسي الرئاسة، لدرجة أن وفد رئيس الوزراء الأسبق هشام قنديل الذي زار غزة أثناء العدوان الإسرائيلي على غزة كان تغطية على سفر مدير المخابرات العامة اللواء مراد موافي آنذاك للقيام بدور الوساطة أو التخابر، ومن قبل كان عمرو سليمان أيام المخلوع مبارك يتولى ملف الوساطة أو التخابر هذا مع كيان يهود!
وهكذا بدلاً من الحل الناجع والوحيد، والذي يرضي رب العالمين، وهو إلغاء معاهدة السلام مع كيان يهود، وعودة حالة الحرب معهم، وتجهيز وتحريك الجيوش لتحرير فلسطين من دنسهم، نرى هذه الجيوش تخوض حروباً ضروساً ضد شعوبها، وتحمي كيان يهود. وللأسف نرى حركات المقاومة الإسلامية وكأنها غُمي عليها فلم تعد ترى ولا تتعظ مِن تقلُّب وانقلاب الأنظمة عليهم لتحقيق هذا الأمن لكيان يهود واصفين السعي لتحقيق هذا الأمن تارة بالوساطة، وتارة أخرى بالتخابر، وواصفين هذه الحركات تارةً بحركات مقاومة، وتارة بحركات إرهابية.. فللجميع أقول: انتبهوا فإن أمريكا والغرب لا يهمهم سوى مصالحهم وارتباطها بأمن كيان يهود، سواء ادعيتم الوساطة أو ادعيتم التخابر، وسواء ادعيتم أنكم حركات مقاومة إسلامية أو ادُعيَّ عليكم أنكم حركات إرهابية.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
علاء الدين الزناتي
رئيس لجنة الاتصالات لحزب التحرير في ولاية مصر