Take a fresh look at your lifestyle.

خبر وتعليق لا وجود لقانون دولي رادع لمن يخالفه (مترجم)

الخبر:

وافق الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة على فرض عقوبات على مسئولين روسيين وأوكرانيين، في رد على الاستفتاء على استقلال شبه جزيرة القرم.


التعليق:

في سياق رفض نتائج استفتاء شبه جزيرة القرم، التي أظهرت أن أغلبية كبيرة من سكانها يرغبون في الانضمام إلى الاتحاد الروسي، بحسب المصادر الروسية، قال البيت الأبيض أن التصويت قد تأثر “بالتهديد بالعنف، والتخويف من التدخل العسكري الروسي”، وأعرب وزير الخارجية البريطاني (وليام هيغ) عن مشاعر مماثلة قبل ذلك، حيث قال: “طريقة إجراء الاستفتاء لا تقنع أحدًا بمشروعيته”.

وما يثير السخرية في نفاق الغرب الرافض لنتائج الاستفتاء الذي عُقد تحت الاحتلال، هو أنه هو نفسه يدعم ويؤيد استفتاء مشابهًا في الانتخابات الرئاسية في أفغانستان الشهر المقبل، وأفغانستان كجزيرة القرم ترزح تحت الاحتلال، لكن تباين المصالح عند الغرب باختلاف المنطقة يفسّر دعمه لانتخابات أفغانستان، ومعارضته لاستفتاء القرم.

من المهم أن نلاحظ أيضًا طبيعة استجابة الغرب لاحتلال روسيا لشبه جزيرة القرم وحجمه، فمحاولة صدام حسين لضم الكويت للعراق في عام 1990م مثلًا دفعت الغرب إلى الحشد العسكري، وتمكنت من جمع ائتلاف واسع من البلدان لإجبار العراق على الانسحاب من الكويت. أما في حالة روسيا والقرم فإن الغرب يخطط لفرض عقوبات اقتصادية، وتوظيف أدوات سياسية لردع روسيا اقتصاديا. إنّ الفرق بين نهج الغرب في العراق والقرم واضحٌ جيدًا، فالغرب يعرف أنه ليس بإمكانه التغلب على روسيا عسكريا، بينما كان واثقًا أن بإمكانه قهر العراق بالقوة العسكرية الغربية بمساعدة حكام العرب والمسلمين العملاء من جيران العراق.

إن الأزمة الأوكرانية تمثل درسًا جيدًا في العلاقات الدولية والصراع الدولي، فأولاً: لا يوجد شيء اسمه قانون دولي يكون بمثابة قوة رادعة لأي سلوك مخالف له، ففكرة وجود قانون يحكم علاقات مجتمع الأمم فاسدة ومعيبة، لأنه لا توجد آلية تتخذ الإجراءات نفسها عند مخالفة القانون، كما أن وجود قانون دولي يتعارض بشكل مباشر مع فكرة سيادة الدول التي يجب أن لا تقبل بأي سلطة عليها. والعراق لم تكن في وضع يمكنها من تحدي الولايات المتحدة عسكريًا عندما كانت الولايات المتحدة تعتبر المنفّذ العالمي لما يُسمى بالقانون الدولي، بينما روسيا يمكنها تحدي الموقف الدولي.

ثانيًا: واضح من اختلاف التفسيرات “للشرعية” الانتخابية لأفغانستان وشبه جزيرة القرم، مع أنهما تخضعان لظروف مماثلة تقريبًا، بأن القانون الدولي هو في الواقع أداة بين أيدي القوى الكبرى؛ تشكل بها الرأي العام والرد العالمي بما يخدم مصالحها. إنه من المستحيل أن تتفق الدول على مؤسسة عالمية من شأنها تفسير القانون الدولي بنزاهة، كما أن اختلاف الدول في قيمها وثقافاتها ومصالحها يشّكل عقبة أخرى.

تبرهن القرم وأفغانستان مرة أخرى أن العالم الإسلامي لا يمكنه الاعتماد على القانون الدولي والمؤسسات الدولية لحماية مصالحه، فالقانون الدولي ليس سوى أداة اتّخذها الغرب بعد الحرب العالمية الثانية لقلب موازين القوى لصالحه من أجل تطوير القانون الذي يحمي مصالحه. لكن هذا لا يعني أن المسلمين لا ينبغي لهم أن يلعبوا دورًا فعّالا على المستوى العالمي، بل يمكنهم ذلك بلا شك، وما يحتاج إلى البحث هو الكيفية. وبالنظر إلى التاريخ نرى كيف كان للأمة من خلال دولة الخلافة صوت قويٌّ وفعّال على المستوى الدولي، حيث كانت الخلافة قادرة على حشد ما يكفي من القوة الاقتصادية والعسكرية والسياسية لتشكيل الرأي العام العالمي والسلوك الدولي لحماية مصالحها.

 

 


كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

المهندس معز مبين / عضو لحزب التحرير في ولاية باكستان