خبر وتعليق حرب الإدراك بين حزب العدالة وجماعة غولان
الخبر:
ذكر موقع تركي غازيت التركي بأن نائب رئيس الوزراء والناطق الرسمي باسم الحكومة، بولنت أرينج صرح أن رئيس الوزراء تلقى تهديدا بشأن مراكز التدريس الخاص، وقال ما يلي: “قال لي رئيس الوزراء (قاموا بتهديدي وتهديد حكومتي بشأن مراكز التدريس الخاص، وقالوا سنقوم بالكشف عن هذا وذاك، ونعرضه على الساحة، ولقد رأيت فيهم الراحة، فقلت لهم اعرضوا ما تملكه أيديكم، وقوموا بما تشاؤون، فلن أعود عن كلمتي). فقلت لهم إذن في النهاية كنتم ستتصرفون على هذا النحو المتدني، فبينما فكرت إيجابيا أن كل شيء قد انتهى بعد موضوع مراكز الدروس الخاصة، بدأت القنابل بالانفجار. هذا يعني أن رئيس وزرائنا كان على حق، فالقضية ليست قضية مراكز الدروس الخاصة، تماما مثل أحداث غازي بارك فهي ليس قضية 3-5 أشجار، بل يقصد أمر آخر”.
التعليق:
إن الأمر الوحيد الغالب على الساحة التركية بلا نقاش منذ تاريخ 17 كانون الأول/ديسمبر حتى يومنا هذا هو الصراع الدائر بين حزب العدالة والتنمية والجماعة. فالصراع يكتسب أبعادًا جديدة في كل يوم. وخلال أسبوعين فإن هذا الصراع أصبح في وضع يقلب الميزان.
حيث إن الجماعة قامت بتحويل كامل قواها وأسلحتها التي استخدمتها سابقا في وجه الأرجينيكون لتستخدمها حاليا في وجه حكومة حزب العدالة والتنمية. بينما حكومة حزب العدالة والتنمية وكأن منافسها في الانتخابات هي الجماعة، فعينتها هي الهدف وتقوم بمهاجمتها في كل فرصة تسنح أثناء زياراتها للمدن.
وعلى الرغم من أننا لو قمنا بالموازنة بين قوى حزب العدالة والتنمية وقوى الجماعة لوجدنا هوة كبيرة بينهما، إلا أن الجماعة تملك قوة خاصة بها تنحدر من الوظائف التي يشغلها منتسبوها ووسائل الإعلام الموالية لها، وخصوصا التنصتات التي تقوم بها. حيث إن الجماعة قامت بالتنصت على قسم كبير من الشعب سواء على جميع الأحزاب السياسية إلى رجال الأعمال، ومن مدراء وسائل الإعلام إلى الفنانين، ويتضح ذلك من أشرطة أردوغان التي تم نشرها. كذلك ما اتضح في الأيام السابقة بعد تغييرات المجلس الأعلى للقضاة والمدعين العامين من قيام الجماعة بالتنصت على أكثر من ثلاثة آلاف شخص تقريبا موالين لحكومة حزب العدالة والتنمية بناء على قضية تنظيم. كما تم في الأسبوع المنصرم نشر ستة أشرطة تنصت لإثبات عملية الرشوة والفساد التي كان من ضمنها أردوغان بنفسه وابنه بلال أردوغان، وإبراهيم كالين رئيس مستشاري وزير الخارجية داوود أوغلو.
لذلك فإن قيام الجماعة بنشر أشرطة التنصت على حكومة حزب العدالة والتنمية يخيف الأحزاب الأخرى أيضا. وحتى لو كانوا لا يوالون الجماعة فهم في هذا الصراع يخشون الظهور حتى بالقرب من حزب العدالة والتنمية. حيث إن المعارضة لا تقترب ولا بأي شكل من النداءات التي وجهها أردوغان للتضييق وخنق الجماعة، بل حتى إنها مثل الجماعة تنادي بوجود الفساد.
وكما أشرت سابقا في مقالاتي، فإن 17 كانون الأول/ديسمبر يعد التاريخ الذي خفت فيه نور أردوغان وسمعته. فخلال السنوات العشر السابقة كانت أي معارضة لحزب العدالة والتنمية تعود لصالحه. حتى إن أردوغان كان يقول: “طالما بايكال موجود في المعارضة سنواصل نحن الجلوس على السلطة”.
في البداية أفسدت أحداث غازي بارك أجواء حزب العدالة والتنمية. كما يبدو أن هذه الشريحة تتأثر من وقت لآخر من الخطابات التي تتم من على الشُرَف. إلا أنه خصوصا بعد أحداث غازي بارك أصبحت هذه الشرائح بالكامل في مواجهة الحزب وكما تعمقت الهوة بينهما فقد تحولت أيضا إلى صراع.
إن عملية 17 كانون الأول/ديسمبر قد تمت لأول مرة من قبل شريحة تتواجد ضمن مكونات حزب العدالة والتنمية. كذلك في السابق كانت أحزاب المعارضة تتهم الحزب بالفساد، إلا أن الشعب لم يوافق المعارضة أبدا في اتهاماتها. ولكن أحد الأسباب التي جعلت التحقيق في عملية الفساد مؤثر لهذه الدرجة ينحدر من كون المدعين العامين الذين يحققون في عملية الفساد هم أنفسهم المدعين العامين الذين عملوا على قضية الأرجينيكون والمطرقة الذين قام حزب العدالة والتنمية بمدحهم ورفعهم لدرجات عليا.
من جهة أخرى فإن أشرطة التنصت على أردوغان والمقربين منه وأعضاء حزب العدالة والتنمية التي تبث كل يوم تقريبا تلفت انتباه الشعب وتشده، حيث إن وسائل الإعلام التابعة للجماعة وللقوميين تبحث هذا الموضوع باستمرار. فأصبح هذا الإدراك النامي بشأن عملية الفساد ضد حزب العدالة والتنمية يخيفه.
إذن لذلك كان رئيس الجمهورية عبد الله جول يوجه رسالة بـ”جميعنا على نفس المركب”، فكان الذين يرونه على متن هذا المركب يتصرفون وكأنهم لم يروا “أشرطة رشوة الصناديق المليئة بالنقود وملايين الدولارات التي تم نشرها”. فلم يكن أحد يناقش الفساد والرشوة.
لنقل أنه تتم مناقشة إذا كانت أشرطة التنصت هذه صحيحة أم لا.
صحيح أن القانون يقول أن :”الجميع بريء حتى تثبت إدانته”، لكن الحكومة منزعجة من مناقشة الموضوع حتى، فكيف ستكون بشأن محاسبتها؟ لذلك فإنها ستعمل بكامل قواها لخلق إدراك في المجتمع يغطي على مسألة الفساد والرشوة.
لهذا السبب فإن نائب رئيس الوزراء والناطق الرسمي باسم الحكومة، بولنت ارينج أفاد: “أن الحكومة قد تلقت تهديدا، وأنه سيتم الكشف عن أشرطة، وأن تحقيق 17 كانون الأول/ديسمبر لا يشبه أحداث غازي بارك فهو ليس مسألة 3-5 شجرة”.
إذا تمكن حزب العدالة والتنمية من النجاح في هذا التحرك النفسي، وكان الحزب الأول في الانتخابات المحلية، فإنه سيبدأ حربًا حقوقية كبيرة ضد الجماعة.
ولكن إذا نفذت المياه إلى السفينة فقد تصل تسربات كبيرة إلى حزب العدالة والتنمية. لذلك فإن حزب العدالة والتنمية الذي على علم بذلك يعمل ما بإمكانه للحيلولة دون تزعزع صورة الحزب هذه.
الشيء الجميل في هذا الصراع بالنسبة للأمة بشأن الحكومة: هو أن هذا الصراع قد كشف بالأمثلة عن حقيقة النظام الجمهوري الذي يعد شكل الحكم الرأسمالي العلماني الديمقراطي كيف أنه نظام فاسد نتن.
أما بالنسبة للجماعة: فإن ما حملته للأمة بأهداف سرية من “الإسلام الديمقراطي المدني” و “الحوار بين الأديان” قد سقط من عيونها وأصبح دون اعتبار.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
عثمان يلديز