خبر وتعليق الكون نظرية الوجود أم حقيقة الوجود
الخبر:
ذكرت سي إن إن بتاريخ 2014/3/23م أن علماء الفلك أعلنوا أنهم رصدوا تموجات في منظومة الزمان والمكان تمثل أصداء لعملية تمدد الكون الهائلة التي حدثت فور وقوع الانفجار العظيم.
التعليق:
أولاً: يعتبر البعض أن هذا الاكتشاف هو تتويج للفهم البشري في فهم حقيقة نشوء الكون في سياق نظريتين هما:
– نظرية آينشتاين.
– نظرية التمدد الكوني التي تقول: إن الكون نشأ عن الانفجار العظيم، ونشأت هذه النظرية في ثمانينات القرن الماضي. ويعتبر هذا الاكتشاف تأكيدًا لنظرية التمدد الكوني التي تستلزم حدوث الكون، وأن وراء الحدث خالقًا تصديقًا لما جاءت به الأديان من صدق وجود الخالق.
ثانيًا: لقد أغرق علماء الغرب في تقديس الطريقة العلمية في فهم مجريات الكون والإنسان والحياة حيث جعلوها أساسًا للبحث، وطريقة وحيدة للفهم مع أنها تصلح لفهم المادة والمحسوسات فقط، ولا تصلح لفهم غير المادة من أفكار، أو ما لا يخضع للتجربة العلمية؛ لأن الطريقة العلمية إنما تقوم على إخضاع المادة لغير ظروفها الطبيعية أي للتجارب ثم تتبع الملاحظات واستخراج النتائج، وهي في بحثها ليست قطعية في الفهم والحكم بدليل تعدد النظريات العلمية في البحث، بل تناقض نتائج البحث أحيانًا وتعارضها بشكل كبير، فمن قائل: إن نتائج البحث أثبتت أزلية المادة. ومن قائل: إن نتيجة البحث أثبتت حدوث المادة. فضلاً أن الطريقة العلمية لا تبحث أصلاً فيما لا وجود له مدركًا محسوسًا، أو لا يمكن إخضاعه للتجربة.
ثالثًا: إن البحث والفهم العلمي ليس طريقة بحد ذاته، وإنما هو أسلوب من أساليب الطريقة العقلية حيث تصلح للبحث فيما يخضع للتجربة فقط، ولا يمكن اعتمادها كطريقة لبحث الوجود كله، سواء أدركه الإنسان وأحسَّ به ضمن حواسه المحدودة أم كان ليس في نطاق محدوديته. بخلاف الطريقة العقلية التي هي أساس الفهم والبحث، وهي كلية وشاملة، ونتائجها قطعية إن تعلق البحث بالوجود والعدم، وظنية إن تعلق البحث بصفة الشيء الموجود لذا كان على البشر قاطبة ألا يتركوا البحث العقلي الموصل لنتائج قطعية.
رابعًا: إن البحث في الوجود لا يكون إلا من خلال الطريقة العقلية فقط، وهي نقل صورة عن الواقع إلى الدماغ من خلال الحواس مع وجود المعلومات السابقة، ومادة البحث الوجود المدرك أي الكون والإنسان والحياة؛ ليجد الإنسان بأبسط بحث محدودية الكون والإنسان والحياة. أي أن هذه الأشياء عاجزة وناقصة ومحتاجة، وأن وراء هذا الوجود المدرك خالقًا عظيمًا بالدليل القاطع، بعيدًا عن نظريات تؤكد اليوم ما أنكرته بالأمس القريب، أو تكذب ما أقرت به. فحري بالإنسان العاقل أن يعتمد على الطريقة العقلية في البحث في أساس الوجود؛ لأنها الطريقة الوحيدة، وغيرها أساليب من الفهم تصلح لبعض الأمور، ولا تصلح لغيرها، فضلاً عن أن نتائج بحثها ظنية.
خامسًا: إن الطريقة العقلية هي التي أكدت عليها الآيات في تأكيد أحقيتها كطريقة للفهم حيث أثبتت بما لا يدع مجالاً للشك حقيقة الوجود لا نظرياته، وأعطت الحقائق القاطعة الثابتة.
فيَا عَجَباً كَيفَ يُعصَى الإِلَهُ أَم كَيفَ يَجحَدُهُ الجَاحِدُ؟
وَفِي كُلِّ شَيءٍ لَـهُ آيَـةٌ تَدُلُّ عَلَى أَنَّـهُ الوَاحِـدُ
وَللهِ فِي كُـلِّ تَحْرِيكَـةٍ وَتَسكِينَةٍ فِي الوَرَى شَاهِدُ
قال تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ۚ إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ * قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ۚ ثُمَّ اللَّهُ يُنشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ ۚإِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ [العنكبوت: 19-20].
اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام! ولك الحمد على نعمة العقل والبيان! ولك الحمد على نعمة الاهتداء! نسألك اللهم الثبات والإخلاص! اللهم آمين.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
حسن حمدان / أبو البراء