خبر وتعليق مأساة كوالالامبور تجسيد لحقيقة مذهب المتعة والليبرالية (مترجم)
الخبر:
في الرابع عشر من آذار/مارس 2014، وفي وقت كان فيه الحزن العميق ما زال يلف ماليزيا جراء ما حدث لطائرة الخطوط الجوية الماليزية في رحلتها رقم MH370، قام مدرَّج بوكيت جليل في كوالالامبور وعلى الملأ باستضافة حفل موسيقي كبير. وقد أصاب هذا الاحتفال الذي أسموه “مهرجان موسيقى المستقبل آسيا 2014 (FMFA) وقالوا أنه نُظّم بصورة سرّية، أصاب الأمة بالصدمة عندما توفي ستة شباب بسبب جرعات زائدة من المخدرات أثناء المهرجان. وما كان مخزياً أكثر هو كون غالبية هؤلاء الذين ماتوا مسلمين في ريعان الشباب. إن ما حدث كان بالفعل محرجاً ومخيّباً للآمال، خاصة وأن كل ما قامت به السلطات بعدها هو إلغاء المهرجان بعد يوم من وقوع هذه المأساة. فقد كان من المعروف بداهةً أن حفلاً كهذا سيرافقه تناول الخمور وتعاطي المخدرات وممارسة الجنس.
فأين شرف وكرامة ماليزيا التي تزعم حكومتها أنها “أمة الإسلام”؟ وهل ينسجم هذا الحفل الماجن مع مفهوم “الوسطية” الذي أعلنه رئيس الوزراء، ثم جاء ليقول بأن الحفل مرخص به من قبل الحكومة حسب الأصول؟ أين المفتون وعلماء الحكومة الذين يجب عليهم التغيير على موقفها اللاأخلاقي؟ أم أنهم آثروا إبقاء أفواههم مغلقة لقاء الدخل الطائل الذي يكسبونه كل شهر؟
التعليق:
حقاً إن ثقافة الليبرالية ومذهب المتعة التي تكشفت من خلال هذه المأساة تزداد استفحالاً في ماليزيا. لكن ظهور هذه الثقافة وانتشارها ليس بالأمر الذي يحدث طبيعياً هنا. وإنما هو نتيجة لعملية تحرر ثقافية مقصودة تجري بطريقة منهجية ومنظمة تتناغم مع الخطط الغربية لإفساد وتدمير الأمة الإسلامية. فدين الإسلام الذي تعتنقه غالبية الشعب في هذا البلد لم يعلّم أمته أن تتصرف على هذا النحو أبداً. بل إن هذه الثقافة المنفلتة غربية في طبيعتها، وقد جيء بها إلى هذه البلاد عبر الغزو المادي أو الفكري للأمة الإسلامية. ومن الواضح كذلك أن تطور الليبرالية في ماليزيا لا يمكن فصله عن الخطط والمؤامرات الغربية الماكرة.
ومؤامرات التحرر التي تحاك من قبل الغرب ضد البلاد الإسلامية تسير بالتوازي مع دوافعه وأطماعه الاستعمارية. فمن خلال التحرر الثقافي يبدأ المسلمون في البلدان الإسلامية، ومن ضمنها ماليزيا، يفقدون هويتهم الإسلامية، يبدأون يرون كل ما هو غربي تقدمياً ويبدأون يتصرفون ويقومون بأعمالهم على نحو متحرر دون اعتبار لما هو حلال وما هو حرام. إن الغرب يريد منا أن نقلّده في كل ناحية من نواحي حياتنا، حتى في أفكارنا عن الإسلام ذاته! ولقد تغلغل هذا الأمر في أعماق مجتمعنا إلى حدٍ لم يعد معه المسلمون يرون في الاستعمار الغربي أي غضاضة، بل، على العكس، بدأ البعض منهم ينظرون إليه على أنه ميزة ورمز للتقدم!
لقد وقعت ماليزيا في هذا الفخ، سواءً أكان ذلك بوعي منها أم لا. فلطالما أجازت الحكومة ثقافة مذهب المتعة والليبرالية من خلال وسائل الإعلام ووسائطه الإلكترونية والمطبوعة، وعبر برامج الترفيه المفرط والموسيقى وعروض الأزياء والمهرجانات المختلفة وغيرها. هذا مع عدم إغفال الأعداد الضخمة من الحانات ومحلات الديسكو والنوادي الليلية وغيرها من قنوات التسلية المرتبطة بالرذيلة التي تعمل بلا رقيب أو حسيب وفي وضح النهار في أحضان “أمة الإسلام”. ولذلك، فإنه ليس من المستغرب أن نجد شباب المسلمين مخدَّرين جراء الحفلات الموسيقية الماجنة، من أمثال مهرجان موسيقى المستقبل آسيا 2014 (FMFA)، لأن كل شيء كان قد تم “إعداده” بكل دقة وعناية وبشكل منظم وممنهج منذ طفولتهم. إن ما نشهده اليوم ما هو إلا نتيجة طبيعية لإلقاء المسلمين الإسلام وراء ظهورهم وعدم اعتبار الإسلام واتخاذه مصدر حلول جميع مشاكل الحياة.
لكن ما يجب ألا يغيب عن ذهن كل مسلم أن حياتنا، ومنذ أن هدمت دولة الخلافة في الثالث من آذار/مارس 1924، لم تعد تُحكم بالنظام الذي جاء به الوحي من الله سبحانه وتعالى، بل باتت تُحكم بنظم ابتدعها البشر، وبخاصة الديمقراطية التي تمجّد الحرية وتؤلّهها. إن فكرة الحرية، لا غير، هي التي مزقت جسد الأمة الإسلامية إرباً إرباً. وفكرة الحرية كذلك هي سبب كل أنواع الفساد التي فشت على مرأى ومسمع من الجميع في عالمنا اليوم. وقد قال الله تعالى في كتابه العزيز:
﴿ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
الدكتور محمد / ماليزيا