خبر وتعليق كما وضعناكم على طريق التنمية نضعكم على طريق الديمقراطية
الخبر:
نقلت قناة الجزيرة مباشر من تونس العاصمة يومي 28 و29 مارس انعقاد المؤتمر الدولي الثالث لمركز دراسة الإسلام والديمقراطية تحت شعار: الانتقال الديمقراطي في تونس .. الإنجازات والتحديات.
التعليق:
صنّف الغرب البلدان التي يستعمرها بالعالم الثالث أو التي هي في طريق النمو. وربط هذه البلدان وعلى رأسها العالم الإسلامي بعجلته الاقتصادية بأن جعلها سوقا لمنتجاته ومخزنا يتزود منه بالثروات الطبيعية بثمن بخس وبدون ثمن. وخصص لهذه البلدان منظمات وهيئات اقتصادية وخبراء يضعون لها البرامج التنموية. إلا أنه لم تحصل تنمية منذ عشرات السنين وذلك أمر طبيعي لأننا وضعنا قضايانا الاقتصادية بيد الاستعمار وما تسْمية هذه البرامج بالتنموية إلا من قبيل المغالطة.
أما فيما يخص الديمقراطية. فقد ركز الغرب أيضا على بلاد المسلمين وكثف من حملاته بمثل هذه المؤتمرات وقد كانت دولة قطر هي البوابة إذ عُقدت فيها عشرات المؤتمرات تبحث دمج الإسلام في الديمقراطية.
والهدف الحقيقي من هذه المؤتمرات هو الحيلولة دون تطبيق الإسلام وإضفاء الصبغة الإسلامية على الدساتير الوضعية المطبقة في بلاد المسلمين وأنها لا تخالف الإسلام. إلا أن مسعاهم خائب بإذن الله، فهم لم ينتبهوا إلى وعي الأمة الآن أو أخطئوا تقديره. فمهما زينوا ديمقراطيتهم بإسلامنا تبقى حُكما طاغوتيا ولا يمكن الجمع بينها وبين الإسلام. والذين يحملون فكرة الديمقراطية ويدعون لها ويطبقونها على المسلمين هم حفنة من العلمانيين مكّنهم الاستعمار من الحكم في بلاد المسلمين بالمغالطة ومكّنهم من المال والإعلام وسخر الجيوش لحمايتهم مقابل وضع أهل البلاد في القالب الاستعماري الغربي ولو بالقوة.
والقائمون على هذا المؤتمر من علمانيين و”إسلاميين معتدلين” وغربيين يحاولون إقناع الحاضرين معهم بأن فشل الديمقراطية في بلاد المسلمين يرجع إلى عدة عوامل من أهمها العامل الاقتصادي أي فقر البلاد وأن طريق الديمقراطية طويل كطريق التنمية.
أما الإنجازات فإنهم يرددون خلع الطاغية “بن علي” واتساع مجال حرية التعبير.
فهلاّ رفع هؤلاء رؤوسَهم ونظروا إلى ما أبعد من أنوفهم وفكروا فيما يقولونه أو ما أُمِروا بقوله. هلاّ نظروا إلى حالة البلاد والعباد وما فعلته هذه الديمقراطية: إنها “الإنجازات” من حكم علماني مخالف لعقيدة الناس وإعلام علماني لا مكان فيه للإسلام واعتقالات لشباب وزعوا نشرات محتواها تبني مصالح الأمة من منظور إسلامي وتعتيم إعلامي على ما يقع في البلاد من شبه ثورة ثانية وخاصة أهل الجنوب الذين يطالبون بحقهم في ثروات البلاد التي تتمتع بها الشركات الغربية، وها هي المساجد لا تُفتح إلا لأداء الصلاة بحجة حمايتها من التجاذبات أو توظيفها حزبيا وسياسيا وغير هذه “الإنجازات” المفسدات كثير. وهلاّ نظر هؤلاء إلى إنجازات الدول الديمقراطية الكبرى: الدوس على القوانين التي تضعها إذا تعارضت مع مصالحها وإشعال الحروب ولو كان لبيع السلاح فقط وشن الحروب على كل مّن يقف في وجه مصالحها أو يحاول التحرر من استعمارها ووصمه بالإرهاب مثلما هو جار في أغلب بلاد المسلمين.
﴿وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَـٰنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ * وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ﴾ [الزخرف: 36-37].
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
محمد بوعزيزي