Take a fresh look at your lifestyle.

خبر وتعليق هل يستحق أردوغان كل تلك الأدعية


الخبر:

هنأ رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الدكتور القرضاوي، رئيس الوزراء التركي، أردوغان بفوز حزبه وتقدمه في الانتخابات البلدية، مشيرًا إلى أنه سجد لله شكرا على هذا الفوز. وقال القرضاوي في رسالة تهنئة بعث بها إلى أردوغان: “كنت قبل الانتخابات أنا وأهلي وأولادي وأحفادي وإخواني، وكل من حولي، ندعو الله تعالى في حرارة وابتهال أن ينصركم، ويحقق آمالكم وبعد ظهور النتيجة بفوزكم كان الحمد والتكبير لله، الذي صدق وعده، ونصر عبده، وأعز جنده، وهزم الأحزاب المعادية وحده.” وأضاف: “سجدنا سجدة الشكر لله، ودعوناه أن يتم عليكم نعمته، ويحرسكم بجند من جنده، ويؤيدكم بروح من عنده، ويحفظكم…”.

 

التعليق:

من يسمع كل هذه الأدعية بالتوفيق والسداد لأردوغان، بل والسجود شكرا لله لفوزه في الانتخابات البلدية، يظن أن أردوغان قد حقق نصرا لأمته ما بعده نصر، وأنه هو من رفع راية الإسلام خفاقة عالية. فمن هو أردوغان وما الذي فعله حتى يستحق كل هذه الأدعية من رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين؟!

رجب طيب أردوغان من مواليد 1954/2/26 حي قاسم باشا في اسطنبول، جاءت أسرته من محافظة رزا شمال البلاد. التحق بمدرسة الأئمة والخطباء الدينية، ولازم نجم الدين أربكان وتقلب في العديد من المناصب قبل أن يصبح عمدة اسطنبول في سنة 1994. سجن لمدة أربعة شهور ومنع من ممارسة أي نشاط سياسي بعدما أنشد شعرا لشاعر تركي مشهور يقول فيه: “المساجد ثكناتنا والقباب خوذنا والمآذن حرابنا والمؤمنون جنودنا” ثم صدر عنه عفوٌ عامّ.

بعد خروجه من حزب الفضيلة، أسس حزب العدالة والتنمية مع صديقه عبد الله غول. وبعد وصوله إلى رئاسة الوزراء ألغى سياسات أربكان السابقة وأبرزها سياسة “التوجه شرقا” واستمر في التوجه نحو أوروبا والغرب. في سنة 1994 قال: “إن العقيدة العلمانية التي يقوم عليها النظام التركي لا بد من إلغائها لأن الإسلام والعلمنة لا يمكن أن يتعايشا معا، واعتبر أنه لو اعتمدت تركيا نظامًا إسلاميًا يعترف بجميع المواطنين بصفتهم مسلمين لما كانت واجهت المشكلة الكردية في جنوبي شرق البلاد، وانتقد الدستور وقال أنه كُتب بيد “سكيرين”. ثم نكص على عقبيه بعد ذلك ليقول “أنه يرى العلمانية بمثابة ضمانة للديمقراطية” وشدد على عدم تشويه العلمانية بإساءة تفسيرها وإظهارها وكأنها تتعارض مع الدين. كما نفى الرجل الإسلامية عن حزبه فقال “البعض يسموننا حزبًا إسلاميًا والبعض الآخر يراه إسلاميًا معتدلًا ولكننا لا هذا ولا ذاك، نحن حزب محافظ ديمقراطي ولسنا حزبًا دينيًا وعلى الجميع أن يعرف ذلك”، كما صرح لجريدة السفير اللبنانية في 2009/12/12 بقوله: “إن حزب العدالة ليس حزبا إسلاميا ويرفض وصف سياسة حكومته الخارجية بالعثمانية الجديدة، ويرفض اعتبار تعاطفه مع غزة بأنه من منطلق إسلامي”. ولو قرأنا مقدمة البرنامج السياسي لحزبه لتبين لنا واقع هذا الحزب؛ حيث يقول البرنامج “إن حزبنا يشكل الأرضية لوحدة وتكامل الجمهورية التركية حيث العلمانية والديمقراطية ودولة القانون وصيرورات الحضارة والدمقرطة وحرية الاعتقاد والمساواة في الفرص تعتبر جوهرية”.

وبرغم وضوح كلام الرجل نجد من يجادل عنه فيصف حزبه بالإسلامي ودولته بالنموذج الذي يجب أن ينسج الإسلاميون على منواله. وكلمته المشهورة أكبر رد على هؤلاء، إذ قال بكل صلف “تمدن المسلمين لا يمكن أن ينافس تمدن الغرب”. وعندما سُئل أربكان في حديث له مع جريدة الشرق الأوسط – قبل وفاته – عن الدوافع التي جعلت أردوغان ينشق عن حزب الفضيلة، قال: “أردوغان لم يؤسس حزبًا بمبادرة منه بل أُعطي أوامر بتأسيس حزب، لماذا أصبح أردوغان أُلعوبة في هذا المشروع؟ لأنه لديه ضعف إزاء الموقع والمال والرئاسة والمنصب”، ثم قال: “لسنا راضين عن ولائه وكونه شريكا للصهاينة في بعض البرامج”. كما قالت اويا اكجونينش إحدى القيادات البارزة في “حزب السعادة” الإسلامي: “إن حزب العدالة والتنمية حزب رجال الأعمال والأثرياء، فهم أكثر من استفاد من سياسته، وهو حزب مؤيد لأميركا ومؤيد لأوروبا وليبرالي في سياسته الاقتصادية”. وكان كبير مستشاري عبد الله غول قد نفى إمكانية تحول تركيا إلى دولة إسلامية وقال: “إن تركيا تقوم على أسس لا يمكن تغييرها أو تعديلها وأولها علمانية الدولة وديمقراطيتها”.

مما لا شك فيه أن مواقف أردوغان “البطولية” في دافوس وسفينة الحرية وسحبه لسفير بلاده في دولة “يهود” لشعوره بالإهانة أوجدت له شعبية كبيرة في العالم العربي استفاد منها كثيرًا، بحيث أصبح موضع أمل الكثيرين الذين لم يتعودوا على مثل هذه المواقف من زعماء بلدانهم. ولكن لا ننسى في خضم هذه المواقف “البطولية” حقيقة أن تركيا لاعب رئيس في مسيرة التطبيع مع “يهود” التي انخرطت فيها جميع دول المنطقة بلا استثناء. ومما لا شك فيه أن ادعاء تركيا بأنها تدعم المقاومة الفلسطينية ادعاء ساقط فالتطبيع ودعم المقاومة نقيضان لا يلتقيان.

كما أن العلاقات المميزة بين تركيا والولايات المتحدة وكون تركيا عضوًا في حلف الأطلسي وتربطها علاقات اقتصادية وسياسية وعسكرية معلنة مع يهود، يرشحها للعب دور عاقد النكاح الذي يراد إكماله بين العرب ويهود. لقد سلمت أميركا بعضا من مفاتيح الحل السوري إلى أردوغان، وهو حتى الآن لا يرغب بالضغط على نظام بشار الأسد الذي أهداه لواء الإسكندرونة ومسحها من خارطة سوريا. ومن غير نظام الأسد سيستمر بتسليم عناصر من حزب العمال الكردستاني إلى الدولة التركية؟

ثم كيف لنا أن ننسى هرولة أردوغان لممالقة أعداء الله والمؤمنين في “كيان يهود” بإرسال طائرات للمساعدة في إطفاء الحريق الذي شب في مدينة الكرمل المحتلة وذلك حتى دون أن تطلب دولة يهود المساعدة منه لا خفية ولا علانية، كما وتأسف لمقتل 41 مغتصبا، إذ قال: “تلقينا بأسف خبر وفاة 41 شخصا لديكم. وكان من الواجب علينا تقديم العون لكم في مصابكم وكارثتكم من منطلقنا الإنساني والإسلامي”، ذلك رغم أن رد اليهود عليه في موضوع الاعتذار في موضوع السفينة كان على النحو التالي: “اعتذارنا عن قتل 19 إرهابيًا أتراكًا فقط”. وعندما سأله أحد المخدوعين بكلامه في دافوس عندما أظهر “انزعاجه” من عدوان يهود على غزة، “إذن لماذا لا تقطع تركيا العلاقات الدبلوماسية مع يهود؟ أجاب “إن بقاء العلاقات مع “إسرائيل” خير من قطعها. هذا فضلا عن مشاركته دولة الطاغوت أمريكا في حربها ضد المسلمين في أفغانستان، حيث شاركت تركيا بـ 1755 عنصرًا في احتلال أفغانستان حيث يعملون ضمن قوات حلف شمال الأطلسي الناتو، بل وقادت قوات الناتو في أفغانستان في الفترة بين شباط/فبراير 2004 وآب/أغسطس 2005.

قد يكون أردوغان حقق نموًا اقتصاديًا لبلاده، ولكن هل طبق أردوغان إسلامًا؟ إن جُل ما فعله أردوغان أنه حول تركيا من دولة معادية للإسلام إلى دولة علمانية تفصل الدين عن الحياة والدولة، وجعل الإسلام على قدم المساواة مع غيره من الأديان. فهل الإسلام مساوٍ لغيره من الأديان؟!

هذا هو أردوغان، فهل يستحق أن يجعل منه البعض بطلا؟ وأين هو والشريعة التي يزعم من يؤيده ويجعل منه زعيما، أنه يريد أن يراها مطبقة؟!

 

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
شريف زايد
رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية مصر