Take a fresh look at your lifestyle.

ماذا يعني أن تكون رئيسا للجمهورية؟

 

 

من أجل الصراع على هذا المنصب، أو البقاء فيه ترى في الأمة العجب العجاب، فأحدهم ظل مستمسكًا به لأكثر من ثلاثين عامًا، يريد بعدها أن يورثه لأحد أبنائه، ولما ثارت الأمة ضده وضد هذا التوريث خرج علينا ليقول في بَلادة غير عادية: “لم أكن أنتوي الترشح”، وآخر يعدل الدستور الذي لا يسمح له بالترشح لفترة ثالثة فينجح لفترة ثالثة يكمل بها أعوامه الخمسة عشر على كرسي الجمهورية، وبرغم مرضه الظاهر يترشح للرابعة ويذهب إلى اللجنة الانتخابية ليصوت على كرسي متحرك في مشهد هزلي، وكأن النساء عجزن عن أن يأتين بمثله، وثالث تم عزله من رئاسة الجمهورية من خلال حركة انقلابية قام بها وزير دفاعه تحت غطاء ثورة شعبية مدبرة، ولكنه يقاتل من خلال جماعته لاستعادة هذا الكرسي المعوج تحت غطاء عودة الشرعية الديمقراطية الزائفة، ورابع يسعى لتحقيق حلم حياته بأن يكون رئيسا للجمهورية مع ساعة أوميجا. وما أن أعلنت لجنةُ الانتخاباتِ في مصر فتح باب الترشحِ للسباقِ الرئاسيِ في 2014/03/30م، حتى بدأ سُعار سباقٍ بين المرشحين الطامعين في هذا المنصب، حتى رأينا أعداداً تتجمع أمام الهيئة العامة للانتخابات يريدون أخذ طلب الترشيح، وبعضهم يندب حظه أن ليس لديه المال المطلوبِ للدعاية…! وكأن كرسي حكم مصر في ظل الجمهورية مغنمٌ يسيل له لعابُ المتسابقين البواسل. ولنا أن نتساءل ماذا يعني أن تكون رئيسا للجمهورية؟ ربما يرى البعض أن ذلك يعني أن يكون له الملك، وتجري الأنهار من تحته، وتنحني الرقاب له، وتدين له البلاد والعباد، يسير في موكب مهيب، يطل على الناس من سيارته المكشوفة يلوح لهم ويلوحون له، يخطب فيهم بكلام مملول مكرر فتنهال الأيادي له بالتصفيق، يسكن القصور يتبوأ منها حيث يشاء، وينال من كنوزها وخزائنها دون رقيب ولا حسيب…، ولكننا نقول أن تكون رئيسا للجمهورية فهذا يعني عدة أشياء غير كل ما سبق ومنها:

1- أنك تحكم بغير ما أنزل الله:

فالنظام الجمهوري سواء أكان نظاما رئاسيا أو نظاما برلمانيا أو حتى نظاما مختلطا، هو نظام يقوم على فكرة السيادة للشعب، بمعنى أن الشعب هو السيد وهو المشرع من دون الله، بينما جعل الإسلام السيادة للشرع. فالشعب في النظام الجمهوري هو الذي يحلل ويحرم ويحسن ويقبح ويعطي ويمنع، وكأنه اتُّخذ ربّاً من دون الله، فالله هو الخالق وهو المدبر وهو في الوقت نفسه المشرع، قال تعالى: ﴿اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ [التوبة:31]، جاء عدي بن حاتم – وكان على دين النصرانية – إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، فتلا عليه النبي صلى الله عليه وسلم هذه الآية: ﴿اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ﴾ قال له عدي: ما عبدناهم. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «ألم يحلوا لكم الحرام، ويحرموا عليكم الحلال، فأطعتموهم؟ قال: بلى، قال: فتلك عبادتكم إياهم».

ومن هنا كان النظام الجمهوري نظام كفر يجعل التشريع لغير الله فضلا عن كونه مخالفاً لنظام الحكم في الإسلام الذي هو نظام الخلافة، حيث تضافرت الأدلة على ذلك من الكتاب والسنة وإجماع الصحابة، والحكم من خلال النظام الجمهوري هو حكم بغير ما أنزل الله، وأن تكون رئيسا لهذا النظام فأنت إما كافر إذا اعتقدت بصحة هذا النظام وأن الإسلام لا يصلح للحكم في هذا العصر، قال تعالى: ﴿مَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ﴾ [المائدة: 44]، وإما فاسق وظالم إن كنت لا تعتقد بذلك، قال تعالى: ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾[المائدة: 45]، ﴿فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾ [المائدة: 47].

2- أنك أعلنت حربًا على الله ورسوله:

يقوم النظام الجمهوري في رعايته شئون الاقتصاد في الدولة على النظام الاقتصادي الرأسمالي الذي يختلف اختلافا جذريا عن النظام الاقتصادي الإسلامي في نظرته للمشكلة الاقتصادية وفي معالجاته، ويكاد يكون الربا هو حجر الزاوية في ذلك النظام الفاسد، بجانب العقود الفاسدة المخالفة للعقود في الإسلام كعقود شركات المساهمة والتأمين وغيرهما. ورئيس الجمهورية في إقراره للربا في المعاملات الاقتصادية في دولته أياً كان مبرره، حتى لو استند لفتاوى باطلة من مؤسسات أو مشايخ وعلماء سوء، هو من الذين أعلنوا حربا على الله ورسوله لإقراره الربا وتعامله به، بل وجعله أساسا في دولته وتعامله مع المؤسسات المالية الدولية كصندوق النقد والبنك الدوليين، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ، فَإِن لَّمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ۖ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ﴾ [البقرة: 278-279].

3- أنك معطل لذروة سنام الإسلام:

في ظل الأنظمة الجمهورية والملكية التي تشكلت على أنقاض دولة الخلافة الإسلامية، لم يعد من المقبول دوليا أن تقوم السياسة الخارجية لتلك الدول على ما كانت تقوم عليه السياسة الخارجية لدولة الخلافة؛ من جعل حمل الدعوة الإسلامية بالدعوة والجهاد هو الأساس الذي تقوم عليه. فقد قامت هذه الدويلات لتمزيق وحدة الدولة والأمة وإبعاد الإسلام عن الحياة والدولة في أنظمة الحكم والاقتصاد، وكذا بل وبالأخص في العلاقات الخارجية، خصوصا وقد تلقت الدول الأوروبية الضربات تلو الضربات من قبل دولة الخلافة. فالدولة الجمهورية الحديثة في بلاد المسلمين قد أسقطت من مفاهيمها حكم الجهاد ذروة سنام الإسلام، فهي مرتبطة باتفاقات دولية تقوم على حسن الجوار، وهي عضو في منظمات كفر دولية كمنظمة الأمم المتحدة، ومجلس الأمن الدولي الّلذين يتحكمان في السياسة الدولية وفق مصالح الدول الكبرى، ولقد كان أصل نشأة الأمم المتحدة رابطة الدول الأوروبية النصرانية التي تم تأسيسها للوقوف في وجه الدولة العثمانية بوصفها دولة إسلامية تقوم سياستها الخارجية على الجهاد لنشر الإسلام، يقول تعالى: ﴿قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ﴾[التوبة:29]، ويقول أيضا: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ قَاتِلُواْ الَّذِينَ يَلُونَكُم مِّنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُواْ فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ﴾ [التوبة:123]. ومن هنا فعندما تكون رئيسا للجمهورية فأنت معطل لذروة سنام الإسلام بحجة أن الزمان غير الزمان، وأنك تحكم دولة لديها التزامات دولية، وهي عضو في منظمات دولية يجب احترام مواثيقها، ولكن أين أنت من أحكام الإسلام الشرعية؟!.

4- أنك صاحب لواء غدر يوم القيامة يرفع بقدر غدرك:

منذ أن ابتليت الأمة بهؤلاء الحكام بعد أن زال سلطان الإسلام، لم ترَ الأمة في ظل حكمهم الجبري يوم عدل واحداً، فقد ساموها القهر والذل وغدروا بها ونهبوا ثرواتها وخيراتها، ففي ظل حكمهم الجائر ضاعت فلسطين وأخواتها، ونال الأمة فقرٌ لم تعشه يوما في حياتها برغم أن الله حباها بثروات لا تمتلكها أية أمة من الأمم، ولقد حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أمثال هؤلاء الحكام الغادرين عندما قال: «لكل غادر لواء يوم القيامة يرفع له بقدر غدره ألا ولا غادر أعظم غدرا من أمير عامة» [رواه مسلم].

5- أنك ستمنع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:

في أغلب الأنظمة الجمهورية الحالية تكون هناك مادة في الدستور تمنع تأسيس الأحزاب كما يقولون على أساس ديني، وحيث إن وجود الأحزاب الإسلامية كان استجابة لقول الحق سبحانه وتعالى: ﴿وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ [آل عمران:104]، فالقيام بمنعها وحظر نشاطاتها هو منع لحكم شرعي، وهو في الوقت نفسه منع للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومحاسبة الحكام على أساس الإسلام. فهل يرضى أحد بعد ذلك أن يكون رئيسا للجمهورية محادّاً لله ولرسوله؟!.

6- أنك أداة في يد أعداء الأمة:

كانت وما زالت الدول ملكية كانت أو جمهورية والإمارات والمشيخات التي تشكلت على أنقاض الدولة الإسلامية بعد هدمها في آذار/مارس 1924م، مجرد أدوات في يد الكافر المستعمر، يستعملها لتكريس تمزيق الدولة الإسلامية، وللقضاء على توجه الأمة نحو الوحدة التي أمرها بها الشرع الحنيف، ولقد قام حكام تلك الدول على مدار عقود مضت بدورهم هذا خير قيام، وكل من يسعى ليكون حاكما في ظل هذه الأنظمة على الحالة التي عليها، فقد رضي بأن يلعب الدور نفسه الذي قام به أسلافه، نواطير يحرسون مصالح الغرب في بلادنا، ومعاول هدم في صرح دولة الخلافة التي بدأت تتشكل في أذهان أبناء الأمة لتكون عما قريب واقعا ماثلا للعيان، ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله.

﴿فَإِذَا جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ قُضِيَ بِالْحَقِّ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْمُبْطِلُونَ﴾ [غافر: 78]

 

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
شريف زايد
رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية مصر

 

 

 

 

2014_04_26_Art_What_does_it_mean_to_be_president_AR_OK.pdf