Take a fresh look at your lifestyle.

  خبر وتعليق شركاء متشاكسون في ليبيا  

الخبر:

نقلت وكالة رويترز في 2014/4/24 تصريحات نائب وزير الخارجية الأمريكي وليام بيرز أثناء زيارته لليبيا قال فيها: “إن تزايد التطرف المصحوب بالعنف تحد هائل لليبيا في المقام الأول وأيضا للشركاء الدوليين”. وأضاف: “هذا هو سبب شعورنا بالإلحاح ومثل هذا الشعور بالعزم على مساعدة الليبيين في بناء قدراتهم الأمنية وتعميق التعاون لمكافحة الإرهاب وأيضا تعزيز عملية سياسية سليمة تزيد فرص تحقيق أمن أفضل على المدى البعيد”. وقال: “إن إعادة بناء الأمن أمر حيوي لنجاح ليبيا ووعد بزيادة المساعدات الأمريكية في مواجهة عنف المتطرفين”. وقال “إن الولايات المتحدة ستواصل مع شركاء آخرين تدريب الجيش وقوات الأمن”.

 

التعليق:

إن تصريحات هذا المسؤول الأمريكي لتدل على أن الأوضاع في ليبيا لم تستقر للأمريكيين ولا للذين أطلق عليهم الشركاء الدوليون أي الدول الغربية الأخرى وخاصة بريطانيا وفرنسا، فهم شركاء من جانب ومتشاكسون من جانب آخر.

فأما الجانب الأول فهو حرص هذه الدول على ألا تتحرر ليبيا من ربقة الاستعمار الغربي وأن تبقى تحت سيطرتهم بأشكال مختلفة خاصة السياسية والاقتصادية.

 

ولهذا شاركت كلها في التدخل تحت ذريعة مساعدة الشعب الليبي لتبديل عميل بعميل أي إزاحة عميلهم القذافي الذي خدمهم أكثر من أربعين عاما بعدما ثار الناس عليه وكان يعمل على توريث أحد أبنائه والدول الغربية الديمقراطية كانت موافقة ضمنيا على ذلك، فخافت هذه الدول من أن يستعيد الشعب الليبي سلطته ويمسك بزمام الأمور في بلاده ويقيم النظام الذي يؤمن به وهو نظام الإسلام. ولهذا حرص الغرب وعملاؤه على أن لا يردد الثوار في ليبيا شعارات إسلامية وأن لا يرفعوا رايات إسلامية، بل حرصوا على رفع ما يسمى برايات الاستقلال التي رسمها الإنجليز لليبيا عندما حددوا حدودها كدولة منفصلة عن بقية البلاد الإسلامية تحت اسم الاستقلال ليؤبد الانقسام بين هذه البلاد ويمنع وحدتها في دولة واحدة كما كانت قبل قدومه وغزوه ليبقيها تحت نفوذه، وركز الغرب وعملاؤه ووسائل إعلامهم على الديمقراطية في عملية خداعية للناس بأنهم سوف يتحررون بالديمقراطية وسوف يقيمون نظامهم الذي يريدونه عن طريقها في أسرع وقت وبأقل التضحيات، وقد أرادوا أن يفعلوا مثل ذلك في سوريا ولكنهم لم ينجحوا بمنة الله على أهل سوريا بالوعي والثبات، والناس في ليبيا لم يدركوا أنها كانت عملية خداعية وتضليلية ضللتهم عن الهدف الصحيح وهو تبني الإسلام ورفع شعاراته وراياته والعمل على إقامة نظامه مهما بلغت التضحيات ومهما طالت الطريق.

وأما الجانب الآخر وهو التشاكس والتنافس بين هذه الدول الاستعمارية على النفوذ حيث تحرص كل دولة من هذه الدول على ربط النظام السياسي في البلد والقائمين عليه بها، وجعل أكثر الاستثمارات لشركاتها وخاصة النفط والغاز. فيأتي نائب وزير خارجية أمريكا ليحذر ممن أسماهم المتطرفين وأن بلاده على استعداد لمساعدة القائمين على النظام في حربهم على هؤلاء من خلال تدريب الجيش والأمن وذلك كوسيلة لبسط النفوذ. فإذا تمكنت أمريكا من تدريب الجيش والأمن فإنها ستعمل على كسب الضباط وتجعل نظامهم العسكري والأمني أمريكيا، وكذلك سلاحهم سلاحا أمريكيا، وبذلك تكون قد أمسكت بزمام القوة في البلد، حتى تجعل هذه القوة مسلطة على النظام السياسي كما هو في مصر المجاورة حتى تتمكن في النهاية من السيطرة على النظام السياسي كما فعلت في السودان المجاورة.

وتأتي تصريحات هذا المسؤول الأمريكي بعدما أعلن وزير دفاع فرنسا جان إيفان لودريان في 2014/4/7أن “جنوب ليبيا تحول إلى وكر أفاعٍ للمسلحين وأن الطريقة الوحيدة للتعامل معه هي من خلال تحرك جماعي قوي من الدول المجاورة”. وقال: “شعورنا بالقلق يتنامى، إنه وكر أفاعٍ يعود إليه الجهاديون للحصول على السلاح وتجنيد العناصر، إنها منطقة خطرة والظروف ليست مواتية لإيجاد حل”. وقال: “الرد الوحيد الممكن يكون من خلال التعاون القوي بين الدول المجاورة لضمان أمن الحدود لأن مقومات الدولة غائبة في ليبيا. نحن على استعداد لتدريب أفراد الشرطة لكن لا يوجد متطوعون”. وهذا دليل على أن هناك تشاكساً وتنافساً بين الدول الاستعمارية على بسط النفوذ في ليبيا، ففرنسا أبدت رغبة في تدريب الشرطة وأمريكا أبدت رغبة في تدريب الشرطة والجيش. فهذان الشريكان المتشاكسان كلاهما أبديا رغبة متشابهة للتدخل ولبسط النفوذ، وعزفا نغمة متشابهة وهي إثارة موضوع خطر المتطرفين الذين يستعملون العنف، وفرنسا عزفتها بنغمة واضحة وهو خطر الجهاديين، وبريطانيا لا تتوقف عن العمل هناك حيث قام العام الماضي رئيس وزرائها بزيارة مفاجئة لليبيا وسفارتها تعمل هناك بدون كلل وتتصل بالعملاء وتشتري الذمم وتساعدها دول الخليج في ذلك وعلى رأسها قطر حيث اعترف رئيس المجلس الوطني الليبي السابق مصطفى عبد الجليل بأن قطر صرفت على الثورة أكثر من ملياري دولار. فكل شريك دولي يريد ليبيا خالصة له من دون شريكه، وإذا لم يقدر على تحقيق ذلك بسبب مشاكسة الشريك الآخر فيريد أن يحصل على حصة الأسد. فهم يعتبرون ليبيا مستعمرة غربية، فهم فيها شركاء ولكنهم متشاكسون.

ومن تصريحات المسؤولين في الدول الاستعمارية الغربية الشركاء المتشاكسين يظهر شيء آخر أيضا وهو أن الشعب في ليبيا غير راض عن الأوضاع السياسية في بلاده ولذلك يحمل السلاح ويبحث عن حل وعن خلاص من هذه الأوضاع السياسية السيئة بسبب محاولة الغرب فرض النظام الديمقراطي على ليبيا، وهو النظام الذي يؤدي بليبيا إلى التبعية السياسية والفكرية والاقتصادية للغربيين أصحاب النظام الديمقراطي حيث يجعلون إقامة هذا النظام وسيلة لإبقاء تبعية البلد لهم وتحت نفوذهم ويحولون دون تحرره من ربقة استعمارهم ودون عودة الإسلام إلى الحكم. وتبقى الدولة تابعة لهم ينتقل فيها الحكم من عميل إلى آخر، فمنذ ذهاب القذافي عميل الغرب إلى اليوم تبدل العديد من العملاء على رئاسة الحكومة في ليبيا. وهذا ما حدث في كل بلد أقيم فيه النظام الديمقراطي حيث تصبح التبعية للغرب ولا يحدث فيه أي تغيير يذكر سوى تغيير في الوجوه التي تلبس أقنعة متنوعة لتتمكن من خداع الناس. لأن النظام الديمقراطي قائم على أساس فصل الدين عن الحياة أي أن التشريع لا يكون من عند الله وإنما من عند البشر الذين يتخذون أهواءهم إلهاً لهم، ويعتبرون أنفسهم أربابا من دون الله يحلون للناس ما يشاؤون ويحرمون عليهم ما يشاؤون باسم الشعب عن طريق استصدار قوانين وتشريعات ما أنزل الله بها من سلطان، وتكون كلها مأخوذة من القوانين والتشريعات الغربية، وهكذا تبقى البلاد تحت ربقة الاستعمار ويبقى الناس يئنون تحت وطأته وظلمه، ولا يمكن أن يتخلصوا منه إلا إذا تخلصوا من النظام الديمقراطي الظالم ورجعوا إلى دينهم فأقاموا نظام ربهم العادل. وصدق الله حين قال ﴿ضَرَبَ اللهُ مثلاً رَجُلاً فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلاً سَلَمَاً لِرَجُلِ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً الحَمْدُ لِلهِ بَلْ أكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُون﴾. فلا يستوي المشرك الذي يعبد آلهة مع الله أي يقبل بمشرعين من دون الله وبهيمنة ديمقراطية استعمارية متحكمة بمصيره، والمؤمن المخلص الذي لا يعبد إلا الله وحده لا شريك له، أي لا يقبل بأي تشريع دون تشريع الله ولا بحاكمية وبهيمنة دون حاكمية وهيمنة الإسلام فيكون عبدا مسلما خالصا لله لا عبدا لشركاء ديمقراطيين متشاكسين فيه.

 

 


كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أسعد منصور