خبر وتعليق أطفال في عمر أربع سنوات يُحالون لتلقي العلاج من إدمان المخدرات والكحول (مترجم)
الخبر:
أفادت وسائل الإعلام في 30 من نيسان بناء على تحقيق أجرته نقابة الصحفيين بأن المجالس في أنحاء مختلفة من المملكة المتحدة قد أحالت المئات من الأطفال تحت عمر الـ12 عاما إلى مراكز مختصة في علاج إدمان المخدرات والكحول. وكان من بين هؤلاء أطفال في عمر الأربع سنوات. ووفقا لمعظم الإحصائيات الأخيرة الصادرة عن الصحة العامة في إنجلترا، فإن حوالي 366 طفلا ممن يبلغون الثانية عشرة فما دون في إنجلترا تمت إحالتهم لذات مؤسسات العلاج في 2012/2013.
ويقول الخبراء بأن السبب الرئيسي لذلك كله كان لكون آباء هؤلاء الأطفال وأمهاتهم من مدمني الخمور أو متعاطي المخدرات ما تسبب بانتقال هذه الظاهرة لأطفالهم. وكردة فعل على هذه الحقائق الصادمة، دعا السياسيون والمختصون في شؤون الأطفال إلى تحسين خدمات الصحة النفسية للأطفال وكذلك إلى استخدام برامج تعليمية أكثر فاعلية هدفها توعية الشباب على أخطار ومضار تعاطي المخدرات.
التعليق:
هذه القصة ما هي إلا انعكاس للكم الهائل من المشاكل الأخرى الشبيهة والتي تساهم يوما بعد يوم في تآكل المجتمعات الغربية – مشاكل يجهل الغرب طريقة حلها.
وهي تهمة واضحة صريحة للقيم الليبرالية الرأسمالية الغربية التي ساهمت في خلق نمط حياة مادي بحت قائم على الذاتية الفردية وحب النفس، ما دفع الأفراد للهاث وراء ملذاتهم الآنية الأنانية دون نظر في العواقب، وكانت النتيجة أن الأطفال هم أول الضحايا. وهي إلى جانب ذلك كله نتيجة فراغ روحي تقوم على أساسه العقيدة الرأسمالية العلمانية التي همشت وتجاهلت وبشكل متزايد الدين داخل المجتمعات، واستبدلت به فكرة أن الحياة هي ببساطة هذه التي نعيشها فقط فلا شيء بعدها، ما دفع الأفراد للجري وراء الملذات الحسية الآنية فحسب.
ولذلك كله فليس من المستغرب أبدا أن يسعى الكثيرون لملء هذا الفراغ الروحي الذي يشعرون به بالإقبال على تعاطي الكحول والمخدرات، وفي حالات أخرى ينصرفون إليها عند شعورهم بالعجز عن تحقيق طموحاتهم الدنيوية – سواء تلك المتعلقة بجني ثروة، أو مركز معين، أو الحصول على شريك من الجنس الآخر.
أضف إلى ذلك، مشاكل اقتصادية واجتماعية وأخلاقية لا تحصى تسببت بها الرأسمالية ونمط الحياة الليبرالي الذي فرضته – كالمشاكل المادية الكبيرة، والأسر المفككة المنهارة، والشعور الدائم بالوحدة نتيجة السمة الفردية التي غرسها النظام في الأفراد، هذا غير إهمال كبار السن والمحتاجين – والتي دفعت الكثيرين إلى الشعور بأن لا سبيل للخروج من المشاكل والتعقيدات التي يواجهونها إلا عبر اللجوء للكحول والمخدرات. وما زاد الأمر تفاقما هو عجز الرأسمالية عن تقديم أية حلول مما جعل أمثال هؤلاء يعيشون دون أي أمل.
إن هذه الطريقة الليبرالية في الحياة وكذلك النظرة المادية الصرفة للأمور، وكذلك هذه الطريقة المدمرة الفاشلة في التعامل مع المشاكل، هذه الطريقة مُشاهدة محسوسة في البيوت وعلى شاشات التلفاز وفي الشوارع من قبل أولئك الأطفال الذين يعيشون في هذه المجتمعات ما يجعل محاكاتهم لها أمرا لا يثير الدهشة.
ووفقا لدراسة أجريت عام 2009 من قبل معهد المعايير التجارية فإن نصف المراهقين اعترفوا بقيامهم بشرب الكحول إلى درجة أوصلتهم إلى الشعور بالسكر.
ووفقا لدراسة أجريت عام 2008 أيضا من قبل مركز الحكومة البريطانية NHS للمعلومات فإن ربع من هم تحت سن 16 تعاطى مخدرات غير مشروعة. ولذلك فإن من السخرية أن يتحدث الساسة الغربيون عن الحاجة إلى تثقيف أفضل للأطفال عن مخاطر الكحول والمخدرات في حين يستمرون في تطبيق ودعم نظام تأصلت فيه طبيعة خلق هذه المشاكل في جيناته الطبيعية المغروسة في قيمه ونظرته السطحية للحياة.
وبالمناسبة، فإن هذه القيم الليبرالية هي ذاتها ما يُجبَر المسلمون في الغرب على تقبلها وتبنيها بل ويوصمون بالتطرف إن لم يفعلوا ذلك، كما أن الحكومات الغربية مستعدة لخوض الحروب في سبيل إلقام هذه القيم للمسلمين على أراضيهم، أو تستخدم جعجعات مبهرة منمقة في محاولة لتسويقها عبر مناهج التعليم العلمانية ومشاريع أخرى تخدم ذات الأغراض في بلادنا. إن هذه القيم هي ذاتها الفاسدة المدمرة والتي تحتضنها الأنظمة في البلاد الإسلامية بل وتستقبلها بأذرع مفتوحة فتسمح بدخولها إلى مدارسنا وبيوتنا وتكيل المديح لها وللدول التي تسوقها وتروج لها. لذلك وللأسف فليس بمستغرب أبدا أن مشاكل تعاطي الكحول والمخدرات آخذة في ازدياد في صفوف الشباب في البلاد الإسلامية. والله تعالى يقول: ﴿وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْنَاهُم بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَن ذِكْرِهِم مُّعْرِضُونَ﴾ [المؤمنون: 71].
ولكوننا مسلمين سواء في الغرب أو في العالم الإسلامي، فإننا نحتاج لبذل قصارى جهدنا لحماية أطفالنا من هذه المفاسد، مفاسد القيم الليبرالية العلمانية المُفسدة، بغض النظر عما ستفعله الحكومات ووسائل الإعلام العلمانية. وإن علينا أن نبذل أقصى الجهود بصفتنا مسلمين أفرادا وجماعات لغرس القيم والمعتقدات الإسلامية الصرفة داخل أسرنا وفي قلوب شبابنا لنخلق منهم شخصيات إسلامية واعية دائما على علاقتها بخالقها سبحانه وتعالى، تفهم أن الغاية الأساسية من الحياة هي العمل لإرضاء الله تعالى لا إرضاء النفس وشهواتها، وتدرك بأن السعادة اللانهائية تُدرك في الجنة لا باللهاث وراء متع الدنيا وملذاتها الآنية. وأهم من ذلك كله، علينا أن نغذ السير ونصل الليل بالنهار عاملين من أجل إقامة الخلافة الإسلامية والتي في ظلها سيتعلم أطفالنا في المدارس والبيوت الدين الإسلامي الحنيف الصحيح، وسيعيشون في أجواء تسودها المعتقدات والأخلاق الإسلامية النبيلة السامية، فدولة الخلافة هي من سيطبق أحكام الإسلام وأنظمته كاملة غير مجزأة. وإن هذا كله سيخلق جيلا من الشباب المسلم صاحب الشخصيات الإسلامية المتميزة إن شاء الله والذي سينذر نفسه لله تعالى وطاعته وتنفيذ أمره وسيكون بإذن الله مصدر خير ونفع لأسرته وجماعته ومجتمعه.
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
د. نسرين نواز
عضو المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير