خبر وتعليق أستراليا أسعد بلد صناعي في العالم وتركيا الأتعس
الخبر:
(CNN) صنفت أستراليا بأنها البلد الصناعي الأسعد في العالم، وتغلبت أستراليا التي تلقب أيضاَ بـ”دولة الحظ” على النرويج والسويد لاتخاذ الصدارة في مؤشر الحياة الأفضل التابع لمنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، وهي منظمة دولية لتوحيد البلدان المتقدمة ذات الدخل المرتفع، فهي تصنف أعضاءها وفقاً لـ 11 معياراً مختلفاً، أي ما تعتبره أساسياً لحياة سعيدة.
وركزت منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية على مؤشرات عدة من بينها مثل الدخل والثروة، جنباً إلى جنب مع مؤشرات أخرى، والتي هي أكثر صعوبة لقياسها مثل المشاركة المدنية. واستخدمت مؤشرات أخرى مثل الصحة والتعليم، ونوعية البيئة المحلية، والأمن الشخصي والرضا العام عن الحياة. وتصدرت أستراليا القائمة التي تضم 36 بلداً صناعياً، فيما يرتبط بنوعية البيئة، والحالة الصحية، والسكن، والأمن الشخصي، وفرص العمل والدخل، والتعليم، والمهارات، والرفاه الذاتي، والعلاقات الاجتماعية، والدخل والثروة.
وفي الجزء السفلي من الترتيب في القائمة التي تضم 36 دولة صناعية، احتلت اليونان المرتبة 34 بسبب معاناة سكانها من أدنى معدل من الرضا عن الحياة، وتليها المكسيك في المرتبة 35 حيث المشكلة الأبرز تتمثل بالأمان والسلامة الشخصية بسبب معدلات جرائم القتل والاعتداء، فيما احتلت تركيا المرتبة 36 بسبب معاناة سكانها من مشاكل الدخل والسكن، فضلاً عن عدم الرضا عن الحياة والتوازن بين العمل والحياة.
التعليق:
كثيرا ما نسمع عن النموذج التركي الأردوغاني الذي يروج له على أنه الحل السحري الذي على الدول في العالم الإسلامي أن تحذو حذوه، وهو كما يروج لنفسه، نموذج علماني صرف.
إنّ ما يسمى بـ”التجربة الإسلامية التركية” لم تقم على فهم صحيح للإسلام، بل إن هذه التجربة قامت على طبخ تفاريق ومقاربات ومصطلحات لم تستقر بعد عند قائليها والمنظرين لها، قوامها ما يسمونه بالدولة المدنية، والعلمانية الجزئية التي قال بها الدكتور عبد الوهاب المسيري رحمه الله، إذ قسم العلمانية إلى علمانية شاملة معادية للدين، كما في ممارسة الدولة الفرنسية، وعلمانية جزئية تعترف بالدين وتتعايش معه في حدود شكلية، كما في الممارسة العلمانية الإنجلوسكسونية لدى الدولة الإنجليزية.
فخلال مقابلة مع منى الشاذلي خلال زيارته لمصر قال أردوغان عن نفسه: “رجب طيب أردوغان ليس علمانيا فهو مسلم لكنه رئيس وزراء دولة علمانية” مضيفا: “أقول للشعب المصري أن لا يكون قلقا من العلمانية، وأظن أنه سيفهمها بشكل مختلف بعد تصريحي هذا”.
هل يمكن أن نتخيل وجود شخص يدافع عن العلمانية وينصح المصريين بتبنيها بلا خوف ثم يقول عن نفسه بأنه ليس علمانيا؟ وهل العلمانية صفة للدولة فقط دون الأشخاص؟ ماذا نسمي الأشخاص الذين يناضلون من أجل إشاعة العلمانية في بلدانهم إذن؟
فإذا ما ثبت ذلك، علمنا أن لا علاقة لنظام أردوغان بالإسلام، وحينذاك نجد الكثيرين من المسلمين يتغنون بالتجربة التركية، على اعتبار أنها جالبة الرفاه، وأنها الناهضة بالاقتصاد، والسؤال الكبير الذي يطرح نفسه حينها، ما الفرق بين تركيا والولايات المتحدة، أو بين تركيا وكوريا، فكلاهما لا اعتبار للإسلام في نظم الحياة فيها، كلها دول علمانية تفصل الدين عن الحياة وعن السياسة، فيبقى إذن في المضمار أنها دول علمانية رأسمالية.
وحين تتم المقارنة بين ما أوصله النموذج التركي العلماني الرأسمالي، وما أوصلته النماذج الأخرى العلمانية الرأسمالية، نجد أن المكسيك واليونان والصين وكوريا وغيرها من الدول كلها تفوق النموذج التركي وتتفوق عليه، وأن المواطن التركي يجد نفسه الأقل بين مواطني هذه الدول من حيث الرضا بواقع العيش، والرفاه الاقتصادي، ومعدلات الدخل وما شابه من أمور دنيوية.
فعلى أي شيء إذن يراهن الأردوغانيون والمتغنون بالتجربة التركية الساعون لاستنساخها في سائر الدول العربية بديلا عن تطبيق الإسلام بحجة أنها تجلب الرفاه، فإذا بالدراسات تجعلها أفشل التجارب مقارنة بنظيراتها من الدول الغربية! فسحقا للنموذج الأردوغاني وسحقا لمن يرتضي غير الإسلام دينا!
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أبو مالك