خبر وتعليق العيش بدون إرادة
الخبر:
نقل موقع الجزيرة نت بتاريخ 24/05/2014م خبراً بعنوان: “شخصيات مصرية تدعو لتأسيس تكتل لاستعادة ثورة يناير”، جاء فيه:
“دعت شخصيات مستقلة في القاهرة إلى تأسيس ما أسمته تكتلا ثوريا وطنيا لاستعادة ثورة 25 يناير/كانون الثاني.
وقالت هذه الشخصيات في بيان صادر عنها إن “هدف هذا التكتل هو استرداد مسار الديمقراطية والإرادة الشعبية الحقيقية، ومواجهة شبكات الاستبداد ومؤسسات الفساد”.
ودعا البيان إلى تأسيس أمانة وطنية للحوار والتنسيق، تتواصل بين القوى الوطنية والثورية والمجتمعية، وتتمثل فيها التيارات والشخصيات المستقلة كافة.
كما دعا إلى تأسيس هيئة لصياغة مشروع ميثاق شرف وطني وأخلاقي إضافة إلى إعلان مبادئ يكون محل اتفاق بين جميع هذه القوى. وأشار إلى أن حراك التكتل الثوري سيتسم بالسلمية والشفافية.
وتأتي هذه الدعوة قبل أيام من بدء الانتخابات الرئاسية التي يتنافس فيها وزير الدفاع السابق المشير عبد الفتاح السيسي وزعيم التيار الشعبي حمدين صباحي”.
التعليق:
إن الحديث في مصر عن سرقة ثورة يناير مستمر على قدم وساق وخصوصا بعد الانقلاب العسكري الذي أطاح بسلطة الإخوان ممثلة بالرئيس المعتقل محمد مرسي. ولقد شعر الناس في مصر أكثر بسرقة ثورتهم بعدما قام قائد الانقلاب المشير عبد الفتاح السيسي بإعلان ترشحه للرئاسة دون خجل ولا حساب لما قام به من سفك للدماء البريئة وانتهاك للحرمات والضرب بعرض الحائط لرأي الأغلبية التي كانت تساند الرئيس مرسي على الأقل حسب نتائج صناديق الانتخابات التي ظهرت إبان تولي مرسي الرئاسة.
نعم لقد سرقت ثورة يناير من قبل السيسي وطاقمه العسكري الناشئ والمترعرع على يد أمريكا، أما الرئيس مرسي فلم يكن يملك أي سيادة على الأراضي المصرية أصلا حيث لم يكن بيده جيش ولا قضاء ولا إعلام. فأبواب السيادة في مصر تكمن بالجيش الذي يهيمن على كل صغيرة وكبيرة فيها، وأما مفاتيح هذه الأبواب فهي في البيت الأبيض في أمريكا.
إن الواقع في مصر لا يختلف كثيرا عن الواقع السياسي في باقي الدول العربية والدول القائمة في البلاد الإسلامية، فكلها دول تسيطر الجيوش على مفاصل وشرايين الحياة فيها بينما الجيوش نفسها تصنع قادتها في أمريكا أو بريطانيا حسب تبعية الدولة. إن دعوة أولئك المستقلين في مصر لاستعادة الديمقراطية وثورة يناير لا ينم إلا عن جهل بواقع مصر السياسي. فأين كانت ديمقراطية مصر التي يبحثون عنها ومتى كانت ثورة يناير مبلورة وواضحة المعالم والمضمون؟
الجميع يذكر أنه في الوقت الذي قامت فيه الثورة المباركة في يناير بإسقاط الرئيس مبارك، قام الإخوان بالاتفاق مع الجيش على تسوية الأمور في مصر الأمر الذي أدى إلى سرقة منجزات الثورة واختزالها في مجالس نيابية ورئاسة منزوعة الصلاحيات والقدرات والقرارات. فعن أي ديمقراطية وحرية وسيادة يتحدث أولئك المستقلون؟!
أيها المستقلون والمتحزبون والثائرون والأهل في مصر، إن أي دولة مهما صغرت أو كبرت يوجد فيها مراكز قوة، إذا سيطر الشعب في البلد على مراكز القوة هذه أصبحت بلادهم مستقلة وأصبحت بلادهم ملكهم يحكمونها بنظامهم الذي يرتضون، أما إذا كانت مراكز القوة في يد غير يد الشعب كانت إرادة البلاد مسلوبة وحياة البلاد وأمنها مرهوناً بمن يملك تلك المراكز. لذا فإن الذي سلب من المسلمين في مصر هو إرادتهم وليس ديمقراطيتهم. إرادتكم أيها الأهل في مصر سلبت منكم منذ أن مزق الكافر دولتكم الأم دولة الخلافة ونزع مصر منها ليسهل عليه السيطرة على مراكز القوة في مصر وغيرها من البلاد المبتورة عن أصلها. ولذا فإن استعادة الإرادة في مصر لا بد أن تكون عن طريق استعادة مراكز القوة التي تكمن في الجيش ومن ثم إعادة مصر وما حولها من البلاد الهزيلة إلى دولة خلافة راشدة قوية منيعة يعيش فيها المسلم والذمي بأمن وأمان.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
د. فرج أبو مالك