Take a fresh look at your lifestyle.

خبر وتعليق ذكرى ساحة تيانانمين

الخبر:

يوافق الرابع من يونيو/حزيران من كل عام ذكرى مجزرة ساحة تيانانمين والخاتمة المأساوية للمظاهرات الشعبية بين 15 إبريل، 1989 و4 يونيو 1989، التي طالب فيها الطلبة والعمال بإصلاحات جوهرية في النظام. تابع العالم هذه المظاهرات الحاشدة وصحا في الرابع من يونيو على مشهد اقتحام الدبابات للميدان وفض الاعتصام بالقوة المفرطة وقتل الآلاف بوحشية.


التعليق:

تبنت الحكومة الصينية وعلى مدى ربع قرن من الزمان سياسة التعتيم تجاه أحداث ساحة تيانانمن, فأسقطت أحداث عام 1989 من ذاكرتها لدرجة أن هناك جيلاً لا يعرف شيئاً عن تاريخ هذه المجزرة أو أسبابها وأصبح الحديث عنها من المحظورات. وفي التكنولوجيا، حُجبت كلمات البحث المرتبطة بمذبحة ومظاهرات تيانانمين، كما فرضت قيود على الدخول لموقع غوغل الذي يتعرض لملاحقة مستمرة وتعقب من الحكومة الصينية. ولم تفصح الحكومة الصينية لليوم عن عدد من قتلوا في هذه الأحداث أو قائمة بأسمائهم ويقدر العدد بين المئات والسبعة آلاف. وبالرغم من أهمية الحدث ورمزية مجزرة ساحة تيانانمين وارتباطها بذاكرة الكثيرين عبر العالم إلا أنها ليست الأبشع في تاريخ الحكومة الصينية التي أهدرت قيمة الإنسان وحاربت كل من يخالفها الرأي. من ذلك ما ذكرته منظمة العفو الدولية في تقريرها السنوي الذي أطلقته عبر إذاعة البي بي سي في 2014/5/27 “إن حالات الإعدام في الصين تساوي العالم أجمع” وقد بلغت هذه النسبة 72 من إعدامات العالم في 2009.

على صعيد آخر تصر الدول الغربية على تخليد ذكرى ساحة تيانانمن وتذكير الناس بفيديو لحظات الاقتحام وتمجيد صورة الثائر المجهول أو “رجل الدبابة” الذي وقف أمام مجموعة مصفوفة من الدبابات ليمنعها من التقدم. كما تشجب الحكومات والهيئات الغربية السياسات القمعية وتحجيم الرأي وملاحقة النشطاء خصوصاً قبل ذكرى المجزرة من كل عام. وقد نددت منظمة العفو الدولية بالتحقيقات والاستجواب وأحكام الإقامة الجبرية التي اتخذتها الحكومة الصينية ضد نشطاء بارزين لمنعهم من إحياء هذه الذكرى. وبالرغم من هذا القمع يصر النشطاء على المطالبة باعتراف الحكومة الصينية بخطئها تجاه المتظاهرين السلميين وتحقيق العدل لذويهم. كما دعت حكومات غربية بينها الحكومة الأمريكية الصين إلى إعلان مسؤوليتها عما حدث في الرابع من حزيران/يونيو عام 1989 بينما غضبت الصين من هذه التصريحات وأصرت أن هذا شأن داخلي وأن حركة الاحتجاج “معادية للثورة”.

تطالب الدول الغربية الصين بتحقيق قيم حقوق الإنسان بينما تتجاهل هذه الشعارات في ممارساتها ونظرتها للسياسة الخارجية ومساندتها للأنظمة المستبدة التي تشرف على المجازر العلنية، أو تضع السيناريوهات المكشوفة لتنفيذ مسرحيات الهجمات الإرهابية التي تعيث في الأرض فساداً وتستبيح دماء البشر. تنظر بعين الرضا لفوز السيسي وتغض الطرف عن مجزرة رابعة بينما تطيل من عمر الطاغية بشار ويصرح وزير خارجية أمريكا أن الانتخابات السورية “صفر كبير للغاية”.

تحاول الدول الغربية رفع شعارات حقوق الإنسان أمام الصين التي تصر على أنه مفهوم مسيس يخدم أغراضاً معينة، وتدعي أنها تتبنى مفهوماً خاصاً لحقوق الإنسان قائماً على رفع مستوى المعيشة في الصين ومحو الأمية وزيادة نسبة متوسط العمر المتوقع، وتتباهى بأنها حققت إنجازات كبيرة في هذه المجالات في العقود الماضية. وحقيقة الأمر أن الصين حققت هذه الرفعة الاقتصادية ولكن ضحت بقيمة الإنسان وسلبته حقوقه. ولعل أفضل مثال على ذلك هو ما تمارسه الصين من قمع على الأقلية المسلمة من الهوي أو الإيغور أو السياسات الخبيثة التي يستغل فيها النظام الصيني المسلمين الهوي ضد إخوانهم الإيغور لسلب حقوقهم والإضرار بهم.

المتتبع لهذا الملف يجد تعنتاً من الصين يقابله ازدواجية في المعايير من قبل الغرب وتوظيف واستغلال ملف حقوق الإنسان ضمن إطار المنافسة الاقتصادية والصراع على الأسواق العالمية. يسعى الغرب من أجل تركيز صورة معينة عن الصين في أذهان مرتبطة بالقمع والشمولية ولكن الغرب يتناسى أن سياساته تجاه بلاد المسلمين ركزت صورة لا تقل دموية وقمعاً عن صورة الصين في أحداث 1989 وفشل في إخفاء جرائمه كما فشلت الصين في وأد التاريخ والتعتيم على حادثة دموية نقلت عبر البث المتلفز لأنحاء العالم وتناقل المراسلون صورها لأسابيع.

﴿تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ قَدْ بَيَّنَّا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾




كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أم يحيى بنت محمد