Take a fresh look at your lifestyle.

خبر وتعليق سوء الرعاية وغياب الدولة سبب الأمراض


الخبر:

أوردت صحيفة الجريدة الصادرة في الخرطوم بتاريخ 15 يونيو 2014م الموافق 17 شعبان 1435هـ العدد (1117) خبراً تحت عنوان: (مأمون حميدة وزير الصحة لمركز الكلى): “من أين تأتون بهذه الأعداد الكثيرة من المرضى؟” وفي سياق آخر قام مسؤول المياه بالرد على سؤال الصحفي في اللقاء الذي أجرته معه صحيفة المجهر يوم 18 شعبان 1435هـ الموافق 16 يونيو 2014م وهو يقدم خطاباً لا يمكن أن يسمى إلا تهكماً، فعندما سأله الصحفي عن قطوعات مياه الشرب في بعض المناطق بالعاصمة الخرطوم، وعن احتجاجات صاحبت ذلك مما أدى إلى وقوع بعض الجرحى ومصرع شخص واحد، فرد مسؤول المياه: “وما هي المشكلة في موت شخص فهو في كل الأحوال كان سيموت”.

 

التعليق:

إن المستمع إلى تصريحات المسؤولين في الدولة السودانية يكاد لا يصدق ما يسمع بل يكاد يجزم أن تصريحات مسؤول المياه هي شكل من أشكال النكتة والفكاهة وليست حقيقة، ولكن للأسف الشديد أن الخطاب التهكمي الصادر من المسؤولين المعبأ بالسخرية والاستهزاء هو واقع من ضمن مرتكزات الجو الخدمي الرعوي في البلاد، وإلا فما معنى أن يتساءل وزير الصحة بقوله: من أين يأتي هذا العدد الكبير من المرضى؟ أليس هذا هو الاستهزاء بعينه أم أن وزير الصحة لا يعلم من أين تأتي الأعداد الكثيرة من المرضى حقا!! فوزير البيئة يجيب على تساؤلات خليله وزير الصحة حيث أوردت صحيفة أخبار اليوم العدد (6995) يوم 4 مارس 2014م ، 2 جمادى الأولى 1435هـ خبراً تحت عنوان وزير البيئة: السودان أصبح مكباً للنفايات: مؤكداً أن معظم الأمراض السائدة الآن مردها للأجهزة الإلكترونية التي تحتوي على مواد مسرطنة وسامة، وكان الدكتور نور الدين شلقامي رئيس جمعية حماية المستهلك قد حذر الجميع من وجود فطر “الأفلاتكس” في بعض مخازن المخزون الاستراتيجي خاصة الذرة منبهاً إلى أن الفطر يسبب الأمراض السرطانية [المجهر عدد (605) 26 يناير 2014م].

فهل عرف وزير الصحة – أكبر مستثمر في مجال المستشفيات من أين تأتي الأعداد الكبيرة من المرضى؟

وكان وزير الصحة الاتحادية (بحر أبو قردة) قد صرح لصحيفة أخبار اليوم [عدد (6954) 23 يناير 2014م] قائلاً السودان يحتل المركز الأول في وفيات التلوث البيئي والهوائي.

إن الأعداد الكبيرة للمرضى تأتي من سوء الرعاية وغياب الدولة، كيف لا وقد وجدت ترسانة من المنتفعين والمأجورين والمتاجرين بدماء المسلمين في السودان وصحتهم، فها هو رئيس لجنة الصحة بالبرلمان “عبد العزيز التنين” يكشف عن تورط 36 وزيراً اتحادياً وولائياً في دخول (586) حاوية نفايات مسرطنة للبلاد مؤكدا أن تلك الحاويات دخلت عبر منظمات حكومية وخيرية”.

وقد يكون وزير الصحة؛ وهو المستثمر الأول في مجال المستشفيات خمسة نجوم في السودان؛ والتي لا يرتادها إلا أمثاله، يكون قد نسي في غمرة سعيه نحو استثماراته في المجالات الطبية أن وزارته قد صرحت من قبل على لسان وزير الدولة بوزارة الصحة الاتحادية البروفيسور حسن أبو عائشة أن 80% من الأمراض بسبب المياه الملوثة، وإن تلوثها السبب الرئيسي في وفيات الأطفال، مبيناً أن نصف السودانيين لا يتمتعون بمياه شرب صحية ونقية.

ومما تقدم ذكره يتبين للمتابع أن سبب المرض هو تركز مرض سوء الرعاية لدى المسؤولين في السودان فالدولة في الإسلام مهمتها رعاية شؤون الرعية في كافة المجالات ومنها الصحية، فترى أي دين يتبنى وزير الصحة لسياسة شؤون الرعية قطعاً هو ليس الإسلام، فهو يتبنى الدين الرأسمالي الجشع والذي يعتبر التحالف بين رجال الأعمال ورجال الحكم هو جوهر العمل السياسي ولذلك نرى الوزير مأمون حميدة ينشط في مجال الاستثمارات الطبية.

إن المصالح والدوائر والإدارات ومنها (دائرة الصحة) إنما تُنشَأ وتُقام لأجل النهوض بشؤون الدولة، ولأجل قضاء مصالح الناس. فقد كانت الأحوال الصحية في ظل دولة الخلافة تعتبر مضرباً للأمثال بين الشعوب والأمم في تجسد الرعاية والاهتمام بالإنسان حيث كانت المستشفيات المتحركة تجوب المدن والقرى بحثاً عن المرضى لمعالجتهم بل وتمدهم بالغذاء والدواء دون مقابل، إرضاء لله سبحانه وتعالى، وهذا كله يحدث لأن جوهر عمل الدولة في الإسلام هو رعاية شوؤن الأمة، ولما كان الواقع اليوم خلاف ذلك فالمتحكم الفعلي والحقيقي في مجال العمل الطبي وكل شؤون الحكم هو الفكر الرأسمالي النفعي ورجالاته ممن آمن به طريقة للحياة، فالمطلوب اليوم هو العمل من أجل اجتثاث جيوش المنتفعين والظلاميين من رجال الرأسمالية الجشعة وإقامة نظام الخلافة الراشدة التي تطبق الإسلام رعاية وسياسة ورحمة.

 

 


كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
عصام الدين أحمد أتيم
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية السودان