خبر وتعليق كأس العالم في البرازيل هيبة أم وصمة عار (مترجم)
الخبر:
بينما تتهافت وسائل الإعلام على مباريات كأس العالم لكرة القدم في البرازيل، تقوم دوامات من الجدل حول هذه القضية الكبرى وهي انتشار كتابة الـ”جرافيتي” على جدران الشوارع والقطارات وفي المحلات الرئيسية لتصوّر الوضع الاقتصادي المتردّي وحالة الفقر المدقع، وأبرزها كانت صورة لكرة القدم على لوحة من الأطفال الجائعين. ويقال أن التكلفة التقديرية لاستضافة هذه الألعاب تقدر بـ11 مليار دولار أو أكثر. مما يجعلها أغلى كأس عالم منذ بدأت المنافسة منذ 84 عاما.
[ www.cnbc.com، 12 يونيو 2014]. البرازيل تصرف نحو 15 مليار دولار على 12 ملعبا ليتم استخدامها في المباريات الدولية [Forbes.com 4/16/2014]
التعليق:
في حين تكشف الجداريات فن المشاعر الكامنة تتغاضى وسائل الإعلام عنها، بين الفقر المفزع والكرات الجديدة اللامعة وإجبار الأطفال على العمل في ظروف شبيهة بعمل العبيد من أجل إنتاج كرات القدم، وبين المرأة العاملة على مدار الساعة لخياطة القمصان والكرات، بين هذا كله يتسابق الرأسماليون لملء جيوبهم من الأرباح التي يدرّها عليهم الاهتمام العالمي بكأس العالم 2014 المقام في أرض البرازيل الغريبة.
أما ما ليس بالغريب في البرازيل هي الأرقام المذهلة لعدد الأطفال المشردين ومعدلات البطالة المرتفعة التي أدت إلى اتهام الحكومة البرازيلية بالفساد وبكثرة الإنفاق، بدلا من تحسين البنية التحتية المحلية وظروف السكن [www.cnbc.com, 12 Jun 2014].
ومنذ الإعلان عن مباريات كرة القدم في البرازيل، انطلق الناس إلى الشوارع وتصادموا مع فرق مكافحة الشغب الشرسة، احتجاجا على استضافة المباريات التي تنفق عليها مليارات كان بالإمكان أن تنفق على تحسين البنية التحتية المتداعية من وسائل نقل عام ورعاية صحية ونظام تعليمي. أما الآن فيتنافس الرأسماليون للحصول على عقود تدرّ عليهم أموالا طائلة، تتدفق للأسف من جيوب الفقراء، فيجني المستثمرون الأجانب الأرباح من البرازيل كما يفعلون في كل السيناريوهات المماثلة.
للأسف، كما مرت سابقاتها سواء في جنوب أفريقيا (فيفا 2010) أو في مكان آخر، تبقى حاجات عامة الناس غير مبالٍ بها وتذهب أصواتهم أدراج الرياح في خضمّ الإبهار الإعلاني لمصالح الرأسماليين المتعطشين للمال، الذين يجمعون حقائبهم بعد كل مباراة لينتقلوا إلى الموقع التالي بحثا عن صفقات مربحة أكثر – فدورة المال لا تنتهي عند هؤلاء-، تاركين وراءهم ملاعب ضخمة فارغة للطيور لكي تسكنها. هذا ناهيك عن الاقتصاد المترنّح كما في اليونان بعد دورة الألعاب الاولمبية التي أصبحت بمثابة ذكرى أليمة على تكاليف أثقل بها الطاغية كاهل الحكومة اليونانية.
مرة أخرى نشهد حالة يرثى لها يُجعل المال فيها مقدّما على الإنسانية، ذاك الشعار الرأسمالي سيئ السمعة وغير المعلن.
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أم مهنّد