خبر وتعليق أشد الظلم منع ذكر الله في مساجد الله
الخبر:
أوردت عدة مواقع على الإنترنت ومنها الجزيرة نت أن وكيل وزارة الأوقاف بمدينة الإسكندرية في مصر قرر إغلاق 650 زاوية بمختلف أنحاء المحافظة بسبب “مخالفتها للشروط والضوابط المنصوص عليها في القانون”، وقال الوكيل إنه تم تحرير ستين محضرا لخطباء تم ضبطهم على منابر المساجد التابعة لوزارة الأوقاف وهم من غير الأزهريين ولا يحملون رخصا رسمية من الوزارة، على حد تعبيره.
ومن جهة أخرى تشن السلطات حملة ضد انتشار عبارة “هل صليت على النبي اليوم؟” بشكل واسع في الأماكن العامة بالبلاد. وقال وزير الأوقاف المصري محمد مختار جمعة إنّ انتشار العبارة دون سبب واضح يعد أمرا مريبا وخبيثا، واعتبر مسئولون انتشار هذه العبارة “تكريسا للطائفية” ورأوا فيها “عنوانا لمؤامرة”.
التعليق:
أولا: يقول تعالى: ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُوْلَـئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَا إِلاَّ خَآئِفِينَ لهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾.
فلو أن وكيل وزارة الأوقاف ووزير الداخلية ومن سار على نهجهم يمكن أن يعتبروا ويرتدعوا لاكتفيت في تعليقي بذكر هذه الآية، فهي تحوي ما تحوي من الوعيد.
فلا أحد أظلم من الذين منعوا ذِكْرَ الله في المساجد، وأي امرئ أشد تعديًا وجرأة على الله ممّن منع مساجد الله أن يعبد الله فيها!! فتعطيل المساجد من كل ما بنيت المساجد للقيام به – كتعلم العلم وتعليمه والقعود للاعتكاف وانتظار الصلاة – هو خراب لها.
إن هذا القرار جاء في إطار سلسلة من الإجراءات التي صدرت منذ سبتمبر/أيلول الماضي وشملت قصر صلاة الجمعة على المساجد العامة ومنع غير المصرح لهم بالخطابة من اعتلاء المنابر وتوحيد خطب الجمعة، وهو ما أدى إلى توقف الصلاة في مئات المساجد بالقاهرة.
ولم تكتفِ الوزارة بذلك بل أعلنت السبت الماضي أن الاعتكاف خلال شهر رمضان المبارك سيكون تحت إشراف أحد أئمتها أو أحد وعاظ الأزهر، وسيقتصر على المساجد التي تقام فيها صلاة الجمعة فقط، وأن يكون المعتكفون من أبناء المنطقة المحيطة بالمسجد ومعروفين لإدارته، وأن يسجل الراغبون في الاعتكاف أسماءهم لدى المشرف على المسجد قبل بداية الاعتكاف بأسبوع على الأقل، كل ذلك بحجة رغبة الوزارة في الحفاظ على قدسية المساجد ومكافحة ما سمتها الأفكار الدخيلة، فلا حول ولا قوة إلا بالله، قرارات ما كان لحاكم مسلم أن يجرؤ على اتخاذها وهو يعلم كم هو شهر رمضان وما يتخلله من سنن وفضائل غاليا على نفوس المسلمين ينتظرونه انتظار المحب لحبيبه الغائب، يدعون ربهم من قبل شهور بأن يبلغهم إياه ويبلغهم العمل فيه لطاعته سبحانه.
إن هؤلاء الظلمة لا خلاق لهم ولا خلق فكم من مسجد لله عطلوه ومنعوا أن يذكر فيه اسمه، وكم من أفواه لدعاة صادعين بالحق كمموها؟ فمنذ متى كان هؤلاء الخطباء غير مؤهلين؟ وإذا كانوا كذلك فلماذا غضت الأوقاف الطرف عنهم كل هذه المدة؟ وعلى أي مقاس يفصلون الأئمة الذين يريدون وهل الأئمة الآخرون كان لهم وقت ثم انتهت صلاحيتهم؟
فإن كان كل هذا بسبب خوفهم من أقوال العباد، فقد كان الأجدر أن يخافوا من وعيد رب العباد.
ثانيا: عن عبد الله بن أبي طلحة عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء ذات يوم والبشرى تُرى في وجهه فقلنا: يا رسول الله إنا لنرى البشرى في وجهك، فقال: «أتاني الملك فقال يا محمد إن ربك يقول أما يرضيك أن لا يصلي عليك أحد من أمتك إلا صليت عليه عشرا ولا يسلم عليك أحد إلا سلمت عليه عشرا؟ قال: بلى».
وقال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم: أرأيت إن جعلت صلاتي كلها صلاة عليك قال: «إذا يكفيك الله ما أهمك من أمر دنياك وآخرتك».
فبالإضافة إلى ما ينال المسلم من ثواب فإن الصلاة على النبي محمد، كما يقول بعض المصريين: تفرج الهم والكرب والحزن وتجلب الرزق.
ويرد البعض على قرار الداخلية بتغريم كل من يلصق هذه العبارة على سيارته أو محله، بأن الأمر لا يعدو كونه فورة دينية بين المواطنين مع اقتراب شهر رمضان بروحانياته المعروفة، والبعض الآخر يعزوها إلى رغبة هؤلاء الناس في لفت الانتباه إلى سيرة الرسول الكريم.
ومهما يكن، فالرسول صلى الله عليه وسلم في قلوبنا وعقولنا ولن يستطيع أي مخلوق أن ينزعه ولو قرضنا بالمقاريض، ونسأل الله أن تبقى ألسنتنا عطرة بذكر الله سبحانه والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أن نلقاه سبحانه وننال شفاعة رسوله الكريم.
ثالثا: أقول لشيخ الأزهر ماذا ستقول لربك حين يسألك عن سكوتك على سفك الدماء وانتهاك الحرمات واستباحة المساجد والإساءة إلى الإسلام جهارا نهارا؟ لماذا تسكت عن انعزال الأزهر عن قضايا الأمة المصيرية وانشغاله بقضايا محلية فقط وإصدار فتاوى ترضي السلطات والنظام الحاكم؟ أليس الأصل أن للأزهر الشريف دورا في حماية الدين والثقافة والسياسة؟
﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ ۚ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ﴾
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أختكم: راضية