مع الحديث الشريف باب ما جاء في الصوم في السفر
نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم “مع الحديث الشريف” ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
جاء في حاشية السندي، في شرح سنن ابن ماجة “بتصرف” في ” باب ما جاء في الصوم في السفر”
حدثنا أبو بكرٍ بنُ أبي شَيْبَةَ حدثنا عبدُ اللهِ بنُ نُمَيْرٍ عن هشامِ بنِ عُرْوَةَ، عن أبيه عن عائشةَ قالت: “سألَ حَمْزَةُ الأَسْلَمِيُّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فقال: إني أصومُ، أَفَأَصُوْمُ في السفرِ؟ فقال صلى الله عليه وسلم: (إنْ شئتَ فَصُمْ وإنْ شئتَ فأفطرْ).
قوله ( فقال إني أصوم) أي من عادتي ذلك.
إن الناظرَ في هذا الحديثِ وفي غيرِهِ من أحاديثِ السفر، يتبينُ أن الصيامَ في السفرِ يعادلُ الإفطارَ فيه، دونَ أن يكونَ لأحدِهما أيُّ فضلٍ على الآخَرِ، إلا أنَّ ذلك لا يعنيْ أنْ يختارَ الرجلُ أحدَهما بشكلٍ دائمٍ ويتركَ الآخَرَ بشكلٍ دائمٍ، إنما يُحِبُّ الله سبحانه من الرجلِ أنْ يَتَنَقَّلَ بينَ الأمرَيْنِ، فيأخذَ بهذا مرةً أو مراتٍ، وبذاكَ مرةً أو مراتٍ أخرى.
فعن ابن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: “إن الله يحب أن تؤتى رُخصه كما يحب أن تؤتى عزائمُه”، وقد عبّر عنه الحديثُ بلفظةِ ( يحب )، ومع أنّ هذا اللفظَ من قرائنِ الجزمِ لكنّه تعلقَ بأمرينِ مختلفين، تعلقَ حبُّ اللهِ تعالى بمن يأتيْ عزيمتَه من خلقِهِ، وتعلقَ حبُّه سبحانه بمن يأتيْ رخصتَه من خلقِهِ، بمعنى أن المسلم وقد وُضِعَ عنه فرضُ الصيامِ في السفرِ ونَفَلُهُ، لا يَعنِيْ أن يدَعَ الصيامَ بالكُلِّيَّةِ فيه، ويتمسكَ بالفطرِ ملتزِماً به، وإنما يعني التخيير الذي يحبه الله تعالى وهو أن يَعْمَدَ إلى هذا مرةً أو مراتٍ، ويعمدَ إلى ذاك مرةً أو مراتٍ، فلا التزامَ ولا إلزامَ، ويبقى الأمرُ على التخييرِ حُكماً وعملاً.
احبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.