مع الحديث الشريف باب ما جاء في الاعتكاف
نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم “مع الحديث الشريف” ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
جاء في حاشية السندي، في شرح سنن ابن ماجة “بتصرف” في “باب ما جاء في الاعتكاف”:
حدثنا هَنَّادُ بنُ السُّرِّيِّ حدثنا أبو بكرِ بنُ عَيَّاشٍ، عن أبي حُصَيْنٍ عن أبي صالحٍ عن أبي هريرةَ قال: “كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكفُ كلَّ عامٍ عَشَرَةَ أيامٍ، فلما كان العامُ الذي قُبِضَ فيه، اعتكَفَ عشرينَ يوماً، وكان يُعْرَضُ عليه القرآنُ في كلِّ عامٍ مرةً، فلما كان العامُ الذي قُبِضَ فيه عُرِضَ عليهِ مَرَّتَيْنِ”.
الاعتكافُ في الشرعِ هو اللُّبْثُ في المسجدِ مدةً على صفةٍ مخصوصةٍ مع نيةِ التقربِ إلى اللهِ سبحانه وتعالى.
وبالنظرِ إلى هذا الحديثِ وغيرِه، نجدُ أن رسولَ الله – صلى الله عليه وسلم – قد داومَ على الاعتكافِ في العشْرِ الأواخرِ من رمضانَ حتى وفاتِه، وكان إذا لم يتسنَّ له الاعتكافُ بسببِ السفرِ، قامَ بالاعتكافِ في العامِ الذي يليه، ليؤكدَ كلُّ ذلك على أن الاعتكافَ قُرْبةٌ إلى الله سبحانه.
والاعتكافُ يصحُّ في أيِّ يومِ على مَدارِ العام، وأن ما جاء في النصوصِ من حُصولِ الاعتكافِ في العشرِ الأواخرِ من رمضانَ، فإنما جاءَ على سبيلِ الندبِ والأفضليةِ ليسَ غيرُ، فهو في رمضانَ أفضلُ منه في غيرِه، وهو في العشْرِ الأواخرِ من رمضانَ أفضلُ منه في غيرِها كما دلّت عليه النصوصُ الشرعية.
أيها المسلمون:
لقد انقطعَ الاعتكافُ في أيامِنا هذه، فالمساجدُ تُغْلَقُ في كثيرٍ من بلادِ المسلمين بعدَ صلاةِ التراويح، فلا اعتكافَ ولا ثوابَ. وأصبحتِ العشرُ الأواخرُ عشراً للراحةِ بعد صيامِ ثُلُثَيِ الشهرِ؛ بل أصبحت أياماً للبيع والشراء، ومداهمة الأسواق، هكذا أراد الحكامُ في دنيا المسلمين، هذه العشرَ من رمضان، “قِسطاً للراحةِ بعدَ عَناءِ الصيام”. ولكنْ والحمدُ لله، فقد أدركتِ الأمةُ ما يُراد بها، وأصبح الإسلامُ هو المحركَ لها، وأدركت من هو عدوُّها. فوقفت في ساحات التغيير، تهتفُ بصوتٍ واحدٍ “الأمة تريد خلافة من جديد”، فالحمد لله رب العالمين.
أحبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.