خبر وتعليق عندما يصبح التسول جريمة يعاقب عليها القانون
الخبر:
أوردت صحيفة الوطن الصادرة في الخرطوم بتاريخ 2014/7/16م العدد (4850) خبراً تحت عنوان: (قوة خاصة لمكافحة التسول بالخرطوم). وقد جاء في متن الخبر: (قررت ولاية الخرطوم إنشاء مركز شرطة وقوة خاصة لمكافحة التسول بالخرطوم على أن تتواجد القوة باستمرار في أماكن تواجد المتسولين).
التعليق:
تميزت حكومة الإنقاذ عن نظيراتها من حكومات الطاغوت في العالم أجمع بكون عجائبها لا تنتهي، وفضائحها لا تنقضي، حيث خرجت علينا ولاية الخرطوم بتشريع جديد أسمته مكافحة التسول وهو إنشاء شرطة للقيام بملاحقة الفقراء والمساكين المتسولين، أي تفريخ مزيد من الجلادين والبلاطجة الذين يضربون الناس بسياط كأذناب البقر.
فهل هذا هو العلاج الصحيح المناسب لظاهرة التسول في البلاد؟ وإذا قال قائل الإنقاذ نعم هو مناسب فهل يجوز ضرب المتسولين؟ وكيف يكون العلاج الصحيح؟ وما هي الناحية العملية لتنفيذه على أرض الواقع؟
أولم يسمع مشرعو الإنقاذ بقول النبي صلى الله عليه وسلم الذي قال فيه: «للسائل حق، وإن جاء على فرس»؟ ألم يكن الأجدر والأولى أن تبحث الحكومة في كيفية تجفيف منابع الفقر وعوامله التي يقوم عليها بنيانه فينبت في الناس شقاءً وتعاسةً بدل أن تبحث عن الحلول السهلة!!؟
وشتان ما بين عمر الفاروق صاحب الرعاية وعمر البشير صاحب الجباية؛ فالأول ملأت سيرته جوانب التاريخ عدلاً وقسطاً، والثاني ارتكب أكبر الجرائم في حق الأمة من أهل السودان بإقصائه للإسلام من التشريع وإعلانه الحرب على الله من خلال معاملاته الربوية، وأكل أموال الناس بالباطل تحت مسميات شتى. وها هي حكومته اليوم تشرع قانوناً جديداً لملاحقة الفقراء والمساكين. فالله تبارك وتعالى يأمرنا بأن لا ننهر السائل، والحكومة تأمرنا بأن نضربه ونلاحقه.
إن هذه النظرة السطحية المنحرفة للمشكلات إنما تكشف عن فساد الأسس التي بنيت عليها فقد نظر المشرع (الإنقاذي) إلى قضية المتسولين في طرقات الخرطوم باعتبارها ظاهرة سالبة مزعجة لأصحاب السيارات الفارهة والبطون الممتلئة بقوت الشعب، ولذلك قرر تكوين قوة خاصة من الشرطة لملاحقة هؤلاء الغلابة.
والملاحظ أن الحكومة قد سنت العديد من التشريعات والقوانين التي تحارب بها الفقراء والكادحين، ومنهم أصحاب المهن البسيطة؛ ومثال لذلك أن محلية جبل أولياء قد شرعت قانونا بموجبه يتم جباية عشرة جنيهات من النساء اللائي يجلسن على قارعة الطريق في الشمس لبيع الشاي والقهوة للمارة. أفلا يستحي هؤلاء القوم المشرعون من دون الله!!؟
إن نظام الإسلام يوجب على الدولة توعية الرعية وتثقيفها بمجموعة الأحكام الشرعية التي يقوم عليها بناء المجتمع الإسلامي المعافى ومنها على سبيل المثال الآتي:
أولاً: فرض الله تبارك وتعالى النفقة على العصبة والرعاية فأوجب النفقة على المستطيع والرعاية على الجميع.
ثانياً: حرص الإسلام على حث المسلمين على الإنفاق تقرباً إلى الله فجعل الصدقة تطفئ الخطيئة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أَيُّمَا أَهْلِ عِرْصَةٍ بَاتَ فِيهُمُ امْرُؤٌ جَائِعٌ، فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُمْ ذِمَّةُ اللَّهِ» وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يؤمن من بات شبعان وجاره جائع وهو يعلم» وقال تعالى: ﴿وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا﴾.
ثالثاً: أوجب على الدولة رعاية شؤون الناس وتمكين كل فرد من أفراد الرعية معالجة حاجاته الأساسية من المأكل والمشرب والملبس والمسكن.
ولهذا فإن وجود منابر دعوية توعوية تثقف الناس بأحكام الإسلام ووجود مناهج تعليمية لتحقيق ذات الغاية مما يجعل الوازع الديني هو الذي يدفع المسلم للمشي في حاجة أخيه، ثم تأتي القوانين المستنبطة من العقيدة الإسلامية والتي تلزم الدولة على رعاية شؤون الناس حتى تعالج كل مشاكلهم علاجاً شافياً وافياً.
هذا هو ديننا وهذه هي معالجاته وقانونه الذي نعمل جاهدين من أجل سيادته وريادته في ظل دولته دولة الخلافة الراشدة حتى يقوم الناس بالفروض على أكمل وجه. وبذلك يصبح القانون رحمة للسائلين وليس استئصالاً للمتسولين.
كتبه لإذاعة المكتب الاعلامي المركزي لحزب التحرير
عصام الدين أحمد أتيم
عضو المكتب الاعلامي لحزب التحرير في ولاية السودان