بَعدَ إِعلانِها خلافةً على منهاجِ النُبوة الحلقة الثالثة عشرة السياسةُ الداخليةُ والخارجيةُ
السياسةُ الداخليةُ:
تقومُ السياسةُ الداخليةُ في الإسلامِ على رعايةِ شئونِ الرعيةِ بِأحكامِ الإسلامِ، وإدارةِ مصالحِهم، وتأمينِ احتياجاتِهم، وتوفيرِ الأمنِ والأمانِ لَهم، فتعطيهم حقوقَهم، وتُلزِمُهم بواجباتِهم.
ولا تُميّزُ دولةُ الخلافةِ بينَ أفرادِ الرعيةِ في ناحيةِ الحكمِ، أو القضاءِ، أو رعايةِ الشئونِ، أو ما شاكلَ ذلِك، بل تَنظرُ لِلجميعِ نظرةً واحدةً بِغضِّ النظرِ عن العنصرِ أو الدينِ أو اللونِ، أو غير ذلِك… فلِأهلِ الذمةِ مِن رعايةِ شئونِهم، وضمانةِ معاشِهم وحفظِ دمائِهم، وأموالِهم، وأعراضِهم ما للمسلمين. فالعِبرةُ في الرعايةِ هي بِتابعيةِ الدولة، سواء أكانَ من يحمِلُ التابعيةَ مُسلِماً أم غيرَ مُسلِم.
وتنفِّذُ الدولةُ الشرعَ الإسلاميَّ على جميعِ الذين يحملونَ التابعيةَ الإسلاميةَ سواءٌ أكانوا مُسلمينَ أم غيرَ مُسلمين، فتُنفِّذُ جميعُ أحكامِ الإسلامِ دونَ استثناءٍ على جميعِ المُسلمين، وتَترُكُ غيَر المسلمينَ وما يعتقدونَ وما يعبدونَ ضِمنَ النِظامِ العام، وتعامِلهم في أمورِ المطعوماتِ والملبوساتِ حسبَ أديانِهم ضِمنَ ما تُجيزهُ الأحكامُ الشرعيةُ، وتفصلُ أمورُ الزواجِ والطلاقِ بينهم حسبَ أديانِهم. وتنفِّذُ الدولةُ باقي الأحكامِ الشرعيةِ وسائِرِ أمورِ الشريعةِ الإسلاميةِ، مِن مُعاملاتٍ، وعقوباتٍ، وبيّناتٍ، ونُظمِ حكمٍ، واقتصادٍ، وغيرِ ذلِكَ على الجميع، مُسلمينَ وغيرَ مُسلمين.
السياسةُ الخارجيةُ:
إنَّ العلاقةَ بِالدولِ مَحصورةٌ بِالدولةِ وحدها، لأنَّ لها وحدها حقَّ رعايةِ شئونِ الأمةِ عملياً. وحملُ القيادةِ الفكريةِ الإسلاميةِ، بِحملِ الدعوةِ الإسلاميةِ هو المِحورُ الذي تدورُ حولَّهُ السياسةُ الخارجيةُ، وعلى أساسِها تُبنى علاقةُ الدولةِ بِجميعِ الدول. فالقيادةُ الفكريةُ الإسلاميةُ هي وحدها الصالحةُ، وهي وحدها التي يَجِبُ أن تُحملَ لِلعالم، وعندما تتحققُ الدولةُ الإسلاميةُ التي تَحمِلُ هذه القيادةَ، فسيكونُ نجاحُ هذه القيادةِ اليومَ كما كانَ بِالأمسِ.
والجهادُ هو الطريقةُ الشرعيةُ لِحملِ القيادةِ الفِكريةِ الإسلاميةِ، فهو كما عرَّفهُ الفقهاءُ “كَسرُ الحواجِزِ الماديةِ التي تقفُ في وجهِ الدعوةِ وتطبيقِ الإِسلامِ على الناس”، وذلك حتى يُبصِروا ذلِكَ النورَ، وتزولَ السحبُ عن أعينِهم، وتبعدَ كلُّ الدعاياتِ والأضاليلِ التي ينشرُها أعداؤه وعلى هذا سارَ الرسولُ صلى الله عليه وسلم في حملِ الدعوةِ، وفتحِ البلادِ حتى اكتملَ لَهُ فتحُ الجزيرةِ العربيةِ بكامِلِها في حياتِهِ، وواصلَ الخلفاءُ مِن بعدِهِ سيرتَهُ، فقضوا على فارس والروم حتى بلغوا الأندلس غرباً، والصين شرقاً، وأسوار فينّا شمالاً، هذا هو الجِهاد.
وستكونُ دولتُنا دولةً تشخصُ نحوها الأبصارُ، دولةً تزرعُ المهابةَ في قلبِ العدو، دولةً مُنقطِعةُ النظيرِ، بعدَ إعلانِها خلافةً على مِنهاجِ النبوةِ.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أبو يوسف