خبر وتعليق نسمع جعجعة مرارًا وتكرارًا ولا نرى طحنًا (مترجم)
الخبر:
أيقظت الإدانة القوية للقيادة العليا في تركيا منذ يوم الجمعة 18 تموز/يوليو 2014 العالم على العنف العشوائي الذي يرتكبه الكيان الصهيوني غير الشرعي ضد أهل غزة. وقد تسببت الحملة العسكرية لقوات الاحتلال الصهيوني في غزة والتي شملت القصف الجوي وكذلك العمليات البرية، تسببت هذه الحملة بعدد لا يحصى من القتلى المدنيين بمن فيهم النساء والأطفال العزل. وهذا المسلسل الآخر من جرائم الحرب التي ترتكبها الصهيونية قد أثار العديد من الاحتجاجات في جميع أنحاء العالم، ويظهر رد تركيا أنها لا تريد أن يتفوق عليها في الأمر الذي ما زال حتى الآن مجرد لعبة إدانة أخرى.
وذكرت صحيفة صباح في يوم الجمعة، أن الرئيس التركي عبد الله غول كان قد حذر إسرائيل من “العواقب” إذا لم تتوقف الهجمات على سكان غزة المدنيين. وفي لهجة مشابهة، انتقد رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان إسرائيل ووصفها بأنها إرهابية وتنفذ إبادة جماعية في غزة. كما أنه انتقد الأمم المتحدة عندما اتهمها لاحقًا بأنها “تخدم قضية سرية”، وانتقد العالم الإسلامي لعدم العمل لوقف عمليات القتل في غزة. [صحيفة زمان اليوم].
التعليق:
صحيح أنه لا يوجد مسلم عاقل يبقي صامتًا تجاه ما حدث لإخواننا وأخواتنا في غزة خلال الأسبوعين الماضيين. في الواقع، لا يمكن لمسلم لديه عقلٌ سليمٌ إلا أن يشعر بالحال الذي يعيش فيه الفلسطينيون على مدى العقود الماضية. فهذه ليست مأساة جديدة، وهذه ليست مجزرة جديدة يرتكبها المحتل الصهيوني غير الشرعي.
فالناس في أرض فلسطين المباركة كانوا يعيشون في رعب واضطهاد على مدى كل الأيام لعشرات السنين منذ بدء الصراع.
ومع ذلك، فإننا نسمع نفس الحديث من حكام المسلمين في جميع أنحاء العالم كلما يعامل الفلسطينيون بلا رحمة، وتبقى الأمة مخدرة بلا حراك حقيقي إلا من خلال بيانات الإدانة نفسها التي يطلقونها في كل مرة يقوم الكيان الصهيوني بانتهاك كل حقوق الإنسان للشعب الفلسطيني.
ومع ذلك، فإن هذا الكلام يقوله هؤلاء الذين يوصفون بالمدافعين عن الإسلام ويجمعهم وصفٌ مشترك؛ أجوف فارغ، فعلى الرغم من علو صوتهم إلا أن ذلك لا يؤثر كثيرًا على الواقع. ويعتبر هذا مضمار سباق بين هؤلاء، أيهم يصدر صوتًا أقوى وأيهم يعطي أشد عبارات الإدانة. وفي تلك الأثناء، فستسوى غزة بالأرض، وستزهق أرواح الأبرياء وتراق دماء المسلمين، وعلى الرغم من ذلك فلم يحرك جيش واحد من جيوش البلاد الإسلامية، ولم يتقدم شبرًا واحدًا نحو فلسطين للدفاع عن كرامة المسلمين فيها.
فيا قادة المسلمين في العالم، لماذا واصلتم الطلب من الأمم المتحدة العقيمة للدفاع عن إخواننا في فلسطين في الوقت الذي ما زلتم فيه تكدسون الأسلحة في مستودعاتها ليتراكم عليها الغبار ويعطبها الصدأ؟ لماذا اشتكيتم من أن العالم لم يتخذ إجراءات لحماية الفلسطينيين بينما أنتم أنفسكم أبقيتم الملايين من المقاتلين الشباب في ثكناتهم يحدقون بلا معنى على حدود وهمية رسمها المستعمر القديم؟ في الواقع يا سيد أردوغان، أنت على حق عندما تقول: “أين أنت أيها العالم الإسلامي؟ ألا تؤلمكم قلوبكم على ما يحدث؟ ونستمر في السؤال لماذا يصمت الغرب. دعك من الغرب! ألا يقلق البعض إذا كانت عائلتك (من البلاد الإسلامية) لا تهتم؟”. ولكن هل أنت فعلًا تقوم بما تدعو غيرك للقيام به؟ ألا تملك القوة المطلوبة لتقوم بما يجب القيام به؟
لماذا لم نسمع سوى تهديدات جوفاء مرارًا وتكرارًا على الرغم من أن شعبك قد قتل على متن أسطول الحرية قبل ثلاث سنوات؟ وكم من دماء المسلمين يجب أن تراق قبل أن يتم اتخاذ إجراءات حقيقية بدلًا من تصريحات الإدانة الفارغة؟ وكم عدد الأطفال الفلسطينيين الذين يجب أن يشوهوا قبل أن يبدأ جيشك بالتحرك نحو الجنوب؟ وكم عدد أخواتنا اللواتي يجب أن يغتصبن قبل أن تدرك أن شرفك هو الذي يتم الاعتداء عليه؟ تذكر بحق قول النبي صلى الله عليه وسلم، فقد قال عبد الله بن عمر قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يطوف بالكعبة ويقول «ما أطيبك وأطيب ريحك ما أعظمك وأعظم حرمتك والذي نفس محمد بيده لحرمة المؤمن أعظم عند الله حرمة منك» [رواه ابن ماجه].
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
يوسف إدريس