أبُو رِغَالْ لأحْفَادِهِ مِنْ حُكَامْ الْعَرَبْ لَسْتُ وَحْدِي فَسَتُلاقُوْنُ نَفْسَ الْمَصِيْر وتُرْجَمُوْنَ بِالْنِعَالْ حَتَّى فِيْ قُبُوْرِكُمْ
لِمَنْ لا يعرف أبا رِغَال إليكَ حكايته: يُحْكى أنَّ أبرهة الحبشي بنى بيتا ذهبيا سماه القِليس وأراد أن يُحَوِّل العربَ من الحج للكعبةِ إلى الحج لبيته الذهبي باليمن، وما كان العرب لِيَتحولوا عن بيت الله ولو نصبوا فيه الأصنام، فغاط أعرابي في بيت أبرهة يوم تدشينه وافتتاحه، فأقسم أبرهة لَيَهْدِمَنَّ الكعبة التي يُصِرُّ العربُ على الحج إليها دون بيته القليس الذي بناه باليمن، فجهّز جيشا يتقدمه فيلٌ لِهدم الكعبة، ولكنه وجنودَه لا يعرفون الطريق إلى مكة فهم أحباش، فكانت الحاجةُ إلى دليل يرشدهم إلى الكعبة، ولم يرضَ بهذا العمل من بين عرب اليمن سوى أبو رغال، وتقدم أبرهة خلف دليله نحو بيت الله فلما وصل مع أبرهة إلى موضع يسمى المغمس قُرب عرفة ومزدلفة ومنى مات أبو رغال ودفن هناك، ووصل جيش أبرهة لهدفه، ولم يكن لأهل مكة وزعيمهم عبد المطلب بن هاشم قِبَلٌ بصد الجيش، واستولى الجيش على إبل لزعيم مكة عبد المطلب بن هاشم الذي أخلى مكة من سكانها وصعدوا لجبالها تاركين البيت لربه يحميه، ولما قابل عبد المطلب بن هاشم أبرهة ليفاوضه طلب منه الإبل قائلاً: أنا ربُ الإبل وللبيت ربٌ يحميه، فأرسل الله على جيش أبرهة طيراً أبابيل رمتهم بحجارة من سجيل فجعلهم كعصف مأكول وهلك أبرهة وجيشه، وبقي بيت الله، وَوُلِدَ في هذا العام محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم 571م، ويشار إلى أبي رغال في كتب التاريخ العربي باحتقار وازدراء لأنه لم يُعرف عن العربِ في ذلك الحين (عصر الجاهلية) من يخون قومَه مقابل أجر معلوم، فصارت العرب تنعت كل خائن عربي “بأبي رغال” رمز الخيانة العربية، وكان للعرب شَعِيْرةٌ تتمثل في رجم قبر أبي رِغال وذلك قبل الإسلام في موسم الحج في الفترة بين غزو أبرهة الأشرم حاكم اليمن من قبل النجاشي ملك الحبشة عام الفيل 571 ميلادية وحتى ظهور الإسلام.
تالله إنَّ الفكر ليقف حائراً أمام هذا المشهد حين تُشخِّصه أمام ناظريك بكل أبعاده، فالعرب قبل الإسلام كان لديهم من القيم والمثل والأخلاق ما أهَّلهم لأن يبعث الله فيهم خاتم الأنبياء والمرسلين محمداً صلى الله عليه وسلم، سبحانك ربي ما أحكمك! فَمَنْ مِنَ الأمم والشعوب كان يملك هكذا قيم ومثل وأخلاق؟! ولكن ماذا لو عَرفَ أُولئك العرب الأوائل أن لدينا الآن في أرض العرب خمسة أبو رغال في بلاد الشام والعراق، وسبعة في أرض الجزيرة العربية، وسبعة في أرض العرب في أفريقيا وشمالها؟! فمعذرة مستحقة لسيد قريش عبد المطلب، كُنتم عرباً فقط وكانت لديكم هذه القيم والمثل، أما نحن فعربٌ ومسلمون أسلمنا على يد حفيدك محمد صلى الله عليه وسلم الذي أكرمنا الله على يديه برسالة خالدة حملناها معه، فدانت لنا الدنيا وأنارتها وملأتها عدلاً وأخلاقاً حتى مع أعدائنا، ثم غفلنا عنها فَوُلِدَ أبو رغال من جديد وتكاثر، والأدهى من ذلك والأَمَرّ، أن كل أبي رغالٍ عندنا اليوم يحتل فينا مكان الزعامة، أما أنت يا عربيَّ اليوم ومُسلِمَهُ فلك أن تتخيل وتتذوق معي هذا المعنى، كيف يكون سيدك وزعيمك أبو رغال؟! ليمتلئ قلبك بالحسرة على واقع تحسب أنك تعيشه كعربي مسلم؟! والطامة الأكبر يا سادة أن كل أبي رغال من هؤلاء لديه مجلس وزراء على نهج رِغالي، ولديه جيشٌ عرمرم يقوده هو وأزلامه إلى حيث يريدون حتى لو أمرهم بقتل أنفسهم وهدم بيوتهم وهتك حرماتهم فهم له سامعون مطيعون بالأمر العسكري الرغالي، ما دام يُغدق عليهم بالرُتب والعطايا والخدمات والسيارات والمكافآت، لا حول ولا قوة الا بالله، اللهم إنا لا نسألك رد القضاء ولكننا نسألك اللطف فيه.
فيا أحفاد أبي رِغال المخلصين، يا من تقودون الفيل الأمريكي الأرعن هذه الأيام، نعلم أنكم لن تترددوا حتى عن هدم الكعبة، فأنتم لا تتورعون عن قتل المسلمين وتعرفون أن حرمة دم المسلم عند الله أعظم من حرمة هدمها حجراً حجرا، ألم يقل لكم مشايخ دواوينكم ذلك؟!، ولكن “أبرهتكم” أمريكا وغربها الكافر معها ليسوا بحاجة إلى هدمها بالبلدوزر فيكفيهم هدمها في نفوس الأمة بهدم ثقافتها ودينها بجهودكم المخلصة لها الخائنة لأمتكم.
يا أحفاد أبي رغال ما زلتم مخلصين لأصحاب الفيل الأرعن، رغم أن الفيل وأصحابه مذعورون مهزومون وقد ولَّوا الدبر حيث أرسل الله عليهم من يسومهم العذاب في أفغانستان والعراق والشيشان، وها هو يرسل عليهم من يرميهم بالأبابيل بأيد مؤمنة متوضئة في أرض الرباط؟! وما هذا إلا غيضٌ من فيضِ، الضربات المملوءةِ باللعناتِ تنهال عليكم صباح مساء أنتم وكل من شد أزركم من قادة جيوشنا الرابضة في ثكناتها تتجرع الذل والمهانة، أبشروا بما يسوء وجوهكم يا غربان العرب وغرباء الولاء، أبشروا فقد بدأت بشائر نصر الأمة ووحدتها تلوح في الأفق، فالمستقبل لنا وويل لكم منا وألف ويل إن لم تعودوا إلى رُشدِكم قبل فوات الأوان، سنرجمكم بالنعال أحياءً وأمواتاً أيها الأموات أحياءً، وما هذا إلا إنذارٌ لكل واحد فيكم والعاقل من اتعظ بغيره والأحمق لا يتعظ إلا بنفسه.
وإلى كل جندي وضابطِ صفٍ وضابط، إلى النقيب والرائد الركن والمقدم الركن والعقيد الركن والعميد الركن واللواء الركن والفريق الركن والفريق أول الركن والمشير الركن، يا أركان مصيبتنا يا أصحاب القبعات الحمراء من جنرالات الموائد، كفاكم فقد أبليتم بلاءً حسناً في كل المعارك التي خضتموها على موائد الشعب فقَطَّعْتُم اللحم إِرباً حتى شَكَتْ منكم الفراخ والخرفان والعجول من شراسة حربكم على تلك الموائد، فأكرشتم بطونا لا تستطيعون حملها،كفى فأي عُذْرٍ منكم قبيح، فالأمة لن ترحمكم على سكوتكم وغزةُ هاشم يحترق لحم أهلها وتكسر عظامهم تحت الركام وأنتم تنظرون وتخبطون الأرض بأرجلكم في طابور الصباح والمساء، وشامكم تُدَك ليل نهار وكِنانتُكم لا يتوقف نزيفها، كفى أيها الإخوة والله إننا لنحزن لحالكم الذي لا يثير فينا إلا الشفقة عليكم كفى، فأنتم منا ونحن منكم فأنتم إخواننا وأولادنا ونحن أهلكم فإن لحقت الذلة والمهانة بأهلك فما قيمة وجودك، تحرك يرحمك الله إلى العمل لِنعُدْ إلى ديننا فنعيشَ حياتنا كما يحب ربنا ويرضى، ونخلع ونفجر كل دين غيره، فالله الله لتنصروا دينكم وأهلكم وتُقيموا دولة أبي بكر وعمر فينا، فتكونوا قادة بمستوى خالد وسعد وعمرو؛ صدقوا ما عاهدوا الله عليه فدانت تحت أقدامهم الدنيا وتكونوا عباد الله المخلصين، فالله لا يحب الخائنين والله لا يحب من هو مثل أبي رغال، واللّهَ نسأل أن يُحَبِّبَ إليكم الإيمان ويُزينه في قلوبكم ويُكَّرِه إليكم الكفر والفسوق والعصيان.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُون * وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ﴾
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أبو حذيفة – مصر