خبر وتعليق أمريكا تتدخل إنسانيا في العراق ولكن ليس في غزة أو سوريا أو بورما أو الكونغو (مترجم)
الخبر:
صرّح الرئيس الأمريكي باراك أوباما في 7 آب/أغسطس 2014 بشن ضربات عسكرية في العراق، وقال “عندما نواجه وضعا مثلما يحدث في تلك الجبال، حيث الأشخاص الأبرياء يواجهون العنف على نطاق مروع ولدينا إمكانية للمساعدة، وذلك بناء على طلب من الحكومة العراقية، وبما أننا نملك قدرات فريدة من نوعها للعمل من أجل تجنب مذبحة، أعتقد أن الولايات المتحدة لا يمكن أن تغض الطرف”، وأضاف “في وقت سابق من هذا الأسبوع، قال أحد العراقيين بأنه لا يوجد من يأتي للمساعدة، حسنا، اليوم أمريكا قادمة للمساعدة”.
التعليق:
أمريكا حريصة مرة أخرى على التدخل في العالم الإسلامي بتوجيه ضربات عسكرية، العراق مرة أخرى وهذه المرة التبرير هو المساعدة الإنسانية، حيث يقومون بإيصال الإغاثة الإنسانية على شكل قطرات بالطائرات النفاثة الأمريكية، والتي تمثل أول مهمة جوية فوق العراق منذ 2011، وهذا يمثل بداية لمشاركة أمريكية أعمق في العراق منذ انسحاب القوات الأمريكية في أواخر عام 2011 وبعد ما يقرب من عقد من الحرب.
ومع ذلك، ما هو مثير للاهتمام ملاحظة عدم وجود استراتيجية متماسكة أو بوصلة أخلاقية في السياسة الأمريكية الخارجية حيث يتم سحق السكان وحدوث انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان يوميا، حيث إن الأعمال التي تقوم بها دولة يهود في قطاع غزة تشكل بوضوح جريمة الإبادة الجماعية، ولكن لا يوجد أي تدخل أمريكي، وبالمثل، لا تبرر أعمال الأسد الوحشية ضد شعبه التدخل الأميركي، وفي كلتا الحالتين ترتكب جرائم الحرب من أمثال نتانياهو وبشار الأسد، ومع ذلك اختارت أمريكا أن تغض الطرف، أما في خارج منطقة الشرق الأوسط فالأقليات المسلمة لا تُرحم كما في بورما وجمهورية الكونغو الديمقراطية، ولكن لم يكن هناك حديث عن التدخل الإنساني، إن اضطهاد الأقليات المسلمة في هذين البلدين يفوق بكثير في حجمه ما يحدث للأقليات في العراق، ولكن أمريكا اختارت التدخل في العراق وتجاهلت محنة المسلمين في أماكن أخرى، فأين هي المعادلة الأخلاقية؟
بدأ مفهوم الدولة القومية المنصوص عليها بموجب “معاهدة وستفاليا” بالتآكل على يدي أمريكا والحلفاء الغربيين على مدى السنوات العشرين الماضية أو نحو ذلك، حيث تحظر المعاهدة صراحة التدخل في الشؤون الداخلية للدول من قبل الدول الأخرى، ولكن التدخل الإنساني كذريعة، قوض الغرب بشكل صارخ مفهوم الدولة القومية، وعلاوة على ذلك، فإن التطبيق الانتقائي للتدخل الإنساني قد زاد من تآكل مصداقية نموذج الدولة القومية، ويضعف الادعاء الغربي بالتدخل على أساس أخلاقي.
لا يقتصر هذا الأمر على العالم الإسلامي، بل يمكن رؤيته بسهولة من خلال قمع الأقليات في روسيا والصين، ومع ذلك، اختارت أمريكا والغرب عدم التدخل، كما أنها لا تملك العدة لشن حرب شاملة مع البلدان التي لديها القدرة على إحداث ضرر كبير لمصالحها.
ما قد تبدو وكأنها فترة قاتمة في تاريخ العالم الإسلامي، والتي تجلت من خلال التدخلات الغربية المتكررة والحروب، ينبغي أن لا تفسر على أنها تفوق لأمريكا أو الغرب، وبالرغم من أن أمريكا والغرب متفوقان عسكريا، ولكن هذا لم يساعدهم في تشكيل النتائج السياسية المرجوة كما يتبين من الحروب في العراق وأفغانستان.
يمكن القول، وفي الواقع، بأن أكبر سلاح ضد أمريكا والغرب هو تلك التناقضات الأيديولوجية في المسائل المتعلقة بالسياسة الخارجية، فالضرر الذي ألحقته تلك التناقضات الصارخة الآن تلقي بظلالها على كل ما يأمل الغرب بتحقيقه.
وفي هذا تكمن إشراقة للعالم الإسلامي، فعند إعادة الخلافة الحقيقية، سيكون نسبيا من السهولة توحيد المسلمين في العالم في ظل المناخ الدولي الحالي، بل وأيضا توسيع حدودها إلى قارات أخرى استناداً إلى التدخل الإنساني وتماشيا مع دعوتها إلى الإسلام، وإن اضطهاد الأقليات المسلمة في أوروبا، واضطهاد السكان المسلمين جنبا إلى جنب مع قمع اللاتين والسكان السود في أمريكا سيكون سببا كافياً لدولة الخلافة للتدخل لتحرير هذه الشعوب من طغيان الغرب وإعادتها إلى عدل الإسلام، قال الله سبحانه وتعالى:
﴿وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ﴾
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أبو هاشم