منظمة التعاون الإسلامي جزء من المشكلة
شارك السودان في الاجتماع الاستثنائي لوزراء خارجية الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي يوم الثلاثاء 2014/8/12م في مدينة جدة، برئاسة الأمير سعود الفيصل وزير خارجية المملكة العربية السعودية ورئيس الدورة الحادية والأربعين لمجلس وزراء خارجية المنظمة والمخصص لمناقشة الأوضاع في غزة، مع التركيز على الجوانب الإنسانية ودعم المتضررين من العدوان الإسرائيلي الغاشم. وكانت منظمة التعاون الإسلامي أدانت العدوان على غزة وأكدت ضرورة تعاون الدول الأعضاء من أجل معالجة أوضاع المتأثرين بالعدوان وتقديم الدعم الإنساني اللازم والعاجل لهم. (الإذاعة السودانية 2014/8/11م).
يعتبر هذا الاجتماع هو الثاني من نوعه خلال شهر حول العدوان الإسرائيلي على غزة الجريحة وكان الأمين العام للمنظمة إياد مدني قد أطلق في وقت سابق نداءً للمجتمع الدولي من أجل التدخل الفوري والعاجل لوقف العدوان الإسرائيلي على غزة، وحث الدول الأعضاء في المنظمة على توفير الاحتياجات والمساعدات الإنسانية العاجلة لساكني القطاع.
وقال مدني في تصريح سابق له بحسب وكالة الأنباء الإسلامية الدولية ‘إينا’: “علينا متابعة الاحتلال الإسرائيلي قانونياً عبر ذراع قانوني مهني قادر، لإعداد ملفات تمكن من عرض تجاوزاته وانتهاكاته وسجل مسؤوليه وقادته على المحكمة الجنائية الدولية”.
قبل أن نعلق على هذا الاجتماع والاجتماعات السابقة التي اقتربت من الخمسين والجهود القانونية الضخمة التي ستتقدم بها المنظمة لمحكمة الجنايات الدولية وغيرها يجب أن نتعرف على هذه المنظمة لنحكم عن عقل وبينة على وجودها وجهودها الإنسانية الحثيثة، وهل تجلب حلاً فعلياً لغزة وغيرها من بلاد المسلمين التي تعاني نفس الأوضاع المأساوية المدمرة!!
تأسست المنظمة في الرباط على خلفية حرائق الأقصى في العام 1969م وطرحت المنظمة حينها مبادئ الدفاع عن شرف وكرامة المسلمين المتمثلة في القدس وقبة الصخرة لإيجاد قاسم مشترك بين جميع المسلمين، وحددت القدس مقراً دائماً بانتظار تحريرها، إن ميثاق المبادئ الذي تقوم عليها سياسة المنظمة في تحقيق أهدافها يضع عدة أهداف من بينها:
احترام حق تقرير المصير وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأعضاء. إن هذا المبدأ فيه حرص على المساعدة في تقسيم المقسم وتجزئة المجزأ من بلاد المسلمين وحرص على حدود بلاد المسلمين التي هي أصل البلاء والتي تمنع الجيوش من نصرة إخوانهم في غزة وغيرها وتساعد من تسوّل له نفسه مقاتلة أهل قطر أن يستفرد بهم ويذبحهم كالشياه، وهو يضمن أن لا أحد من الدول الأخرى سيتدخل، (فمن أمِن العقوبة قل أدبه) وتذرعوا بالشؤون الداخلية كمفهوم يمنع أي تدخل من الدول الأخرى.
أيضاً من المبادئ الأساسية احترام السيادة والاستقلال ووحدة أراضي كل دولة عضو. وهذا المبدأ أيضا تركيز للتفرقة والشتات في بلاد المسلمين.
وكذلك مبدأ تسوية ما قد ينشأ من نزاعات بين الدول الأعضاء بالطرق السلمية كالتفاوض والوساطة والتوفيق والتحكيم؛ يعني بالتحديد عدم الخوض في الجانب العسكري، وهو الجانب الأهم في النزاعات الحادثة في بلاد المسلمين، وكون المنظمة لم تضع مبدأ لمعالجة ما إذا فشلت المفاوضات والوساطة كما هو في سوريا وغزة… الخ ماذا تفعل؟ لعل الإجابة واضحة وهي أنها ستتفرج على الضحايا كما يتفرج غيرها! بل كانت المنظمة صريحة في ذلك بوضعها مبدأ (امتناع الدول الأعضاء في علاقاتها عن استخدام القوة أو التهديد بها ضد وحدة وسلامة الأراضي أو الاستقلال السياسي لأية دولة عضو) وهذا ما أدى إلى الانفصال بين بلاد المسلمين مع سبق الإصرار والترصد من رويبضات العصر الجاثمين على صدر الأمة.
بعد هذا يمكن لأي عاقل أن يحكم على مدى جدوى وجود مثل هذه المنظمة العاجزة المتآمرة مع غيرها لاستمرار أوضاع المسلمين كما هي عليها فقط بغطاء أنها إسلامية، وفي الحقيقة فإنها بهذه المبادئ التي صاغتها المنظمة هي شريك وشريك فعلي في كل ما يحدث للمسلمين من مذابح ومحارق، ولو أنها صادقة في حماية المسلمين وصون أعراضهم لأعدت لذلك عدته، عَنْ أَبِي عَلِيٍّ ثُمَامَةَ بْنِ شُفَيٍّ أَنَّهُ سَمِعَ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ ﴿وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ﴾ «أَلا إِنَّ الْقُوَّةَ الرَّمْيُ أَلا إِنَّ الْقُوَّةَ الرَّمْيُ أَلا إِنَّ الْقُوَّةَ الرَّمْيُ». ولكن كيف لا تكون منظمة التعاون (الإسلامي) شريك في مآسي المسلمين وهي ذات عضوية دائمة في الأمم المتحدة التي لن نذكر العالم بأنها تخاذلت دائماً عن نصرة المسلمين في كل مكان، وإليكم هذا النص التعريفي بالمنظمة (ترتبط منظمة التعاون الإسلامي بعلاقات تشاور وتعاون مع الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الدولية الحكومية بهدف حماية المصالح الحيوية للمسلمين والعمل على تسوية النزاعات والصراعات التي تكون الدول الأعضاء طرفا فيها. وقد اتخذت المنظمة خطوات عديدة لصون القيم الحقيقية للإسلام والمسلمين وإزالة التصورات الخاطئة، كما دافعت بشدة عن القضاء على التمييز إزاء المسلمين بجميع أشكاله وتجلياته). انتهى النص التعريفي.
إن هذا الارتباط بالمنظمات الدولية لا يصب واقعياً إلا في حماية مصالح الدول الاستعمارية، أما تسوية النزاعات فجرح سوريا ينزف، وغزة تُزال من الوجود، وهذه المنظمة تتحدث عن مساعدات إنسانية لعلها تصل وتجد من مات جائعاً أو قد تصل ليشبع بها مشروع شهيد فما أغنت عنهم شيئاً فبئست المساعدات، أما التصورات الخاطئة فقد تراكمت لدرجة أن أصبح الإسلام فوبيا بسبب عدم وجود دولة قوية تدافع عنه وتنسي المسيئين له وساوس الشياطين.
أما أهم أجسام المنظمة فهو مؤتمرالملوك ورؤساء الدول والذي يشكل السلطة الفعلية والعليا للمنظمة ويجتمع مرة كل ثلاث سنوات لوضع سياسات المنظمة.
ويكفي أن ننقل عنهم هذه الأسطر التي تقص مدى خيانتهم للأمة من شهادة شخص غير مسلم: (عن “ذي هافنغتون بوست” بترجمة “عربي 21” في الثامن من آب/ أغسطس 2014): (قالت المصادر الفلسطينية في مباحثات القاهرة بأن المسؤولين المصريين رفضوا رفضاً قاطعاً عبارة “رفع الحصار” في الاتفاقية المقترحة للهدنة، وتقول نفس المصادر إن مصر رفضت توصيل الطلب الفلسطيني بفتح ميناء غزة إلى الجانب الإسرائيلي. وفي صباح الجمعة طلب الوفد الفلسطيني من المسؤولين المصريين موافقة إسرائيلية مبدئية لإنهاء إغلاق الحدود والسماح بإعادة إعمار غزة مقابل تمديد التهدئة، فرد عليهم المسؤولون المصريون بأن إسرائيل ترفض ذلك. منذ اليوم الأول فاجأ عبد الفتاح السيسي المسؤولين الإسرائيليين بخطابه المعادي بشدة لحركة حماس، وكما أوردت صحيفة الوال ستريت جورنال في تقرير حديث لها حينما أغلق السيسي تقريباً جميع الأنفاق دون أن يعوض غزة عن فقدها لسبل عبور المواد الضرورية إليها فوق الأرض، بدأ بعض المسؤولين الإسرائيليين يدقون نواقيس الخطر تجاه قسوة الاجراءات التي اتخذتها القاهرة. ونقلت الصحيفة عن أحد المسؤولين الإسرائيليين قوله: “لقد بالغوا في الحقيقة في خنق غزة”. صحيح أن إسرائيل تخنق غزة منذ ثمانية أعوام ولكنها تعلمت كيف تخفف من قبضتها من حين لآخر حسب الظروف، ولكننا الآن بصدد منتسب جديد لنادي الخانقين لغزة وهذا القادم الجديد يسعى لتضييق الخناق بشدة وبسرعة بالغة. إن الحالة التي نحن بصددها لا تشبه أي جولة سابقة من القتال بين إسرائيل وحماس، وذلك لسبب وحيد، وهو أن إسرائيل وجدت في مصر شريكاً لها في غاية الحماس لدرجة أن ذلك حفزها على تجاهل إشارات من واشنطن تحثها على ضبط النفس. واضح أن هذا الشريك متحمس أكثر من اللازم) انتهى المقال.
هذه هي إنجازات الرؤساء وسياساتهم اللعينة التي تذبح وتقتل وتهجر، هؤلاء منوط بهم وضع سياسات منظمة التعاون الإسلامي، ولا ننسى أن نعطيكم من الخيانة فصلاً جديداً ألا وهو دور السعودية والإمارات في هذه الحرب ضد غزة والذي تناولته وسائل الإعلام بصورة مفتوحة تقشعر لها الأبدان وقبلها مالي وحتى في سوريا.
وأخيراً فإن الدولة الإسلامية القائمة قريباً بإذن الله ومنّه وتوفيقه، فإنها لا تشترك أبداً في أي منظمة دولية مثل هيئة الأمم المتحدة ومحكمة العدل وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي أو منظمات إقليمية مثل منظمة التعاون الإسلامي أو الجامعة العربية أو غيرها لأنه لا يجوز شرعاً الانضمام لمثل هذه الأدوات الاستعمارية التي تعيق نهضة الأمة وتغضب رب العالمين بموالاتها للكفار وسياساتهم، بل إن دولة الخلافة هي التي تتولى بنفسها نصرة المستضعفين والمقهورين حتى يعم العدل هذا الكوكب الأرضي ﴿وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ﴾.
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أم أواب / غادة عبد الجبار