خبر وتعليق عندما تعجز الاشتراكية والرأسمالية
الخبر:
ورد في العرب براس بتاريخ الجمعة 15 أغسطس 2014 “حثت رابطة البنوك الروسية البنك المركزي الروسي على اتخاذ إجراءات لتشجيع التمويل الإسلامي، بينما يواجه القطاع المصرفي مشاكل في الحصول على تمويل خارجي بسبب العقوبات الاقتصادية المفروضة على روسيا”.
التعليق:
نجح الرأسماليون الأمريكيون في تصدير أزماتهم إلى سائر أرجاء العالم، من خلال العولمة واقتصاد السوق، وكذلك بتربع دولارهم على عرش النظام النقدي الدولي دون منافس لعشرات السنين، ولاحتفاظ دول العالم كذلك بعملتهم الصعبة كاحتياطي في بنوكها المركزية، لذلك تمكنت من أن تشرك كل العالم بمشاكلها، فإن هي انهارت فإن كل العالم سينهار وهذا ما حصل وما يحصل اليوم… فالعالم اهتز ويهتز بالأزمة الاقتصادية الكبيرة الناتجة عن الرأسمالية.
حتى أن روسيا لقيت نصيبا وافرا من هذه الأزمة، وما زاد الطين بلًّة تلك العقوبات المسلطة عليها من الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة بسبب الأزمة الأوكرانية؛ حيث أصبح معدل النمو في انخفاض مستمر مما زاد تخوف المسؤولين الذين أعربوا عن قلقهم مضيفين أن كل الاحتمالات واردة إن لم يتم اتخاذ الإجراءات اللًّازمة والبحث عن حلول فورية للأزمة المتفاقمة؛ فالاستثمارات تتراجع والإيرادات تنخفض مما سيزيد في معدلات التضخم المالي.. حتى أن القطاع المصرفي يواجه صعوبات في الحصول على تمويل خارجي بسبب العقوبات الاقتصادية المفروضة؛ وهنا تأتي دعوة رابطة البنوك الرُّوسيّة لتشجيع التمويل الإسلامي؛ ليس هذا وحسب بل إن الرابطة تقترح أيضا إنشاء مجموعة عمل يشارك فيها علماء دين مسلمون روس لصوغ التعديلات القانونية اللازمة. وهذا طبيعي وغير مستغرب فليست روسيا الوحيدة وليست الأولى التي تلتجئ إلى “ترقيعات” التمويل الإسلامي فقد سبقتها كل من الولايات المتحدة وكندا ودول أوروبية.. فكل القوانين الاقتصادية التي وضعوها في السابق أصبحت منتهية الصلاحية وذلك لهشاشتها وخورها؛ فهي مبنيّة على أساس فاسد ليس في مقدوره التحمل لمدة طويلة ولئن كان هذا الفقر التشريعي – سواء لدى الرأسماليين أو الاشتراكيين ومنهم الشيوعيين – لكي لا نقول الإفلاس أحد الأسباب الرئيسية في الأزمات الاقتصادية المتعاقبة؛ فحتى قبل أن تغير روسيا من الاشتراكية لتصبح بدورها دولة رأسمالية لم تسلم من الأزمات والعجز المالي وتدهور اقتصادها.
ولعل من أهم الأسباب الأخرى التي جعلت الرُّوس يلتجؤون إلى هذه “الحلول” هو بحثهم عن سوق جديد حيث أنهم يطمعون في جلب استثمارات من الشرق الأوسط دول الخليج وكذلك ماليزيا..
ولكن؛ لقد غاب على “رجال الاقتصاد” هؤلاء أن هذه الإجراءات لن تدوم لهم طويلا وأنه في حال وافق عليها البنك المركزي لن تعطي النتائج الباهرة المتوقعة لأن كلًّ نظام لا يؤخذ إلاًّ بعقيدته ولا يؤخذ يتيما مبتورا عنها مشوًّها بأنظمة أخرى. فالإسلام عقيدة انبثق عنها نظام يؤخذ كله ويطبق كله ليؤتي أكله.
هذا وإنًّ هذه الاقتراحات من رابطة البنوك الروسية لهي اعتراف ضمني بعجز الاشتراكية التي عُرفت بها دول الاتحاد السوفياتي وروسيا خاصة على حل المشاكل وضمان الحياة الكريمة لشعوبها كما أنها اعتراف جديد يضاف إلى قائمة الاعترافات والشهادات السابقة بفشل المبدأ الرأسمالي ونظامه الاقتصادي خاصة.. وعمَّا قريب سيكون بمشيئة الله اعتراف وإعلان جهري واضح بسقوطه تماما كما تم الإعلان عن سقوط الاشتراكية في السابق.
فلقد أرانا الله سقوط الشيوعية والآن نشاهد سقوط الرأسمالية، فما بقي غير عودة الإسلام من جديد لإنقاذ الناس جميعا وليس المسلمين لوحدهم من هذه الأزمة.
فدولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة التي بشر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ستملأ الأرض عدلا بعدما انتشر فيها الفساد والفتن والفقر والبطالة.
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “يملأ الأرض قسطا وعدلا كما مُلئت ظلما وجورا”. (أبو داود)
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
مريم أم حمزة – تونس