خبر وتعليق الصراع الخفي بين الجيش والحكومة
الخبر:
تتواصل الأزمة السياسية في باكستان بعد أن اختتمت السبت الماضي 2014/8/23 الجولة الثالثة من المحادثات بين ممثلي الحكومة وحزب “حركة الإنصاف” دون إحراز أي تقدم، فيما اقترح قيادي الحزب (شاه محمود قريشي) أن يستقيل رئيس الوزراء نواز شريف لمدة 30 يوما لإجراء تحقيق مستقل في مزاعم تزوير الانتخابات .وبشكل منفصل، أصرّ زعيم الحزب عمران خان على مطالبته بتنحي رئيس الوزراء عن منصبه وقال لمؤيديه أن الاعتصامات ستستمر في أنحاء البلاد حتى يتم تلبية هذا المطلب.
التعليق:
1- يظن بعض المراقبين أن البلدان الإسلامية – العربية منها وغير العربية – من التي لم يصلها الربيع العربي، أنها بلدان بعيدة عن نسماته. ويظن آخرون أن تلك البلدان بخير وتعيش في وئام مع أنظمتها التي لا تقل قمعية وظلما عن مثيلاتها في البلدان التي بدأ الربيع يزهر فيها. إلا أن كلا الفريقين مخطئ في ظنه، فإنه وإن لم تندلع الثورات في كثير من تلك البلدان، فذلك لا يعني أنها راضية عن حكوماتها وأنظمتها، بل هي على أهبة الاستعداد لأي حزب أو قائد شعبي يقودها نحو الإطاحة بحكامها، حتى لو كان مشبوها ولا يعكس هوية الأمة الإسلامية ومطلبها بإقامة شرع الله فيها، مثل عمران خان، وطاهر القادري، وهذا يدل على مدى تعطش الأمة – ومنها أهل باكستان – للتأسي بإخوانهم في البلدان التي عصف فيها الربيع بالحكام الطغاة.
2- لقد استغل الجيش في باكستان – ومن ورائه أمريكا – هذا الشعور في إلهاء الناس عمّا يقوم به الجيش من عمليات عسكرية إجرامية بحق المسلمين في وزيرستان لصالح أمريكا واحتلالها لأفغانستان؛ كي ينشغل الناس في الخلافات بين القيادة السياسية والعسكرية الخائنتين والمتفقتين على خدمة سيدتهما أمريكا، ولكن هذا لا يعني أن القيادة السياسية والعسكرية متفقتان على القيام بالعمليات العسكرية في وزيرستان، بل كلا الجانبين له وسطه السياسي، ولكل وسط له رؤية لمصالحه، لذلك استغل الجيش تلك المشاعر للضغط على حكومة نواز والبرلمان حتى يقروا دعم تلك العمليات التي يرفضها الشعب وقطاع كبير من الجيش، وخصوصا من الرتب المتوسطة وما دونها، إضافة إلى الجنود والمقاتلين.
3- لقد دفع الجيش الباكستاني بعمران خان وطاهر القادري وحركهما لاستغلال مشاعر الناس المناهضة للنظام في الضغط على الحكومة، بعد أن أصرّت الحكومة على التفاوض مع حركة طالبان، بينما يريد قادة الجيش القيام بعمليات عسكرية ضدها تلبية لأوامر أمريكا. وبسبب مضايقة الحكومة وملاحقتها لقائد الجيش السابق (برويز مشرف)، وتمادي الحكومة في انتقاد الجيش وخصوصا وزير الدفاع ومطالبته بالاستقالة، ورغبة الجيش في عدم إسراع الحكومة في التطبيع مع الهند، لهذه الأسباب جميعها دفع الجيش بحزب عمران خان وجماعة طاهر القادري لتلقين الحكومة درساً تعرف فيه قدر نفسها فتقف عنده، ومن المتوقع أن تتعلم الحكومة الدرس وتسير في الاتجاه الذي يريده الجيش. ولكن الأمة ستظل في انتظار القائد الحقيقي الذي يقودها للقضاء على عملاء الأمة، ويقيم فيها شرع ربها في ظل خلافة راشدة على منهاج النبوة، وهو لا شك كائن قريباً بإذن الله.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أبو عمرو