خبر وتعليق الاعتداء الجنسي في روثرهام فرصة أخرى لاضطهاد الجالية المسلمة
الخبر:
كشف تقرير بتكليف من مجلس بورو روثرهام أن 1400 طفل على الأقل تعرضوا للاستغلال الجنسي المروّع في روثرهام بين عاميّ 1997 و2013. وفي كشف عن تفاصيل نتائج التحقيق، قال البروفيسور جاي: “من الصعب وصف الطبيعة المروعة من سوء المعاملة التي تعرض إليها الأطفال الضحايا”. ووجد فريق التحقيق أمثلة عن أطفال “تم صب البنزين عليهم وتهديدهم بإضرام النار فيهم، وتهديدهم بالمسدس، كما تم إجبارهم على مشاهدة حالات اغتصاب عنيفة ووحشية من ثم تهديدهم بملاقاة نفس المصير إذا أخبروا أحدا”. ويعتقد أيضا أن العديد من الأطفال الذين يولدون لضحايا الاستمالة والاستغلال الجنسي في روثرهام يتم نقلهم بعيدا عن أمهاتهم، مما يسبب لهن مزيدا من الصدمات النفسية.
وقال عامل رعاية، يعمل في دار الأطفال من 2003 إلى 2007، لل بي بي سي، أن رجالا يأتون كل ليلة تقريبا لجمع الفتيات، ويفرون باستخدام أساليب متعددة وبمساعدة سيارات أجرة. ووفقا للتقرير فقد وصف العديد من الموظفين قلقهم إزاء تحديد الأصول العرقية لمرتكبي هذه الأعمال خوفا من أن يتهموا بالعنصرية فيما ذكر آخرون بوجود أمر مباشر من مديريهم بعدم ذكر ذلك. ويعتقد بأن العديد من أفراد تلك العصابات يكونون من أصول باكستانية، كما هو الحال مع قضية روتشديل، أما الآن فقد سلط الضوء على القابلية المفترضة من الرجال الآسيويين لاستهداف الفتيات البيض البريطانيات. ووفقا لصحيفة الغارديان، فإن هذا دليل آخر على “المدى الذي حاولت فيه حكومة حزب العمال السابقة التقليل من الإجرام والتطرف بين المسلمين البريطانيين خوفا من تقويض تماسك المجتمع”.
التعليق:
من الواضح أن وسائل الإعلام الغربية والسياسيين جنبا إلى جنب يتتبعون هذه المسألة مما يجعلها محطّ مزايدة بدلا من أن تكون اعتداء جنسياً بغيضاً وعملاً إجرامياً يحدث في جميع الثقافات والأعراق. هذا لا يقدم أي عدالة للضحية، وبدلا من دراسة الأسباب الجذرية للمشكلة الخطيرة والمتنامية من الاستغلال الجنسي للنساء في بريطانيا، بدأت وسائل إعلام بريطانية في تعميم القضية على ‘المسلمين’، ‘سمر البشرة’، ‘الباكستانيين’ و’الآسيويين’. هذا النوع من التقارير والتصريحات من الحكومة ووسائل الإعلام يسبب التوترات الإثنية. تجاهل القضية الجوهرية وهي أن الأطفال، وكثير منهم في أوضاع هشة، قد تم ترويعهم وإلحاق الأذى بهم جسديا من قبل رجال انتهازيين تمكنوا من الإفلات من الحساب على جرائمهم على مدى سنوات.
وكما هو الحال مع عصابات روتشديل، فإن الإسلام يحصل على تنويه خاص، على الرغم من تصرفات هؤلاء الأشخاص المنافية للدين بشكل قاطع. فالإسلام يرفض مثل هذا السلوك وينهى عنه، ولكن عندما يشارك في هذا الفعل رجال باكستانيون مولودون في بريطانيا سرعان ما يسلط الضوء على قيمهم الدينية في حين لا تذكر ولا تثار أبدا قيم ومعتقدات نظرائهم البيض في نفس الجريمة. وبعد فضيحة جيمي سافيل، وحالات الاعتداء الجنسي الشهيرة من ولف هاريس، ويليام روش وديف لي ترافيس، وثقافة الاغتصاب في الجامعات والأرقام المتزايدة للاعتداء الجنسي على الأطفال، من الواضح أن هذه الأعمال ليست حكرا على الجالية البريطانية الآسيوية.
وفيما يتعلق بادعاء أن السلطات تجاهلت عمدا معلومات حول هذه الجرائم خوفا من أن تكون غير صحيحة سياسيا، فهذا صعب الاحتمال نظرا لمستوى الدعاية الإعلامية، ونظرا لفرح وسائل الإعلام ببث أخبار حول الجالية المسلمة عندما يتعلق الأمر بتعارضها مع “القيم البريطانية”. وعلاوة على ذلك، فمن المقبول على نطاق واسع إخفاق الشرطة والخدمات الاجتماعية باستمرار عندما يتعلق الأمر بالأطفال الذين يزعمون سوء المعاملة، ويكافحون للتعامل مع الجرائم الجنسية في جميع المجالات. ومن المعروف أن بعض المعتدى عليهن يتميزن بوجود علاقة بينهم وبين المعتدي عليهن، وبالتالي فإن النظام يكافح للتعامل مع الجرائم المنزلية.
وقد اختار هؤلاء الرجال الفتيات التي يسهل الوصول إليهن، ربما كانت الفتيات من البيض أيسر لهم من الفتيات الآسيويات. ولكن هذا لا يجعل هذه الحالة جريمة ذات دوافع عنصرية. بل هي قصة لأفراد غير مستقيمين يحاولون الحصول على الاستغلال الجنسي. هذه الأنواع من الجرائم للأسف شائعة في المملكة المتحدة، والتي يرتكبها رجال من جميع الخلفيات، بسبب القيم الهابطة التي تؤدي بهم إلى الاشتغال في مجال الخمور والمخدرات وحتى الاعتداء على النساء. وهؤلاء الرجال هم أفراد من المجتمع، وينبغي أن يكون هذا الموضوع حول سبب انتشار الانتهاكات ضد النساء والفتيات في المجتمع ككل. إن هذه القيم اللبرالية العلمانية وهذا النظام قد أفشل هذه الفتيات الشابات البريئات. هذه الجرائم هي امتداد لقيم الحرية التي يحملها الناس والحرية في إشباع غرائزهم ورغباتهم الخاصة بأي طريقة يرغبون بها. أيضا هذه الأنواع من النشاط الإجرامي، وتحديدا عصابات بيع المخدرات وغيرها هي حقا بانورما من المشاكل والقضايا المختلفة في المجتمع التي تعزز بعضها البعض.
إن الإسلام والجالية المسلمة بأكملها ليس لديهم ما يعتذرون من أجله عندما ترتكب هذه الجرائم، وليس علينا النظر إليها إلا كفرصة لتوضيح الهدف الحقيقي لوسائل الإعلام من خلال الطريقة التي تعرض بها هذه القصص وتسليط الضوء على السبب الكامن وراء هذه الاعتداءات.
كتبته لإذاعة المكتب الاعلامي المركزي لحزب التحرير
عائشة حسن