خبر وتعليق عنصرية أمريكا تقتلها
الخبر:
لماذا تحول مقتل الشاب الأسود مايكل براون إلى تمرد واحتجاجات تجاوزت مدينة فيرغسون، وامتدت إلى مدن أمريكية أخرى؟
كيف كانت ستتصرف واشنطن، لو أن أي بلد آخر كان مسرحا لمثل هذه الحادثة ومثل هذه الاضطرابات، وتفريق المتظاهرين بالقوة؟ وهل فعلا لا تزال الولايات المتحدة الأمريكية بلدا يعاني مظاهر عنصرية حادة، بغض النظر عن خطابها المنمق حول العدالة والمساواة؟
التعليق:
منذ أكثر من أسبوعين وأحداث مقتل الشاب الأسود الأمريكي مايكل براون في مدينة فيرغسون الأمريكية مندلعة، وامتدت إلى مدن أمريكية أخرى، وأكثر وسائل الإعلام العالمية لا تذكر الخبر إلا على استحياء وفي آخر الأخبار.
إن العالم يمر بأزمة قيميّة تميز بين البشر كافة سواء على مستوى اللون أو العرق أو الدين وما شاكل ذلك، وليس هذا إلا بسبب تطبيق المبدأ الرأسمالي وديمقراطيته الغربية بقيادة أمريكا التي حولت البشر إلى أعداد وآلات، فلا قيمة للإنسان في النظرة الرأسمالية الغربية إلا بقدر إنتاجه ومن ثم لونه وعرقه. ومما يُذكر أن هذه الحادثة، أي مقتل الشاب الأسود، ليست الأولى من نوعها بل تكررت أكثر من مرة خلال السنوات الماضية القليلة، فكانت المظاهرات المناهضة للتمييز العنصري هذه المرة مميزة وأكبر حجما وتنظيما بل وامتدت إلى مدن وولايات أخرى، وبالطبع هو الظلم العالمي الذي تمارسه أمريكا في العالم خارجيا وداخليا والاستهتار بأرواح البشر الذين كُرِموا دينًا وعند كل الشعوب والأمم. ومما ساهم في تأجيج تلك المظاهرات تعمق الأزمة المالية الأمريكية والتي من نتائجها البطالة عن العمل وازدياد الفقر مما يعني أن أي شرارة في تلك الدول الرأسمالية وعلى رأسها أمريكا سيؤدي إلى اندلاع ثورات قلب أنظمة تتسلط على حرية البشر وتستعبدهم بطريقة خفية وعصرية، فلا يعطى الإنسان راتبا أكثر مما يجب بل ما يكفي وشيئاً من الرفاه، وهناك وسائل حكومية ورأسمالية لامتصاص السيولة الزائدة عند المواطنين من أبناء الطبقة الوسطى وهكذا دواليك.
إن أمريكا تتعامل داخليا وخارجيا مع البشر بمكاييل مصالحها الآنية ومصالح الرأسماليين، فما يقبل في بلاد الغرب لا يقبل في الشرق وما يقبل من اليهود أو النصارى لا يقبل من المسلمين، وذلك يتنافى ودولة الرعاية العالمية المتفردة بقوتها، فالعدل أساس الملك داخليا وخارجيا وهذا ما يُفتقد أمريكياً وأمميا على مستوى العالم، وخصوصا ما يسمى مجلس الأمن ودول الفيتو الخمس، فما يحق لهم لا يحق لغيرهم، سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي حتى وصل الأمر إلى عدم احترام الكرامة البشرية والحفاظ على حياتهم، وخير مثال موضوع هذا الخبر أي الشاب الأسود الذي قتل بدم أبيض بارد.
ومثال آخر نأخذه عالميا لما يجري من عدم اهتمام عالمي بدماء البشر سواء ما يجري في غزة هذه الأيام أو ما يجري في الشام والعراق منذ سنين، فروسيا بوتين لأنها من أعضاء مجلس الأمن ولها أحقية صوت الفيتو فهي ما زالت منذ قرابة الأربع سنوات تحمي جرائم بشار في الشام وتمده بالسلاح، ورغم مقتل أكثر من مئتي ألف من البشر، فلا أحد يجرؤ على إيقاف ذلك التقتيل وتلك المهازل، فهذه شرعة الأمم المتحدة العالمية وحقوق الإنسان العالمي التي تشرع قوانينها بشريًا وبما يخدم الدُّول القويَّة.
إن العالم بحاجة اليوم إلى العودة إلى قيم راقية تحمي كرامة الإنسان ودمه وعرضه وماله، لا إلى شرعة بشرية تخدم القوي وتجعل “الذئب يحرس الغنم”، ولذا يجب على البشر البحث عن الشرعة السماوية التي تحل مشاكل العالم والأمم، وتعطي كل ذي حق حقه حتى يسود شيء من السلام والوئام العالمي ولا يبقى الظلم والتظالم سيد الموقف، وعلى المسلمين أن يعملوا لإعادة مبدأ الاسلام يحكم بينهم وينقلوه للبشرية بحضارة ورقي بعيدا عن دماء الحربين العالميتين الأولى والثانية وبقية حروب بمجملها عبارة عن حرب عالمية ثالثة قتل فيها من البشر الملايين، وما هذا الشاب الأسود في أمريكا مدعيةِ حماية حقوق الإنسان والحريات العامة إلا مثالٌ لما يحدث في العالم وينذر بما هو أكبر عالميا.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
الأستاذ وليد نايل حجازات